هبّت عاصفة شديدة على المحيط الأطلنطي، وكانت هناك سفينة تُصارع الأمواج،
وهي تتكسّر في منطقة صخرية، وعلى وشك الغرق. على طول الشاطىء أشعلت النيران،
لعلّها تساعد وتهدي مَن هم في حاجة إلى مساعدة. وبالرغم من الظلام واشتداد العاصفة الهوجاء،
فقد أعدّ قارب للنجاة، وذهب الكثيرون في اتّجاه السفينة التي تصارع الأمواج.
وبالفعل استطاعوا إنقاذ كلّ مَن كانوا على ظهر السفينة الغارقة ما عدا رجلاً واحداً.
وعلى الشاطىء كان يقف " جون هولدن " الذي صرخ مخاطباً الرجا
:
" هل نجحتم في إنقاذ كلّ مَن في السفينة ؟" فأجابوا:
" نعم، ما عدا رجلاً واحداً." فقال لهم: " ولماذا لم تستطيعوا إنقاذه ؟ "
فأجابوه: " إنّ قوانا قد خارت تماماً، ولو انتظرنا قليلاً لكان البحر ابتلعنا."
" مَن يذهب لإنقاذ هذا الرجل المسكين الذي يصارع الأمواج ؟"
فتبعه ستّة من الرجال الأقوياء. فما كان من أمّه التي كانت تقف بجواره،
إلا أن أحاطت عنقه بيديها، وقالت وهي تستعطفه:
" جون، لا تذهب يا ابني وتخاطر بحياتك، فأبوك قد ابتلعه البحر قديماً،
وأيضاً وليم أخوك ذهب في رحلة بحرية منذ سنتين ولم يعد حتى الآن. جون ...
أنت العائل الوحيد لي، وأنا أحتاج إليك. فمن سيعتني بي إن غرقت في البحر الهائج ؟
بهدوء ولطف، أجاب " جون هولدن: " يا أمّي هناك شخص يغرق أمامنا،
ويجب أن أذهب لأنقذه. ولو ابتلعني البحر وغرقت فإنّ الله سيعتني بك.
إنّي أثق أنّه سيفعل، فهو لا يغيب أبداً." ثمّ قبّل أمّه، واتّجه نحو قارب النجاة،
ومضى يصارع الأمواج الثائرة إلى أن وجد حطام السفينة الغارقة،
ووجد شخصاً ما زال متعلّقاً بحطام السفينة، فأخذه في القارب، ورجعوا بسلام.
وعند اقترابهم من الشاطىء، صرخ رجل كان في انتظارهم قائلاً:
" هل أتيتم بالشخص المفقود ؟".
فأجاب " جون هولدن " بصوتٍ عالٍ، وبنبرة متهدّجة: "
لقد أتينا بالرجل سالماً.
أخبروا أمّي أنّ هذا الرجل الذي أنقذناه هو وليم أخي."