منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عايدة
عضو مميز
عضو مميز
عايدة


عدد المساهمات : 558
نقاط : 760
تاريخ التسجيل : 14/06/2016

الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم  Empty
مُساهمةموضوع: الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم    الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم  I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 14, 2016 4:08 pm

الصليب
 القديس يوحنا ذهبي الفم
الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم  Normal_877ds1


1 ـ مجد الصليب وفخره
اليوم يا أحبائي نُعيّد ونحتفل إذ أن السيد على الصليب والشمس متوارية. 
ولا تتعجب من أن الأمور التي تسبب التجهم والعبوس هي نفسها التي نحتفل بها، إذ أن كل الأمور الروحية تختلف عن الأمور الجسدية المعتادة . ولتعلم هذا بالتمام. 
كان الصليب في السابق اسمًا للقصاص والعقاب، أما الآن فهو اسم للفخر والاحترام، كان الصليب في السابق موضع عار وعذاب، أما الآن فأصبح سبب مجد وشرف. 
وكون أن الصليب هو مجد يؤكده قول المسيح أيها الآب مجدني بالمجد الذي كان لي عندك قبل تأسيس العالم (يو5:17).
فالصليب هو قمة خلاصنا، الصليب هو مصدر عشرات الآلاف من الخيرات، بواسطته صار المنبوذين والساقطين مقبولين في عداد الأبناء.
به لم نعد بعد مُضللين بل للحق عارفين. بالصليب أصبح الذين كانوا فيما مضى يعبدون الأخشاب والأحجار، يعرفون خالق الكل. 
بالصليب نال عبيد الخطية عتق الحرية بالبر. به صارت الأرض سماءً، فهكذا (بالصليب) تحررنا من الضلال، وهكذا نلنا الإرشاد إلى الحق. 
الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم  Normal_65em1ks3
هكذا تمم الله أمرًا يليق به تجاه البشر. هكذا أقامنا من عمق الخطية ورفعنا إلى قمة الفضيلة. هكذا أباد ضلال الشياطين وهكذا كشف الخداع. بالصليب لم يعد هناك دخان، ولا دماء حيوانات مهرقة، بل في كل مكان نجد الاحتفالات الروحية والتسابيح والصلوات.
بالصليب هربت قوات الشر وفر الشيطان. بالصليب تتسابق الطبيعة البشرية لتنضم إلى محفل الملائكة. بالصليب صارت البتولية مستوطنة على الأرض. فحيث أتى المسيح من عذراء فقد فتح طريق هذه الفضيلة أمام طبيعة البشر.
بالصليب أنارنا نحن الجلوس في الظلمة. 
بالصليب حرَّرنا من الأسر، وبعد أن كنا بعيدين صرنا منه قريبين. هكذا بالصليب خلُصنا، وصار لنا هذا الفداء بالفعل. 
هكذا بالصليب بعد أن كنا غرباء صرنا مواطنين سمائيين. 
هكذا بالصليب بعد أن كنا نُحارب صار لنا السلام والأمن. وبالصليب لم نعد نخاف سهام الشيطان، فقد وجدنا نبع الحياة.
بواسطة الصليب لا نحتاج فيما بعد الزينة الخارجية لأننا نتمتع بالعريس . 
وبه لم نعد نخاف الذئب فقد عرفنا الراعي الصالح أنا هو الراعي الصالح (يو11:10). وبه لن نرهب الطاغية إذ صرنا في جانب الملك .
أرأيت كم هي الخيرات التي قدمها الصليب لنا ؟ إذن يحق لنا أن نقيم عيدًا له.
ولهذا أوصانا بولس الرسول أن نُعيّد قائلاً  فلنعيّد لا بالخمير العتيق.. بل بفطير الاخلاص والحق(1كو8:5). ولماذا توصينا أيها الرسول المغبوط بولس أن نحتفل بالصليب ؟ 
لقد أوضح السبب إن فصحنا المسيح قد ذُبح لأجلنا(1كو7:5). أرأيت كيف يكون الصليب عيدًا للمسيح؟ أعرفت أنه يجب أن نعيّد للصليب؟
لقد ذُبح المسيح على الصليب، وحيث تكون الذبيحة هناك عتق من الخطايا، هناك مصالحة مع الرب، هناك عيد وفرح.
لقد قيل إن فصحنا المسيح ذُبح من أجلنا. فقل لي أين ذُبح؟ لقد ذُبح مرفوعًا على الصليب.
