قصة اليوم : يا لها من مباراة!
في إحدى ليالي نيسان من سنة 1958، هاجم نفر من المراهقين العابثين، شاباً من كوريا الجنوبية، يتلقى العلم في جامعة فيلادلفيا، وقتلوه بغية سلبه ما يحمل من نقود لانفاقها على لهوهم. فثار الرأي العام الأميركي وضجّت الصحافة لهذا الإجرام وطالب الجميع بإنزال أشدّ العقوبات بالمجرمين.
وبلغ الخبر عائلة الشاب القتيل في كوريا، وهالهم هياج الرأي العام والصحافة على المجرمين فكتبوا رسالة الى عمدة فيلادلفيا، جاء فيها:
"اجتمعت العائلة وقرّرت استرحام السلطة في معاملة القتلة قدر ما تسمح به قوانين البلاد. وبرهاناً على صدق شعورنا هذا، اتفقنا على جمع التبرعات من أفراد العائلة لتأسيس دخل يُرصَد رَيعه لتربية هؤلاء المراهقين دينياً وأخلاقياً واجتماعياً بعد العفو عنهم.
فكان لهذه الرسالة وقع الصاعقة في أهل فيلادلفيا. لماذا كل هذه السماحة في الأخلاق يا ترى، وما معنى هذه الرحمة والحنان؟ وعُرِف السبب وذاعت هذه المكرمة وانطلقت الألسنة بالمديح والإكبار. ذلك أن عائلة الشاب القتيل مسيحية متدينة. ولقد ذاقت الأهوال من اليبانيين بسبب معتقدها الكاثوليكي: وهذا ما زادها رسوخاً في الدين، وتمسكاً بروح الإنجيل.
وأبَت عزة نفس أهالي فيلادلفيا إلا أن يفرضوا تعويضاً على بلدتهم. فجمعوا التبرعات لتأسيس منحات دراسية دائمة لشباب من كوريا، ولإرسال كميات من الحليب الى أطفال كوريا الفقراء.
الأحقاد تقتل وتُفني والمحبة وحدها تصفح وتبني وتفجّر الخير والسلام والسعادة.