إن الأوشام صيحة من صيحات الموضى
لكن ما هي ابعاد الوشم وثقب الجسم بالأقراط؟
وهل هي حقاً ممارسة غير مؤذية تافهة وعادية؟
يرقى استخدام الأوشام الى الماضي البعيد فهو جزءٌ
من هوية بعض سكان بولينيزيا وأمريكا الجنوبية الأصليين والقبائل إلا ان الأوشام مرتبطة اليوم بوقائع مختلفة لا علاقة لها بالاستخدام التي كانت تخصه لها هذه الشعوب والمعنى الذي كانت تعطيه لها:
1 – تنم الأوشام عادةً عن نفسٍ تحب الظهور كما وقد تعكس في اغلب الأحيان اختلال نفسي وعدم نضوج تُظهر الشخص الذي يريد الحصول على وشم على انه صاحب شخصية ضعيفة
. فما معنى ذلك؟
في الواقع، نلاحظ مع مرور السنوات، مستوى متزايد من الاشخاص الذين يندمون ويعترفون ان الحصول على الوشم كان غلطة صبا فيحاولون عكس مفاعيله مع ما يترتب على ذلك من تكاليف وآثار سلبية ومضيعة للوقت.
فيحاول عدد كبير من الأشخاص الحصول من خلال الوشم على اعتراف الآخرين معتقدين انهم بذلك يُعيدون الى أنفسهم بعضاً من اعتزازها في حين يبحث البعض الآخر الى جذب الأنظار.
2 – تعني الأوشام في بعض الحالات ثورة على النظام الاجتماعي الموجود.
3- قد تربط الأوشام في بعض الأحيان اصحابها ببعض المجموعات التي لها أهداف معينة.
وتتكون الأوشام التي توحي بالانتماء الى مجموعات شيطانية أو الى روحانيات خاطئة عادةً من صور عنيفة وبشعة وغير محترمة فيُنظر اليها على انها مصدر قلق يذهب ابعد من المستوى الرعوي.
ولم تعلن الكنيسة رأيها رسمياً في هذا الخصوص وأعتقد انها لن تقوم بذلك أبداً.
فلا اتصور البابا مثلاً يكتب رسالةً بابوية أو ارشاد رسولي حول الموضوع
. فتُترك بعض الأمور لتقدير وحكمة الآباء الشرعيين (المطارنة والكهنة) المولجين معالجة الأمور كما هو مطلوب. إلا انه يمكننا ان نستشهد ايضاً بالكتاب المقدس
. فعلى الرغم من ان مسيحيي اليوم غير خاضعين لحكم العهد القديم، على وصية اللّه لابناء اسرائيل في ما يتعلق بالوشم ان تحثنا على التفكير: " لاَ تَجْرَحُوا أَجْسَامَكُمْ حُزْناً عَلَى مَيْتٍ، وَلاَ تَرْسِمْ وَشْماً عَلَيْهِ.
فَأَنَا الرَّبُّ" (لاويين 19: 28). إن البحث عن الاوشام لطريقة لتكييف حياتنا مع العالم وهنا يأتي كلام القديس بولس حازماً: " ولا تشاكلوا هذا الدهر، بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم، لتختبروا ما هي إرادة الله: الصالحة المرضية الكاملة." (الرسالة الى اهل رومة 12، 2). فنحن المسيحيين موجودون في العالم وغير موجودين أي لا يتوجب علينا محاكاة العالم بل محاكاة المسيح: إن الوشم ليس خطيئة إلا انه يربطنا بثقافة منافية للمسيحية وبغياب القيم
. فليكن الرب نور حياتنا المسيحية لا العالم ولا غرض ولا عقلية. وعلى احترام المسيحية للكيان البشري ان يقودنا أيضاً الى احترام الجسد والاهتمام به. "
لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم، الذي لكم من الله، وأنكم لستم لأنفسكم؟ لأنكم قد اشتريتم بثمن. فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله." (الرسالة الأولى الى أهل كورنثوس 6، 19 – 20) وبالتالي فإن جسدنا هو هبة من عند اللّه وعلينا ان نحبه ونحترمه ونعالجه ولا نسيء معاملته.
فلا تنتمي هذه العلامات بأي طريقة الى الثقافة المسيحية بل تنم عن تهور وغباء وبذاءة
. وتصبح الامور اسوأ عندما تصبح هذه العلامات رموز للتعبير عن ثورة او عدوانية أو للتأكيد على الانتماء الى مجموعات تروج لأمور غير اخلاقية.
لا تعتبر هذه العلامات لا اخلاقية بحد ذاتها، فالمعنى المراد لها هو الأساس
. فعلى سبيل المثال، إن كان الهدف من الحصول على الوشم هو اشباع رغباتنا ولفت الأنظار، يكون الوشم خطيئة.
ففي نهاية المطاف إذا ما أردنا مقاربة الأمور موضوعياً، لا يمكن اعتبار ثقب الجسد أو رسم الأوشام خطيئة إلا أن ذلك لا يعني أنها امرٌ محبذ وايجابي وملائم
. فهي ليست أفضل الأمور ولا يمكنها ان تكون اولوية في حياة المؤمن.
وليُردد كلّ واحد منا مع القديس بولس: "كل الأشياء تحل لي، ولكن ليس كل الأشياء تبني" (الرسالة الأولى الى اهل كورنثوس 10، 23 – 33)
عشر أفكار
1 – قد يكون اساس الأوشام و/أو ثقب الجسم بالأقراط حالةً قد يؤدي الى الخطيئة
. وباستطاعة كلّ واحدٍ منا ان يقيّم نفسه
. هل من قاعدة لذلك؟ " إن الخطيئة خطأٌ في حق العقل والحقيقة والتفكير المستقيم. وهي تخلي عن المحبة الحقيقية، تجاه اللّه والقريب بسبب تعلق منحرف ببعض الأشياء" (تعاليم الكنيسة الكاثوليكية 1849).
تُبعدنا الخطيئة عن محبة اللّه وعن الخير وعن القيم.
وتعتبر الخطيئة بما أنها إهانةٌ للّه قطيعةً معه ومع الخلاص.
السبت أكتوبر 18, 2014 6:11 pm