المذبح جديد ومختلف عن أي مذبح، لأن الذبيحة جديدة ومختلفة عن أي ذبيحة، فهو نفسه الذبيحة والكاهن. أما كونه ذبيحة فبحسب الجسد، أما كونه كاهن فبحسب الروح، وهو نفسه المقدِّم والمُقدَّم. فاسمع أيضًا ما يقول بولس:
 إن رئيس الكهنة الذي يؤخذ من بين الناس إنما يُقام من أجل الناس ليقدم عنهم (ذبائح) لله، أما المسيح فلم تكن له حاجة إلى ذلك إذ قرَّب ذاته (عب8:5، 3:8). 
ويقول بولس الرسول في موضع آخر  إن المسيح قُدِّم مرة واحدة ليحمل خطايا كثيرين (عب 28:9). لقد قُدِّم ههنا، أما هناك فقدَّم ذاته.
أرأيت كيف صار ذبيحة وكاهنًا معًا، وكيف كان الصليب مذبحًا له؟
ومن الضروري أن تعلم لأي سبب لم تُقدم الذبيحة داخل الهيكل اليهودي، لكن خارج المدينة، خارج الأسوار. لقد صُلب خارج المدينة مثل أثيم حتى يتم ما قيل بالنبي:
  إنه أُحصى مع الأثمة(إش12:53). ولماذا صُلب خارج المدينة مرتفعًا على الصليب، وليس تحت سقف ما؟ لكي يطهر طبيعة الهواء.فهناك وهو مرفوع على الصليب لم يكن يظلله سقف بل سماء، لكي يطهرها مرة بذبح الخروف هناك عاليًا على الصليب.
وكما تطهرت السماء، فإنه طهّر الأرض أيضًا. فعندما سال الدم من جنبه تطهرت الأرض من كل دنس. ولماذا لم تقدم ذبيحة الصليب تحت سقف أو في هيكل يهودي؟ 
أعلم أن هذا أيضًا ليس أمرًا بسيطًا، فقد حدث ذلك لكي لا يدّعي اليهود أن الذبيحة تخصهم وحدهم، أو يُظن أنها قُدمت عن هذا الشعب فقط، ولهذا قُدمت خارج المدينة والأسوار لكي تُعلِمهم أن الذبيحة هي مسكونية، وأيضًا أنها قُدمت عن الكل.
الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم  Normal_444719789
وأن تطهير الطبيعة شامل لكل الأرض، بعكس اليهود الذين أمرهم الله أن يتركوا الأرض كلها ويُبقوا لأنفسهم مكانًا واحدًا للصلاة وتقديم الذبائح، بسبب أن الأرض كلها كانت مدنسة بدخان ودماء ذبائح الوثنيين وأدناس اليونانيين.
أما بالنسبة لنا فقد جاء المسيح وتألم خارج المدينة وطهّر كل المسكونة وجعل كل موضع مكانًا للصلاة. أتريد أن كيف أن الأرض كلها أصبحت هيكلاً وأن كل مكان أصبح مكانًا للصلاة؟
أسمع أيضًا ما يقوله المُطوب بولس  فأريد أن يصلي الرجال في كل مكان رافعين أيادي طاهرة بدون غضب ولا جدال (1تي8:2).
أرأيت أن المسكونة كلها تطهرت، إننا نستطيع أن نرفع أيادي طاهرة في كل مكان؟ فلقد صارت إذن الأرض بأسرها مقدسة، بل بالحري أقدس من قدس أقداس اليهود. وكيف يكون هذا؟ 
هناك في قدس الأقداس يُقدم خروف من الحيوانات غير العاقلة أما هنا فالخروف عاقل (ناطق). وبمقدار ما تفوق الذبيحة العاقلة الذبيحة غير العاقلة، هكذا يفوق تقديس الأرض (بالصليب) على أقداس اليهود. وبالتالي فالصليب هو عيد حقًا.
2 ـ بالصليب فُتح الفردوس
أترغب في معرفة إنجاز عظيم آخر للصليب يفوق إدراك العقل البشرى؟ إن الفردوس الذي كان مغلقًا قد فُتح اليوم.اليوم دخل اللص إليه. 
هناك إنجازان عظيمان، فتح الفردوس ودخول اللص إليه، إعادته لوطنه القديم، واسترداده إلى بلده الأم.اليوم تكون معي في الفردوس (لو43:23). 
