في كاليفورنيا، الرجل السابق لعصره سيعلن قدّيساً
أشاد خبراء في تاريخ كاليفورنيا و آثارها و حياة الطوباوي جونيبيرو سيرا بحياة هذا الطوباوي، باعتباره مبشراً متحمساً و صاحب الرؤية التي امتدت إلى أبعد من جيله. و قال المونسنيور فرنسيس ويبر في إشارة إلى حياة الطوباوي جونيبيرو سيرا:"أعتقد أن هذا سمة من سمات العظماء. فهم ليسوا مقيّدين بجيلهم، بل يرون المستقبل".
و قارن سيرا بالرئيس السابق للولايات المتحدة أبراهام لينكولن، الذي، و على الرغم من الانتقادات الشديدة له خلال حياته بسبب عمله على إلغاء العبودية، "كان واحداً من أعظم رؤسائنا. لكنه كان سابقاً لعصره بأجيال عديدة".
"أعتقد أنه يمكننا القول أن الناس العظماء يسبقون جيلهم. و أستطيع القول أنهم يرون الأشياء بالطريقة التي يجب أن تكون، لا كما هي".
المونسنيور ويبر مؤلف لأكثر من 100 كتاب، يركز الكثير منها على التاريخ الكاثوليكي في كاليفورنيا، و المحفوظات السابقة لأبرشية لوس أنجلس.
المونسنيور ويبر تلميذ المؤرخ المعروف في الكنيسة الكاثوليكية جون تريسي إليس، و درّس في المعهد اللاهوتي ملكة الملائكة في لوس أنجلس، و شغل منصب رئيس رابطة المحفوظات الأسقفية الكاثوليكية.
كان واحداً من أربعة باحثين اجتمعوا في روما لمناقشة 30 أبريل حول حياة و تراث الطوباوي جونيبيرو سيرا الذي سيعلنه البابا فرنسيس قديساً خلال زيارته إلى الولايات المتحدة في أيلول.
ولد الأب سيرا عام 1713 في جزيرة مايوركا الإسبانية في منطقة البحر المتوسط. و ترك منصبه كأستاذ جامعي ليصبح مبشراً للعالم الجديد، و يساعد على اعتناق أكبر عدد ممكن من السكان الأصليين للمسيحية و يعلمهم التقنيات الجديدة. أسس الكاهن الفرنسيسكاني العديد من المهمات التي ستستمر لتصبح مراكز المدن الرئيسية في ولاية كاليفورنيا.
استمر الكاهن بالعمل التبشيري على الرغم من الألم في ساقه المتقرحة التي يقال أن سببها إما السرطان أو لدغة عنكبوت بعد وقت قصير من وصوله إلى المكسيك. توفي عام 1784 في بعثة سان كارلوس بوروميو ديل كارميلو فيما يعرف الآن بولاية كاليفورنيا.
أعلن البابا يوحنا بولس الثاني طوباوية الأب سيرا عام 1988. و في كانون الثاني أشاد البابا فرنسيس بالمبشر بأنه "مبشر الغرب"، عند تصريحه عن نيته بإعلانه قديساً.
في جلسة النقاش، تم إيلاء اهتمام خاص لحماس سيرا ليكون مبشراً. و قال المونسنيور ويبر أنه بإمكاننا رؤية هذا في قرار الكاهن بترك منزله في إسبانيا على الرغم من أنه لم يكن شاباً، و أنه قد لن يرى والديه المسنّين مرة أخرى.
إضافة إلى الإشادة برؤية سيرا و بصيرته و الخير الذي جاءت به هذه البعثات، تناول المتحدثون أيضاً الانتقادات المحيطة به و بالبعثات في حديث مع الصحفيين بعد المناقشة.
نشأ الخلاف حول التقديس من الادعاءات بأن بعثات سيرا قد سنّت قوانين السخرة و التحويلات و العقاب البدني. اختلف الباحثون حول هذه المسألة، و أكد أنصار سيرا أن العديد من الاتهامات هي تفسيرات خاطئة و أخطاء في الوقائع.
روبرت سينكويكز أستاذ التاريخ في جامعة سانتا كلارا في ولاية كاليفورنيا و المؤلف المشارك في السيرة الذاتية لجونيبيرو سيرا التي صدرت حديثاً، كان من بين المشاركين في المؤتمر الصحفي يوم الخميس. و قال أنه لم يفاجأ بالخلاف حول تقديس سيرا، و أشار إلى أن الكثير من عدم الرضا يحيط بالسياسات السيئة للولايات المتحدة تجاه الأمريكيين الأصليين في الماضي. وقال أن السكان الأصليين سيفسرون ماضيهم على أنه "سجن" بسبب السياسات الأمريكية في الماضي تجاه الهنود، التي "لم تكن لطيفة".
"لقد كانت سياسة إزالة و إبادة ... و لذلك لست مندهشاً من الاستياء من تقديس الأب سيرا، لأن هنود كاليفورنيا هم الهنود الحمر، و الهنود الحمر يفسرون ماضيهم من خلال الأجزاء الأكثر كارثية منه، أي في ظل سياسات الولايات المتحدة".
كما تحدث روبن مندوزا، أستاذ علم الآثار في جامعة ولاية كاليفورنيا مونتيري باي، في المناقشة من منظور ثقافي لكونه من أصول مكسيكية و هندية.
مع خبرته الواسعة في مجال الآثار و العمل في البعثات في كاليفورنيا في سان خوان باوتيستا و سان كارلوس بوروميو دي كارميلو و نوسترا سينورا دي لا سوليداد و رويال برسايديو مونتيري، كان ميندوزا في البداية معادياً لسيرا، لكن تغيرت وجهة نظره بعد دراسة أجراها حول الطوباوي و العمل في البعثة نفسها.
و أشار ميندوزا إلى أنه على الرغم من الانتقاد الشديد لسيرا، "الكثير منا يحمل في جيبه عملات عليها صور لأفراد نرى أنهم أبطالاً، و كانوا مؤسسي بلادنا، لكن إن حكمنا عليهم من وجهة نظر تاريخية فقد كانوا تجار بشر".
و قال أن سيرا "قد أدرك أن الشعب ذاته الذي أحبه و كرس حياته لأجله يراه الآن مذنباً في تفكّكه".
"أعتقد في النهاية، أن هذه الهجمات التي أتى بها هؤلاء الأحفاد إلى طاولة المفاوضات، قد جعلت من جونيبيرو شهيداً و حولته إلى قديس".
الثلاثاء مايو 05, 2015 6:27 pm
