قصة اليوم : قلب شهم
كان أحد الكهنة يتنزّه في غابة وبين يديه كتاب الصلاة يتلو فيه فرضه الكنسي. وفي غفلة منه وقع الكتاب من يده وتطايرت منه صور القديسين. وإذا بطفل في الثامنة من عمره يركض وراء الصور يجمعها ثم يقدّمها للكاهن بابتسامة بريئة وعينين برّاقتين. نظر اليه الكاهن بكل حنان وسأله "ماذا تعمل هنا يا بنيّ؟" أجابه الطفل "كنت ذاهباً لألعب مع رفاقي فناداني جارنا وهو شيخ فقير وقال لي "يا جان أنا بردان! فهل تذهب يا صغيري وتجمع لي قليلاً من الحطب لاستدفىء؟" فجئت آخذ له بعض الحطب. وكم سيكون المسكين مسروراً حين أعود إليه".
يا له قلباً شهماً، قلب الطفل جان! حرم نفسه من الذهاب مع رفاقه رحمةً بالشيخ البردان. ولقد كافأه الله بهذه السعادة التي كانت تتلمع في عينيه، والفرح الذي يفيض على وجهه، لأنه ضحّى باللعب ليستدفىء الشيخ.
وكم في الدنيا من أمثال جان، لا يتراجعون عن أية تضحية ليدخلوا المسرّة الى قلوب المعذّبين أو المحرومين، فيبذلون كل ما وفّروه ليبتاعوا باقة زهر لمريض، أو بعض الحلويات ليتيم محروم، أو لعبة لطفل فقير...
وهناك فتيات، أقرب الى الملائكة منهن الى البشر، يرفضن أحسن عروض الزواج ليتكرّسن لله في خدمة المرضى أو العناية بالعميان أو الأيتام أو العجّز؛ أو يتركن الوطن والعائلة الى بلاد بعيدة في سبيل التبشير بالمسيح ونشر تعاليم الإنجيل المقدّس.