أين هم الفقراء؟
-----------------------
مَن لم يسمع يومًا أو لم يشهد قصّة شخص من جيرانه وُجِد ميتًا على
بعد خطوات منه دون أن يدري به أو يشعر بما يحصل له؟
لا يجدر بنا أن نخدع أنفسنا، فالفقر موجود بيننا، وأحيانًا على باب بيتنا.
وسواء كان واضحًا أم مبهمًا، ظاهرًا أم خفيًّا، فهو حاضر في كل مكان.
--------------------------------------------------------------------------------
" نحن جميعًا فقراء في وقت أو في آخر، ساعة عدم الفهم أو الفشل أو المرض أو الموت".
مثل هذا التأكيد الذي نسمعه غالبًا يجعلنا نفكّر أوّلاً في الفقر الماديّ.
فساعة الموت، في الواقع، لا يعود لدينا شيء، ونترك هذا العالم دون
ثرواتنا. كما أنّ هذا التأكيد يوحي بشكلٍ آخر من أشكال الفقر، شكلٍ
أكثر دقّة وخفاء، يتعلّق بأوقات الألم الأدبيّ أو النفسيّ أو الروحيّ.
هل يلتقي هذان الوجهان من أوجه الفقر: الفقر الماديّ والفقر الروحيّ ؟
أم إنّهما من مستويَين مختلفين؟ ألا يواجه الأغنياء والفقراء في حياتهم
اليوميّة، برضاهم أو بالرغم منهم، الأوضاع عينها، أو أوضاعًا إن لم تكن
بالضرورة متماثلة، فهي تثير الأسئلة عينها وتُظهِر في القلب أو النفس
ردّاتِ فِعلٍ لا علاقة لها بمحفظة النقود ومحتواها؟
أبعد من الفوارق البديهيّة بين شكلَي الفقر الماديّ والروحيّ، هناك أمور
كثيرة تربط بينهما، ويكفي للتذكير بها مثلُ هذا التأمّل البسيط في الألم
والفشل والموت.