ماذا تقول (يارب)؟ هل وأنت مصلوب ومُسمّر على الصليب تَعِدُ بالفردوس؟ كيف بالحقيقية تهبُ ذلك؟ 
يقول بولس الرسول إنه صُلب من ضعف
(2 كو 13 : 4) 
لكن فلتسمع ما تلاه لكنه حي بقوة الله (2كو 13 : 4) 
وفي موضع آخر يقول  لأن قوتي في الضعف تكمل
(2كو 12 :9)
ولهذا يقول: إني أعد وأنا على الصليب، لكى تعلم من هذا أيضًا قوتي. 
فهذا الأمر المحزن لم يحدث ليبعدك عن التفكير في طبيعة الصليب بل لتعلم قوة المصلوب عليه والمعجزة التي تمت فوقه، تلك المعجزة التي تشير إلى قوة المصلوب، 
فاللص لم يؤمن به وهو يقيم الموتى أو ينتهر أمواج البحر ويطرد الشياطين، بل عندما كان مصلوبًا ومسمّرًا وهو مُعرّض للشتم والبصق والهزء والتعذيب. أنظر إذن الوجهين اللامعين لقوة المصلوب: إنه قد هزّ أركان الطبيعة وشقق الصخور، من ناحية، وإنه جعل نفس اللص التي كانت أقسى وأصعب من الصخر، تصير وديعة. 
أتقول يارب،  اليوم تكون معي في الفردوس(لو43:23)  الشاروبيم يحفظون الفردوس وهناك يجول سيف ناري وأنت تَعِدُ اللص بأن تُدْخِله هناك؟
نعم يقول (المسيح): فأنا هو رب الشاروبيم، ولىّ سلطة على اللهيب والجحيم والحياة والموت. ولهذا يقول اليوم تكون معي في الفردوس(لو43:23). 
فإن كان الرب له هذه القدرة فقد متع بها الآخرين مباشرة، ومع أن الملك لا يرض لنفسه أن يجالس لصًا أو أحدًا من عبيده ولا أن يرافقه إلى المدينة، إلاّ أن السيد محب البشر فعل ذلك وأدخل معه اللص إلى الوطن المقدس.
وفي هذا فإن اللص لا يهين الفردوس بأن يطئه بقدمه بل بالحري يشرّفه. فشرَف الفردوس أن يكون له مثل هذا السيد القوى محب البشر الذي جعل اللص جديرًا بالتنعم فيه. 
وهو عندما دعا العشارين والزناة إلى الملكوت فهو لم يُحقِر من هذا الملكوت بل بالحري كرّمه وأظهر أنه رب ملكوت السموات الذي جعل العشارين والزناة أهلاً لمجد وعطية الملكوت هناك. 
وكما أننا نُعجب بالطبيب عندما نراه يشفي الناس من الأمراض المستعصية ويأتي بهم إلى الصحة التامة، هكذا يا أحبائي، يجب أن نُعجب بالمسيح ونُدهش إذ هو يشفي أمراض نفوس الناس المستعصية،
ويعتقها من الشرور المسيطرة عليها، جاعلاً أولئك الذين سيطرت عليهم الشرور إلى أبعد الحدود، 
أهلاً لملكوت السموات.اليوم تكون معي في الفردوس(لو43:23) : شرف عظيم ، محبة للبشر فائقة، صلاح يعجز اللسان عن وصف إفراطه، فالدخول إلى الفردوس له شرف عظيم جدًا إذ هو دخول مع السيد.
ماذا حدث؟ هلاّ تقول لي ما الذي أظهره اللص حتى يكون مستحقًا للفردوس وليس للصليب؟ 
أتريد في اختصار أن أقول وأُظهر لك فضل اللص؟ فالرب الذي أنكره بطرس هامة الرسل، مع أنه لم يكن على الصليب، اعترف به اللص وهو معلق على الصليب.
وأنا لا أقول هذا لأتهم بطرس، حاشا، لكن أريد أن أُظهر عظمة نفس اللص وفلسفته الفائقة. فذاك (التلميذ) لم يحتمل تهديد رخيص من بنت صغيرة، 
أما اللص وهو يرى الجمهور كله يهتف ويُجن ويصرخ بالتجديفات والسخريات على المصلوب، فإنه لم يلتفت إلى إهانات المصلوب، لكنه بعيون الإيمان، لم يبال بكل هذا وترك عنه هذه العثرات، 
واعترف بأنه سيد السموات قائلاً تلك الكلمات التي جعلته مستحقًا للفردوس:
  أذكرني في ملكوتك (لو42:23). فلا تتجاوز هذا اللص ببساطة ولا تخجل أن تتخذه معلمًا فإن سيدنا نفسه قبلنا، لم يستح منه بل ادخله إلى الفردوس.
