قصة اليوم : حيرة أب
ماتت الزوجة وتركت لزوجها فتاتين صغيرتين فأفنى الاب حياته على ابنتيه وأخذ يعمل جاهداً ليوفر لهما الحياة السهلة حتى تزوجتا.تزوجت البنت الكبرى بستانياً يعيش مما ينتجه بستانه الخاص من ثمار تأتيه بمال كثير. وتزوجت البنت الاخرى فخارياً يصنع الآنية من الطين على أشكال مختلفة ويجففها في الشمس ثم يحرقها في الفرن ويبيعها ويعيش مع زوجته في سلام وقناعة.
وذات يوم أراد الاب أن يزور ابنتيه ويتفقد أمرهما ويطمئن عليهما وبدأ بزيارة ابنته الكبرى زوجة البستاني فرآها تعيش في رغد من العيش سعيدة مع زوجها الذي يبذل جهده في سبيل ارضائها واسعادها .
وقضى الاب أكثر من نصف النهار وهو فرح بما رأى من سعادة ابنته في حياتها الزوجيه وبعد العصر قام قاصداً زيارة ابنته الاخرى زوجة الفخاري وفيما هو يودع ابنته الكبيرة وزوجها قال لها: ماذا تحبين يا ابنتي العزيزة أن اسأل الله لك في صلاتي؟
قالت البنت ادع الله يا أبتي في صلاتك أن يرسل لنا السحاب الممطر حتى يرتوي الزرع وينمو ويثمر الثمر الكثير.
وذهب الاب الى دار ابنته الاخرى وقضى معها ومع زوجها بقية النهار وسرّه ما رأى من محبة ووفاء وتعاون واخلاص. حلّ المساء وأراد الاب أن يعود الى قريته فالتفت الى ابنته وسألها أي شيء تريدين فأدعوا الله تعالى أن ينعم به عليكما ؟ قالت الابنة نحن يا أبي في خير وعافية ولا نريد الا شيئاً واحداً نسأل الله تعالى أن يبعده عنا، إنه المطر الذى يتلف الاواني الطينية الطرية التي يصنعها زوجي، اسأل الله تعالى في صلواتك أن يجعل السماء صافية دائماً والشمس مشرقة حتى تجف سريعاً الاواني التي يصنعها زوجي.
وصار الاب في طريقه الى قريته وهو حائر يفكر اي الطلبين يسأل الله أو أي الفتاتين يفضل على الاخرى؟
ولم يمكنه بعد أن أدّى صلاته المسائية الا أن يركع في خشوع لله ويقول : سبحانك يا رب أنت الاله العظيم، أنا متحيّر، أي طلب من طلبات الفتاتين أسألك ولكنك القادر على كل شيء، أنت الذي تشبع الجميع وترضي الجميع على اختلاف احوالهم وطلباتهم، وتدبر الكون بحكمتك العالية وقدرتك القادرة، ولايسعنى الا أن أسلّم لك الامر وأقول : لتكـن مشيئتـك .