وسط الغابات

اعداد راهبات دير القدّيس يعقوب الفارسيّ المقطّع

وسط الغابات

كان هذا الرجل الأسود يسير بجوار مزرعة خيول عندما خرج عليه الرجل الأبيض صاحب المزرعة، واتّهمه بأنّه يجول حولها بغرض السرقة، فأخبره أنّه عامل راجع إلى بيته، وصدف له أن مرّ بجوار المزرعة، فاختصر الطريق ليعود سريعًا لأنّه منهك من التعب. ولكنّ صاحب المزرعة لم يقتنع، وأمر بقطع يد العامل، فقطعوا له كفّه، وعاد هذا الرجل حزينًا متألّمًا إلى بيته، وهو يشكو إلى الله ظلم صاحب المزرعة العاتي.
مرّت الأيّام، وخرج الرجل الأبيض، ذات صباح، لقضاء بعض الأعمال، فضلّ الطريق بين الغابات الكثيفة، ومن التعب جلس تحت شجرة ونام. ولمّا استيقظ من نومه، وجد شخصًا أسود اللون يُقدّم له كوبًا من اللبن الطازج، فشكره شكرًا جزيلاً. ولكن ما لبث أن فغر فاه منذهلاً، إذ لاحت منه نظرة إلى يد الرجل الأسود الأخرى، فوجد كفّه مقطوعة. وعندما تمعّن في وجهه، عرف أنّه هو الرجل الذي قطع له كفّه، فخاف جدًّا، وظهرت عليه علامات الرعب الشديد، فقال له الرجل الأسود: "لقد حاربتني فكرة الانتقام منك، ولكنّني قاومتها بشدّة، إذ لا يليق بي إلاّ أن أكون شبيهًا بسيّدي المسيح الذي مات من أجل الذين صلبوه".

أحبّاءنا، إنّ التفكير المنطقيّ يدفع الإنسان للانتقام من المُسيئين إليه، ولكنّ محبّة المسيح تُشفق على المُسيء، لأنّ الخطيئة ضعف وليست قوّة، وتحتاج لمن يُعالجها بالحبّ ليُعيد هذا المُسيء المسكين إلى الله.
كان المسيح في كمال قوّته عندما قيّد الشيطان بموته على الصليب، وأنت، أيضًا، تكون في كمال قوّتك عندما تتخلّص من الكراهية نحو المُسيئين، فتسامحهم وتصلّي لأجلهم، وتسعى لمساعدتهم حتّى لا يُحرموا، هم أيضًا، من ملكوت السماوات، ملتمسًا العذر لهم في أخطائهم، وناظرًا فيهم صورة الله.

"إن جاع عدوّك فأطعمه. وإن عطش فاسقه. لأنّك إن
فعلت هذا تجمع جمر نارعلى رأسه"(رومية12: 20).

"إن جاع عدوّك فأطعمه.
وإن عطش فاسقه. لأنّك إن فعلت هذا تجمع جمر نارعلى رأسه"
(رومية12: 20)

وسط الغابات 1272095092

موضوع: رد: وسط الغابات الإثنين مايو 18, 2015 7:55 pm