لا تخجل أن تتخذ الإنسان الذي استحق ـ قبل الناس جميعًا ـ أن يكون أهلاً لنعيم الحياة في الفردوس، معلمًا لك. 
ولنفحص كل هذه الأمور بدقة لنتعرف من الآن فصاعدًا قوة الصليب.
الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم  Normal_250i0bl
لم يقل له كما قال لبطرس وأندراوس  هلم ورائي لأجعلكما صيادي الناس  (مت19:4)، ولم يقل له كما قال للاثني عشر تلميذًا  تجلسون على اثني عشر كرسيًا تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر(مت28:19). 



لم يجعله أهلاً لسماع أقوال كهذه، لم يرَ أية معجزة، أو ميتًا قام، أو شياطين مطرودة ولا بحرًا طائعًا، لم يذكر له شيئًا عن الملكوت، فمن أين عرف اسم الملكوت؟ 

كان اللص الآخر يشتمه، فقد صُلب معه لص آخر ليتم القول  وأُحصى مع أثمة (إش12:53). لقد حاول اليهود ناكري الجميل تشويه مجد المسيح وبكل طريقة كان لهم تأثيرًا على مجرى الأحداث. 
غير أن الحقيقة كانت تسطع من كل ناحية ويزداد بهائها كلما زادت المقاومة ضدها. كان اللص الآخر يشتمه. وقال أحد البشيرين إن اللصين كانا يستهزئان بالمسيح وهذه حقيقة، زادت من فضل اللص (اليمين)، فمن الطبيعي أن يستهزئ أولاً، غير أن ما قد فعله بعد ذلك هو صواب، عكس الآخر الذي استمر في استهزائه.
فهل رأيت الفرق بين لص ولص؟ كل منهما معلق على الصليب، وكل منهما كان شريرًا، وكل منهما عاش حياة اللصوصية، لكن مصيرهما لم يكن واحدًا. 
الأول ورث الملكوت، والآخر أُرسل إلى الجحيم، وما حدث بالأمس مشابه لما يحدث اليوم فهناك فرق بين تلميذ وتلاميذ. 
فالأول دبر لتسليمه والآخرون استعدوا لخدمة المائدة.
الأول قال للفريسيين  ماذا تعطوني وأنا أسلمه لكم(مت15:27) 
والآخرون قالوا للمسيح  أين تريد أن نعد لك لتأكل الفصح(مت17:26).
هكذا الحال هاهنا فالواحد لص والآخر لص، لكن الأول يشتم 
والآخر ينطق بشهادة الإيمان، الأول يجدف والثاني يمدح بينما يرى المسيح مصلوبًا ومسمّرًا والجموع من أسفل تشتم وتهتف عاليًا، ولم يمنعه كل هذا من أن يعلن ما يليق بهذا المجد ، لكنه يهاجم اللص (اليسار) بشدة قائلاً: 
 أما تخاف الله (لو40:23ـ41).
3ـ ايمان اللص واعترافه
أرأيت جرأة اللص (اليمين) في إبداء رأيه جهرًا؟
أرأيت أنه لم ينسَ مهنته الأولى، حتى أنه باعترافه (بالمسيح) قد سرق أيضًا الملكوت؟.
قال للص اليسار:  أولا أنت تخاف الله (لو40:23)، أرأيت شجاعته وحكمته وورعه على الصليب؟ وإلاّ يستحق منك التعجب وأنت تراه متمالكًا نفسه رغم آلامه على الصليب؟ 
وهو لا يستحق التعجب فقط بل وأيضًا التطويب إذ هو لم يلتفت لآلامه الشخصية بل انصرف عنها للاهتمام بآلام الآخر، ذلك الذي ضل. فصار معلمًا وهو على الصليب، فانتهر اللص اليسار قائلاً  أولا أنت تخاف الله (لو40:23) وليس هذا فقط بل قال له: 
لا تهتم بالمحاكمة الأرضية، ولا بما سوف يقرروه، لا تنظر فقط إلى ما يجرى الآن. فهناك قاض آخر غير منظور، نزيه ـ بدون شك ـ على تلك المحكمة. 
