((ما هو زمن التريودي.... هو زمن التخشع والتوبة والعودة إلى الأحضان السماوية ويبدأ من أحد الفريسي والعشار وينتهي في السبت العظيم المقدس)) (( الأحد القادم يبدأ زمن التريودي ))
تدخلنا الكنيسة المقدسة الأحد القادم في زمن التريودي
وتعني الكلمة التسبحة الثلاثية
فالتريوذي هو كتاب يحوي قوانين صلاة كل قانون مؤلف من 3 تسبحات .
لهذا الكتاب مشاركة في كل صلوات الآحاد ويحوي صلوات تملأ القلب بالتقوى واللجوء إلى الله ويتم العمل به من أحد الفريسي والعشار ولغاية السبت الكبير المقدس المعروف بسبت النور .
وهو زمن التخشع والتوبة والعودة إلى الأحضان السماوية ويبدأ من أحد الفريسي والعشار وينتهي في السبت العظيم المقدس.
وهو يبدأ بأحد الفريسي والعشار وفيه نرتل طالبين الى الله أن يفتح لنا أبواب التوبة اذن فهو زمن التوبة زمن العودة والرجوع الى الله ففيه نبدأ بالاتضاع مع العشار المنسحق
ثم نعود مع الابن الضال الى الأحضان الأبوية وثم نقف أمام الدينونة في مرفع اللحم ونتهيأ لدخول الفردوس في مرفع الجبن وهكذا تهيئنا الكنيسة لخوض رحلة الصوم المباركة لننال في نهايتها الجعالة بعد أن نكون قد خضنا ميدان الجهادات الروحية فرحين بصعودنا مع السيد الجلجلة المقدسة لننزل معه الى الجحيم ونقوم منتصرين على الموت بالرجاء بالقائم من بين الأموات.
ان عيد الفصح، تذكار قيامة السيّد المسيح، هو عيد الأعياد في الكنيسة الأرثوذكسيّة، إذ لولا القيامة لما كانت المسيحيّة نشأت أصلاً. وهذا العيد هو بمثابة الذروة التي تبلغ إليها العبادة الأرثوذكسيّة، وهل من عيد أكثر أستحقاقاً من عيد الفصح بالفرح، وهو العيد الذي أدخل الفرح إلى حياة الناس إذ قضى على الموت، عدوّ الإنسان، قضاءً نهائيّاً؟
والكنيسة تهيّئ المؤمنين لاستقبال هذا العيد بزمن مبارك هو زمن الصوم، الذي تستعمل الكنيسة فيه كتاب صلوات اسمه "التريودي". هذا الكتاب يضمّ بين دفّتيه الكثير من الصلوات التي يحمل مضمونها أهمّ معاني الصوم وعلى رأسها التوبة والعودة إلى الله والاستعداد للعيد العظيم. ويغطّي كتاب التريودي عشرة أسابيع من حياة الكنيسة العباديّة، تبدأ بالأحد المسمّى "الفرّيسيّ والعشّار" وتنتهي بالأسبوع العظيم المقدّس الذي يسبق عيد الفصح.
ثمّة فترة للتهيئة للصوم، وهي تدوم شهراً ويتخلّلها أربعة آحاد:
اختارت الكنيسة مثل "الفرّيسيّ والعشّار" في الأحد الأول كمثال يحتذى عند المؤمنين للتواضع والتوبة، وهما الباب الذي لا بدّ منه للدخول في الصوم.
يأتي بعده أحد " الابن الشاطر" الذي تشدّد فيه الكنيسة على محبّة الله اللامتناهية، تلك المحبّة التي تقبلنا إذا عدنا من اغترابنا إلى أبينا الذي يبقى أميناً على محبّته مهما ابتعدنا.
ثمّ يأتي أحد "مرفع اللحم" الذي تقرأ فيه الكنيسة إنجيل الدينونة والمجيء الثاني للسيّد المسيح، وفيه أيضاً يكمن البعد الاجتماعيّ والتكافل بين البشر، فالمسيح موجود في الفقير والمسكين والجائع والعطشان والأسير، ومَن يساعد أحد هؤلاء المستضعَفين فكأنّما ساعد المسيح نفسه. وهذا يعني أنّه ينبغي أن نبحث عن المسيح في الفقراء والمحتاجين وليس فقط في الكتاب المقدّس والكنيسة والصلاة. ويسبق هذا الأحد السبت المكرّس لتذكار الراقدين، فالموت يعيد الإنسان إلى تراب الأرض ولكنّه، في الآن عينه وبنعمة المسيح، عتبة الحياة الأبديّة.
