" لعازر حبيبنا قد نام. لكني أذهب لأوقظه". ( يو 11:11)
السّيّد الذّاهب إلى الموت طوعاً من أجل أن يهبنا الحياة،
يمحو من أذهاننا كلّ فكر خاطئ عن الله الّذي يُميت.
لطالما اعتبر الإنسان وما زال إلى اليوم يحمّل الله مسؤوليّة الموت.
فتأتي الآية الحادية عشرة من إنجيل يوحنا من الفصل الحادي عشر،
لتعلن حقيقة واضحة جليّة ومنافية لكلّ الحقائق القائلة
بأنّ الله يخطف حياة الإنسان:
" لعازر حبيبنا قد نام. لكنّي أذهب لأوقظه".
الله خالق الإنسان على صورته كمثاله والمفتديَه ليخلّصه من عبوديّته،
والعابر به من الظّلمة إلى النّور ومن الموت إلى الحياة،
لا يتحكّم بمصائر النّاس ولا ينتزع حياتهم.
وإنّما إلهنا الحيّ يهب الحياة الوافرة للبشر.
ولا بدّ لنا أن نتحرّر من الفكرة القائلة بأنّ الله يأخذ حياة الإنسان،
في حين أنّ السّيّد بذل نفسه من أجلها.
للموت البشريّ أسباب عديدة إلّا أنّنا ونحن ذاهبون إليه،
لنا ربّ يستقبلنا بين يديه ليدخلنا إلى الحياة.
لكنّ الموت الواجب مواجهته كلّ حين،
هو ذاك الّذي يحرّرنا من ضعفنا وهشاشتنا لينقلنا إلى حريّة أبناء الله.
نموت عن أنانيّتنا، وكبريائنا، وتَحجّر قلوبنا، وغرائزنا،
لنرتفع فوق العالم ونحقّق إنسانيّتنا الكاملة.
وكما أنّ الإنسان يولد من أحشاء أمّه إلى الحياة،
كذلك يعود ويولد في قلب الله من أحشاء الأرض.
لا يستطيع الموت أن يقف في وجه واهب الحياة.
ومهما طال مكوثنا في قبور ذواتنا، وحتّى لو أنتنت نفوسنا،
يأتي السّيّد ليفكّ أسرنا ويحلّ قيودنا، ويدعونا للخروج إلى ملء الحياة:
" أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات فسيحيا، وكلّ من كان حيّاً وآمن بي فلن يموت إلى الأبد."
إن آمنّا بالرّبّ رأينا مجده، ودخلنا الحياة الأبديّة منذ الآن.
فتمسي النّسمات الأخيرة للحياة الإنسانيّة براعم تتفتّح بكائرها في قلب الله.
مادونا عسكر