الأحد الجديد أي الأحد الأول بعد القيامة (ثامن يوم بعد القيامة) إذ بقيامة الرب من الأموات (الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدا) (2 كو 5: 17).. فيه ظهر الرب بعد قيامته مرة أخرى لتلاميذه والأبواب مغلقة كما سبق أن ولد من العذراء مريم وبتوليتها مختومة، وكما قام من بين الأموات بقوة لاهوتية والقبر مختوم.
ومن الشخصيات البارزة هنا في هذا الظهور توما أحد تلاميذه، إذ كان معهم هذه المرة فأراد السيد المسيح أن يزيل شكوكه لذا أول شيء أراه اثر المسامير والحربة فللوقت آمن قائلًا: (ربى وإلهي)!
عجيب أنت يا رب فتريد أن تقطع كل شكوك بنفسك إذ ظهرت لاثنين من تلاميذك كانا منطلقين إلى قرية عمواس وسرت معهما طوال الطريق انفتحت أعينهما وعرفاك حق المعرفة (لو 24: 13: 35) أيضًا ظهرت لبعض تلاميذك على بحر طبرية وأكلت معهم سمكًا مشويًا وخبزًا (يو 21: 1 - 14) وقد ظهر الرب بعد القيامة ظهورات كثيرة منهما: ظهر لبعض النسوة (مت 28: 9 - 10) ولسبعة من الرسل على شاطئ بحر الجليل (يو 21: 1-14). وللتلميذين المنطلقين إلى عمواس (مر 16: 12، لو 20: 19) وللتلاميذ (يو 20: 19).. للتلاميذ ومعهم توما (يو 20: 26) لخمسمائة أخ (1 كو 15: 6)، لتلاميذه يوم الأربعين (لو 24: 36).. هذا ما عدا ظهوراته الأخرى طيلة الأربعين يومًا قبل صعوده إلى السماء.
كان أول شيء يقوله السيد المسيح لتلاميذه عند ظهوره لهم (سلام لكم) كما سبق أن علم تلاميذه قائلًا (أي بيت دخلتموه فقولوا أولًا سلام لهذا البيت فان كان هناك ابن السلام يحل سلامكم عليه) (لو 10: 5 - 6) فهو الذي طوب صانعي السلام (طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون) (متى 5: 9).. كما ترنمت الملائكة عند ميلاده قائله (المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة) (لو 2: 14).. الذي في سلام مع نفسه هو في سلام مع الناس وفي سلام مع الله متمتعا باله السلام في داخله.. وفي هذا الصدد يقول القديس مار اسحق: "اصطلح مع نفسك تصطلح معك السماء والأرض".
السيد المسيح لم يوبخ توما أو ينتهره في شكه هذا ولكن في حنو وإشفاق نظر إليه ووهبه قوة الإيمان (لأنه يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون) (1 تى 2: 5).. سمح الله لتوما أن يضع يده في جنبه فكم كان موضع الحربة متسعا حتى يكفى لان يضع توما يده فيه.. أيضًا يلمس اثر الجراح التي للمسامير في يديه ورجليه ليزيل شكوكه فيعترف من عمق قلبه قائلًا (ربى وإلهي).. إن شك توما كان ذا أهمية، فالسيد المسيح أبقى اثر المسامير والحربة، ومازالت لتكون برهانًا ساطعًا وستظل تؤكد أن الابن الكلمة هو الذي صلب وقبر ثم قام.. بجانب هذا نستطيع أن نقول انه لا يكفى أن يكون الرب معنا ولكن أن نحس أيضًا بوجوده فينا كل حين، فلقد كان مع تلميذيّ عمواس طوال الطريق يتحدث معهما ولكن أمسكت أعينهما عن معرفته (لو 24: 16) أيضًا ظهر لمريم المجدلية ولكنها فالتفتت وقالت له: ربوني الذي تفسيره يا معلم (يو 20: 11-18).
ليعطينا الرب إلهنا أن نكون متجددين بالتوبة في كل وقت (تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة) (رو 12: 2) شاخصين إلى جراحاته التي كانت لأجلنا تاركين كل ما هو أرضي، راجين في إيمان ثابت راسخ التمتع الدائم بقيامته الممجدة في ملكوته السمائي متذكرين قول معلمنا بولس الرسول (إن كنتم قد قمتم مع السيد فاطلبوا ما هو فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله) (كو 3: 1).