قصة اليوم : اللقمة الشريفة
أراد رجل أن يلقّن ابنه درساً في الاعتماد على النفس والكدح في سبيل اللقمة الشريفة، فيعيش عزيزاً أبيًّا بدل أن يُذلّه الناس بالاحسان اليه. فأرسله في تجارة له. وصدف أن شاهد الشاب في أحد أسفاره ثعلباً شاخ وهرم حتى عجز عن المشي إلا زحفاً. فقال الشاب في نفسه :"يا لله! كيف يستطيع هذا الحيوان أن يعيش وهو لا يقوى على الصيد؟!" وإنه لفي تفكيره، اذ أقبل سبع يحمل فريسة بين فكّيه فربض يمزّقها ويأكل منها ما شاء. حتى اذا شبع، ترك ما تبقى وابتعد. فقام الثعلب وأكل ما فضل عن الاسد. فقال الشاب: "سبحانك يا الله ! ترسل للثعلب رزقه وهو لا يتحرّك من مكانه، في حين يريدني أبي على الكد والتعب والتعرّض للأخطار". وقفل راجعاً الى أبيه يقصّ عليه ما شاهده. واذا بالأب يقول له بلهجة تنضح عزة نفس وإباء : "أرسلتك تكدّ وتحصّل لكي تكون سبعاً تعيش الثعالب من فضلاتك، لا ثعلباً تنتظر فضلات السباع!".
نعم إن الله يعتني بطيور السماء فيهب كل طائر رزقه. ولكن لا يلقي له الرزق في عشّه، بل يدفعه بالغريزة الى التفتيش عنه. فهل يليق بالانسان الشريف أن يحمل منّة الغير، ويتنزّل عن كرامة نفسه، ليكون عبداً لمن يجود عليه. إن النفس شريفة اذا هي أعانت محتاجاً بسبب عجزه، لكهنا دنيئة أن تركت السعي والكد لتعيش على حساب الغير أيًّا كان. وليس هذا فحسب، بل أن الانسان الاتكالي، انما هو لص يعيش من تعب الغير. أو كما يسمّيه القديس فرنسيس "ذبابة تعتاش من أوساخ الغير".
يقول الروح القدس : "لا تحب النوم لئلا تفتقر، افتح عينيك تشبع خبزاً" (ام20 : 13).