لا تبال بما يتم الحكم به هنا (أسفل) فهناك (فوق) الحكم مختلف. ففي المحكمة الأرضية يُدان أبرار كثيرين، ويترك مدانين أحرارًا، هناك أبرياء يُتهمون، ومتهمين يهربون. بالشدة يعاملون البعض وباللين البعض الآخر. يجهلون القانون فيُخدعون، أو تُفسد الرشوة ضمائرهم فلا يتمسكون بالحق ويحكمون ضد الأبرياء. 
هناك في السماء الأمور ليست هكذا. فالله هو قاض عادل، وحكمه يسطع كنور، لا عتامة فيه ولا كتمان ولا تضليل. 
وبماذا تُعزّى هذا اللص (اليمين) حتى لا يقول إنه قد حُكم عليه طبقًا لقوانين المحكمة الأرضية؟. وجِّهْ نظره إلى المحكمة السمائية، إلى المنبر المخوف، إلى الحكم العادل، وإلى القاضي غير المُضلّل، ذّكره بالحكم المخوف، قل له: 
تطلّع إلى هذه الحقائق السمائية ولا تبالي بقرارالحكم الأرضي ولا تتبنى موقف الناس الأرضيين ، لكن تعجب وتأمل في الحكم الصادر من فوق.قال اللص (اليمين) للص اليسار: أولا أنت تخاف الله (لو40:23) . أرأيت تعليمه؟ لقد قفز قفزة واحدة من الصليب إلى السماء. أنظره وقد أتم القانون الرسولي ولم يفكر في نفسه فقط بل فكر وعمل كل ما في استطاعته من أجل الآخر، حتى إنه أراد إنقاذ اللص الآخر من الضلال وإرشاده إلى معرفة الحق.
وبعدما سأله قائلاً:  أولا أنت تخاف الله (لو40:23)
استتبع سؤاله بقوله  إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه 
(لو23: 40)  ، يا له من اعتراف تام. 
ماذا يعنى أننا تحت القضاء عينه؟! بالطبع إننا تحت العقاب. وهانحن بالفعل نُعاقب بالصليب. فمن يعيّر غيره يهين نفسه أولاً. لأن من يكون مخطئًا بالفعل ويدين غيره، هو يدين نفسه أولاً. 
ومن يكون في نكبة ويعيّر آخر على محنته، يعيّر نفسه أولاً. وفي قوله:
إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه(لو23: 40) 
كأنما يردد القانون الرسولي والأقوال الإنجيلية لا تدينوا لكى لا تُدانوا (مت1:7) .
 إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه  (لو23: 40) (ماذا تقول أيها اللص؟) أو ماذا تفعل؟ هل جعلت بقولك هذا نفسك واللص الآخر شريكين للمسيح؟
كلا ـ يقول اللص ـ إني سأُصلح كلامي على هذا النحو: أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا (لو41:23). 
أرأيت اعترافًا أكمل من هذا على الصليب؟ أرأيت كيف أن اعترافاته قد رَفعت خطاياه؟
أرأيت كيف أنه أكمل القول النبوي حدث لكي تتبرر(إش26:43)، لم يُرغمه أحد، ولم يشتك عليه أحد فيما يقول بل كان شاكيًا لنفسه، ولهذا أقر قائلاً أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا وأما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله (لو41:23). 
أرأيت تقوى أعمق من هذه؟ حين أدان نفسه وحين لم يستح أن يكشف أعماقه وحين دافع عن السيد قائلاً: 
 أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا وأما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله  (لو41:23). وحين فعل هذا، حينئذِ استطاع أن يبتهل قائلاً
  اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك(لو23: 42). إنه لم يجرؤ أن يقول  اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك? (لو23: 42)
إلاّ بعد أن اعترف فتطهرت نفسه من الخطايا، وبعد أن أدان نفسه، فرُفعت الأحكام التي أدانته. 
أرأيت قوة الاعتراف؟ فاسمع أيها الحبيب، وتشجع ولا تيأس بل يلزم أن تعي مقدار محبة الله للبشر والتي لا يمكن التعبير عنها، ولتسرع لإصلاح خطاياك. لأنه إن كان قد اعتبر اللص وهو على الصليب جديرًا بذلك الشرف، فكم بالحري يعتبرنا نحن ـ إن كانت لنا الإرادة أن نعترف بخطايانا ـ جديرين بمحبته. فلنعترف بخطايانا ولا نخجل منها. فعظيمة هي قوة الاعتراف بالخطايا، وكبيرة هي قدرته.
