راهبة من شمع!
حصل هذا منذ عامين ...
دخلت كنيسة سيدة النورية وتوجهت بخط مستقيم صوب الايكونوستاس
لا ألتفت يمينا ولا شمالا وجلست على البنك الخشبي ...
ولما نويت الخروج التفت الى شمالي فرأيت عامودا من شمع !
لم يكن عامودا من حجر، خلته عامودا من حجر، إلا أنه ترنح !
صعقت، دهشت، وتسمرت في مكاني،
أتراه كائنا فضائيا أو ملاكا" سماويا او بطلا أسطوريا !؟
وبعد هنيهات غير قليلات عرفت أنها راهبة !
طويلة القامة هزيلة نحيفة للعضم،
بيضاء كالثلج، امرأة حقيقية من لحم ودم،
لا دمية من شمع، لابسة ثوبا سواده مدقع !
شفاهها تتحرك، تردد اسما" حلوا"، مذاقه كالشهد،
اسم يسوع القدوس !
كالشمعة التي تذوب،
كتمثال في متحف وطني،
كأيقونة روسية، كقصيدة شعر يونانية،
كقلعة رومانية، كاهرامات فرعونية،
ككتابة مسمارية،
كتحفة أثرية، كقطعة أنتيكية،
هذه الراهبة الملتصقة بالعامود الى حد المماثلة !
تجذبك بانجذابها صوب المصلوب !
هذه الخاطئة التائبة المتوسلة المتسولة
على ابواب الملكوت !
تأملتها بخفر
حتى لا أجرح لاشيئيتها،
حتى لا أحرج عدميتها،
حتى لا أزعج هدوئيتها !
هذه آثوسية من الجبل المقدس آثوس
بلاماسية أصيلة، عاشقة مريضة من الحب !!
أصابتني الغيرة الفاضلة وقلت يا ليتني مثلها عاشقة للمسيح
حتى النخاع الشوكي، في شرايين الدم،
الى عمق أعماق القلب !!
يا ليتني مثلها
راهبة من شمع !!
/جيزل طربيه/