الأحد الرابع هو أحد "مرفع الجبن"، أي اليوم الأخير قبل الصوم. وتدعونا الكنيسة في الأسبوع الذي يسبق هذا الأحد إلى السلوك كالنسّاك القدّيسين والاقتداء بهم. أمّا الموضوع الرئيسيّ لأحد مرفع الجبن فهو موضوع الغفران. الدخول في الصوم يتطلّب أن يتبادل كلّ إنسان مع أخيه الإنسان الغفران والمسامحة.
ثمّ يأتي الصوم الأربعينيّ المقدّس ويتخلّله خمسة آحاد، هي:
"أحد الأرثوذكسيّة" الذي تحتفل فيه الكنيسة بتذكار انتصار الأيقونات المقدّسة. وهذا الاحتفال هو على رجاء أن يكتمل السعي الصياميّ بتحوّل كلّ مؤمن إلى أيقونة حيّة.
ثمّ يليه أحد "القدّيس غريغوريوس بالاماس"، الذي دافع عن حقيقة الوجود الفعليّ للنور غير المخلوق فينا، هذا النور الذي يكلّل الصائم، فيتحوّل هو نفسه نوراً للعالم.
الأحد الثالث هو أحد " السجود للصليب المكرَّم" . رفع الصليب في منتصف الصوم هو علامة فرح لا حزن، ظفر لا خذلان، حياة لا موت. وفيه ترنّم الكنيسة للرباط الذي لا ينفكّ بين الصليب والقيامة: "لصليبك يا سيّدنا نسجد ولقيامتك المقدّسة نمجّد".
ثمّ يأتي أحد "القدّيس يوحنا السلّمي"، الذي كانت حياته نموذجاً للإنسان الحامل الصليب، ونموذجاً نتمثّله في سلوكنا دروب الخلاص. ويمدح التريودي من خلاله فضيلة النسك، لأنّه لا يكفي أن نكرّم الصليب في نور القيامة بل يجب أن ننقله إلى حياتنا هذه لنيل الخلاص.
الأحد الخامس هو أحد "أمّنا البارّة القدّيسة مريم المصرية "، التي تُعتبر سيرتها خير موجز لسيرة المؤمنين جميعاً. لقد ابتعد الإنسان عن الله، وإذا تاب يحظى، وهو على هذه الأرض، على النعمة والبركة والحياة الحقّ. ومن معاني سيرتها أيضاً أنّ الخلاص مجّانيّ وهو باب مفتوح للجميع.
ينتهي الصوم الأربعينيّ المقدّس بتذكار " إقامة لَعازر " نهار السبت الذي يسبق أحد الشعانين. ثمّ يأتي صوم الأسبوع العظيم المقدّس. إقامة لعازر هي صورة للفصح العظيم وتمجيد لقوة الله وسلطانه في الأرض.
إنّ التريودي يحتوي على أهمّ الصلوات التي تحثّ على التوبة والمصالحة.
ففي أحد الفرّيسيّ والعشّار نبدأ بترنيم القطعة الرائعة: "إفتح لي أبواب التوبة، يا واهب الحياة"، والتوبة تعني "تغيير الذات جذريّاً" و"التجدّد". وهذا يتطلّب قوّة إرادة وفعل: "ها آوان التوبة فلنطرح اعمال الظلمة ونتدجّج بأسلحة النور لكي نجوز لجّة الصيام العظيمة ونبلغ إلى قيامة ربّنا".
كذلك الصوم، كالتوبة، طريق إلى الحياة الأبديّة طالما أنّ فعل المحبّة يواكبه: "إنّ الأوان أوان التوبة وجهاد الصيام يسبّب لنا حياة أبديّة إن بسطنا أيادينا إلى الإحسان، لأنّ ليس شيء ينقذ النفس كمواساة المحتاجين".
مَن صام، فعليه أن يشارك في صلوات الكنيسة خلال الصوم، ولا سيّما منها صلاة السّحَر، التي تسبق القدّاس الإلهيّ، حتّى ينتفع من الصلوات التي تتلوها الكنيسة من كتاب التريودي المليء بالمعاني التي تعرّف المؤمنين بجدوى الصوم والصلاة. فيدركون لماذا هم صائمون ويغتنون روحيّاً لخلاصهم.
دعونا نتسامح ونترك لبعضنا بعضا كما علمنا السيد له المجد في الصلاة الربانية ونبدأ موسما جديدا يمتد معنا ويحملنا الى حياة جديدة في المسيح يسوع ربنا فهو جاء لتكون لنا الحياة وتكون لنا أوفر فلا نبذر أيامنا دون جدوى بل فلنصرخ مع المرتل قائلين أهلنا يارب أن نحفظ على الدوام بدون خطيئة .