الغضب :
يقول الرب: " إن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم". والغضب هو داء البشرية المتأصل فيها، فهو من مواريث البعد عن الله.
ويرثه الطفل ويبدأ ينمو معه، فهو يلازمه منذ الرضاعة، ويشب معه فى دور الصبا ويتمكن منه، إذا لم يعالج بالمحبة والتأديب. فإذا بلغ معه إلى الشباب دون أن تقلع بذوره، يستبد به فى الرجولة ويصبح داًء مخرباً.
وغضب الكبار إذا كانوا أصحاب رئاسات، فإنه ينذر بالإيذاء الظالم والعقوبات الهوجاء، التى تخرب البيوت وتجر إلى الحروب بلا تمييز. لذلك أصبحت معالجة الغضب بالوسائل المناسبة فى دور الطفولة من أعظم الواجبات الملقاه على الأب والأم، أما إذا استفحل الأمر فبالتأديب الصارم. ولكن فى دور الشباب والرجولة لا علاج للغضب إلا بروح المسيح والإنجيل، وتلقين روح المحبة.
لأن الغضب ربما يكون بدافع شيطانى للتخريب، لذلك لزم دخول عنصر المحبة بكل وسيلة ممكنة، وبإغراء الهدايا والمال، ولكن يلزم أن تكون المحبة من قلب الأب والأم والكاهن عن حق وعطف أبوى.
وتوضيح الرب أن الغضب قد يكون باطلاً، يعنى بسبب أمور العالم الباطلة. أو يكون الغضب نفسه بسبب فساد الفكر وانحراف أخلاقى متأصل. هذا جعله الرب مستوجب الحكم، أى بعقاب قضائى، وهو آخر مستوى التعليم والتأديب من جهة الأب والأم. والغضب يعنى غياب التعقل وإعطاء الغريزة الحيوانية فى الإنسان فرصة انحلالها، لذلك يلزم جداً التحكم فيها منذ الصغر، واجتزازها بالتأديب الصارم وبدء زرع روح التسامح والحب مبكراً، ودراسة الإنجيل والكتب الروحية الملهمة التى تزرع فى القلوب بذرة الإيمان والصلاة والصوم.
لأن عنصر الغضب فيه لمسة من الشيطان مؤذية، لذلك لزم الصوم والصلاة لأنه العلاج الوحيد لقلع بذرة الشيطان، التى تكون قد انزرعت خلسة فى القلوب المبتعدة عن الصلاة والصوم والذهاب لسماع العظات فى الكنيسة.
علماً بأن الغضب هو بداية حركة معادية لروح السلام والمحبة. لذلك أصبح غرس المبادىء القائمة على روح السلام والمحبة أمراً فى غاية الأهمية، لتخليص النفس من سلطان الغضب الذى يزرعه العدو فى قلوب المتحررين الرافضين للتعليم والتوبيخ.
وقول المسيح إن الغضب الباطل مستوجب الحكم، يعنى أن الغضب قد استفحل ضرره وأصبح وبالاً على الأسرة والمجتمع والدولة، وغاب عن الشخص روح التأديب والتعليم والمحبة والسلام.
فعقوبة الحكم، أى تأديب القضاء، أمر مشين جداً فى حياة الإنسان ونقطة سوداء فى تاريخ الأسرة. من أجل هذا وضع المسيح هذه الآية لتكون إنذاراً للمتولين على تربية الأولاد والشباب.
وفى ظنى أن دخول روح الإنجيل فى الطفل وتعليمه آيات المحبة والصفح، هى أولى الوسائل وأقدرها على تطبيع روح الطفل منذ الصغر، قبل أن يستفحل فيه الغضب ويصبح تطبعاً مكتسباً.
وكلمة الإنجيل للأولاد الصغار هو زرع جيد للأخلاق منذ البداية. ولا ننسى الترتيل بالنغم المحبب للأطفال، فإنه عنصر تربية هام.
أبونا متى المسكين]