طفلة أصبحت بدون أب ولا أم ولم يتعدى عمرها سبع سنوات، كان لها خال تظاهر بحنان قلبه وأخذها ليربيها مع أولاده، لأنها لم تكن تستطيع العيش بمفردها.
استمرت معه بضعة شهور، لكن لأن زوجته لم تكن راضية عن هذا الوضع، أخذت تضايقها بأساليب لا تطاق، فكانت الطفلة تبكي وحدها في فراشها، وتعاتب الله: لماذا أنا؟ بابا مات، قالوا لي ماما ستكون لي بابا وماما، تقوم تأخذ ماما كمان، سايبني ليه؟ علشان مرات خالي تضايقني وتقولي أمسحي ونضفي؟ يا رب لو بتحبني وديني لبابا وماما، أرجوك يا رب.
إزاء ذلك قرر الخال أن يضعها في دار أيتام، ومع أن الدار لم تكن بالوضع الذي كانت تعيش فيه مع أسرتها سابقاً، إلا أنها تحملت كل هذا.
ذات يوم قررت إدارة الدار أن تقوم برحلة إلي حديقة الحيوان، وكانت الطفلة ضمن الرحلة. أثناء الزيارة ضلت من فريق المسئولين، ولم تدري كيف تعود إليهم، ولسوء الحظ خرجت خارج الباب. الآن هي في الشارع، تائهة لا تدري ماذا تفعل.
من شدة الصدمات المتتالية فقدت القدرة علي التحدث. وجدها شخصُ حاول أن يعرف من هي ومن أين أتت؟ فلم تستطع الرد إلا بدموعها. فسلمها إلي قسم الشرطة، وهناك حاول الضابط أن يستجوبها فلم تستطع أن تجيب سوي بالبكاء. أعتقد الضابط أنها من ذوي الاحتياجات الخاصة، فقرر تسليمها إلي مستشفي الأمراض العصبية والنفسية. وبذهابها إلي هناك ازدادت حالتها سؤً، ومسئولو دار الأيتام ـ بسبب الخوف من المسئولية القانونية ـ لم يقدموا بلاغاً رسمياً بفقدانها وظلوا يبحثون عنها بأنفسهم.
الخال الذي لم يسأل عنها حتى ولو مرة واحدة، وصله إخطار من شركة تأمين يوضح أن الطفلة قد ورثت عن والدها مبلغ ثلاثة ملايين جنيه، فقرر هو وزوجته أن يسترداها من دار الأيتام لينوبهم من الحب جانب، لكنه فوجئ بفقدها من دار الأيتام.
حينما عرض أمر الميراث علي الدار تحركت الإدارة بسرعة، لأنه في حالة حضانة طفلة لها ميراث، سيكون للدار نصيب فيه. قدمت الإدارة بلاغاً بفقدان الطفلة. ثم عرفوا أنها في مستشفي الأمراض العصبية والنفسية. فذهب الخال وإدارة الدار بحثاً عن الطفلة، لكن عندما وصلوا إلي المستشفي، قالت لهم إدارة المستشفي إن الطفلة عند وصولها إلينا لم تكن لديها القدرة علي التحدث، وذلك لتعرضها لصدمة عصبية أقوي من قدرتها على تحملها وإنها قد توفت بعد وصولها إلي المستشفي بثلاثة أيام، وهذه هي شهادة الوفاة بدون أسم لعدم استدلالنا عن اسمها.
لقد استجاب الله طلب الطفلة الصغيرة، وهي الآن مع والديها.
لكن الخال لا زال يحلم بالملايين، فذهب إلي المحامي ليقول له إنه الوريث الوحيد، إلا أن المحامي صدمه بقوله إن والد الطفلة ترك وصية بأنه في حاله وفاة الطفلة يُسلم الميراث إلي صندوق دير البابا كيرلس السادس بالطاحونة بزهراء المعادي.
فتأمل الخال في حاله بخيبة أمل وحزن شديد: تسببتُ في موت ابنة أختي، ولولا الميراث ما كان أحد يدري بموتها ولا كانت المستشفي ستعرف الاسم الواجب كتابته في شهادة وفاتها.
+«وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَسْلِبُوا حَقَّ بَائِسِي شَعْبِي وَيَنْهَبُوا الأَيْتَامَ»(راجع إش1:10و2).
+«اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ النَّقِيَّةُ عِنْدَ اللهِ الآبِ هِيَ هَذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى»(يع
الأربعاء أبريل 08, 2015 7:22 am
