لـقب “ابْنُ الإِنْسَانِ”

هـذا اللـقب “ابْنُ الإِنْسَانِ”،
 اختـاره المســيح ليُخفي به لقب “المسيَّا”،
الذي كان اليهود يستخدمونه في تمنياتهم وانتظارهم،
 باعتباره الملك الآتي، ابن داود؛ لكي يردَّ المُلْك لإسرائيل
ويُقيم مملكة داود النبي حسب النبوات التي فسَّروها لحساب نُصرة إسرائيل
على الأمم وعلوِّ مملكتهم على ممالك العالم.


وفي نفس الوقت ليستعلن بهذا اللقب عينه حقيقة المسيح
 التي غابت عن ذهن اليهود أنه “ابْنُ الله”
وصاحب الملكوت السماوي لحساب الآب،
وهو لقب المسيَّا الحقيقي في نبوة دانيال النبي...



...أما علامة ابن الإنسان التي ستظهر في السماء وتقطع بأنه هو هو،

فهي جوقة القديسين، الذين سنعرفهم بأسمائهم، من حول الرب؛

 وبذلك لن نخطئ معرفته...




...ولا يخفى عليك، أيها القارئ الحبيب اللبيب،

 أن المسيح حينما يقول هنا عن يوم مجيء ابن الإنسان،

 فهو يتكلم عن نفسه.

 فالمسيح يتوق أن يتراءى في وسط محبِّيه كعريس حقيقي

يخطف حبُّه وجماله قلوب مُحبِّيه.

فالعريس لا يصبح عريساً إن لم تكن له عروسٌ أي عذارى ساهراتٌ...




...فالمسيح قلق علينا، يسأل عن إيماننا حتى إذا جاء يتمجد وسط قديسيه،

 ويسأل عن سهرنا حتى يجيء وسط تهليل مُنتظريه.

وهو بهذا وذاك ينقل إلينا قلقه من جهتنا حتى لا نستهين بالزمان،

 فيضيع الخلاص من قلوبنا ظلماً، ونسوِّف العمر باطلاً،

فيأتي زمان الحصاد وإذا البذار قد أكلتها العصافير...




...أما علاقة “ابْنُ الإِنْسَانِ” بالله،

فيشرحها المسيح أنها هي علاقة المسيح عينها بالله الآب هكذا: »

وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ،

ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ «(يو 13:3)...

وأما لماذا اتخذ المسيح لقب ابن الإنسان فيما يخصُّنا نحن؟

فالمسيح باتخاذه لقب ابن الإنسان، يوضح عملياً وبصورة حتمية العلاقة

بينه كممثل للبشرية “ابْنُ الإِنْسَانِ”،

 وبين الله أبيه كنموذج أعلى لما تنتهي إليه الإنسانية المختارة

والمتحدة في الابن من نحو الله الآب.




 فالمسيح يحمل البشرية المفديَّة في السماء ويمثلها كرأس أمام الآب.

هنا يفديها باعتباره المسيح، وهناك يمجِّدها كإبن الإنسان أمام الآب.

 فابن الله في صورته الأزلية، نزل من السماء كإبن الإنسان

 ليجمع في شخصه البشرية المختارة ويصعد بها إلى السماء،

لتنال ميراثها في ميراثه كإبن الله، وتقف فيه أمام الله مقدَّسة

وبلا لوم تسبِّحه إلى الأبد...