فبمجرد أن اعترف اللص، فُتح له الفردوس، اعترف فنال شجاعة عظيمة ودالة حتى إنه وهو لص قد طلب الملكوت. نعم في تلك اللحظة فقط استطاع أن يطلب الملكوت. 
من أين لك أن تتذكر ملكوت السموات أيها اللص؟ قل لي هل ترى شبيهًا منه الآن؟ إن ما هو ظاهر للعين هو المسامير والصليب والاتهامات والهزء والشتائم. 
نعم يقول: فالصليب هو رمز ملكوت السموات. ولهذا فإني أدعو المصلوب عليه ملكًا. ملكًا إذ هو يموت من أجل رعاياه، فقد قال عن نفسه إنه 
  الراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف (يو11:10). 
حقًا والملك الصالح يضع نفسه من أجل رعاياه. ولأنه وضع نفسه بالفعل لهذا فأنا أدعوه ملكًا. واهتف اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك(لو23: 42) .
4 ـ الصليب رمز ملكوت السموات
أتريد أن تعرف كيف أن الصليب رمز لملكوت السموات؟ وما هي دلالاته؟ إن المسيح لم يترك الصليب (الأخروي) على الأرض بل أخذه وأصعده معه إلى السماء. 
من أين استدللت على ذلك؟ لأنه سيُحضره معه في المجيء الثاني. لكن دعنا نرى كيف سيحضر الصليب معه ولنسمع قول المسيح:
  فإن قالوا لكم: ها هو في البرية فلا تخرجوا! ها هو في المخادع فلا تصدقوا! (مت26:24)، فإنه يتكلم عن مجيئه الثاني، مشيرًا إلى المسحاء الكذبة والأنبياء الكذبة، وإلى ضد المسيح، لكى لا يضل أحد ويسقط في يديه.
لأن ضد المسيح سيأتي قبل المسيح (في مجيئه الثاني) وقد أخبرنا بذلك حتى لا يقع أحد بين أنياب الذئب وهو يبحث عن الراعي (المسيح). وأنا أقول لك هذا حتى تستطيع أن تميز علامات حضور الراعي. فإن كان حضوره الأول قد تم بطريقة خفيّة، فلا تظنوا أن مجيئه الثاني سيكون كذلك. 
كان حضوره الأول خفيّة، لأنه أتى ليطلب وليفتش عن الضال، أما مجيئه الثاني فلن يكون كذلك. لكن كيف؟
  لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب هكذا يكون أيضا مجيء ابن الإنسان.(مت27:24) سيظهر للجميع معًا. فلا تعود هناك حاجة إلى التساؤل (عما إذا كان المسيح هنا أو هناك). فكما أننا لا نحتاج إلى التساؤل عندما يحدث البرق، هكذا عند مجيئه لن نحتاج عما إذا كان المسيح قد حضر أم لا. 
والآن نتكلم عن إنه سيُحضر الصليب معه. فأسمع ما قاله بوضوح: وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع. وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء.
(مت 29:24ـ30).
أرأيت تَفوّق العلامة (الصليب)، كيف هي مبهجة؟ كيف هي مشرقة؟ فالشمس تُظلم والقمر لا يظهر، النجوم تسقط، أما تلك العلامة (الصليب) فإنها وحدها تظهر، لكى تعلم أن نورها أشد قوة من الشمس وأبهج من القمر. 
وكما يستقبل الجنود الملك عند دخوله إلى المدينة بالرايات المحمولة على أكتافهم معلنين دخوله، هكذا يحمل الملائكة ورؤساء الملائكة تلك العلامة عند نزول الرب من السماء معلنين دخوله الملوكى لنا (للبشر).
وقوات السماوات تتزعزع (مت24: 29) ، ويعنى بذلك الملائكة ورؤساء الملائكة وكل القوات غير المرئية. فهذه سيمتلكها الخوف والرعب، فهلاّ قلت لي لماذا؟ 
لأن ذلك الحكم سيكون رهيبًا، فالطبيعة البشرية بأسرها ستُحاكم وتُسأل عن مسئوليتها أمام المنبر المخوف. لكن لماذا تخاف الملائكة حينذاك، ولماذا تَرهب القوات غير المتجسدة؟ طالما أنها لن تُحاكم.
لأنه كما أن القاضي الأرضي عندما يجلس عاليًا على المنبر للحكم، لا يرتعد منه المذنبون وحدهم بل الحراس أيضًا، لا من تأنيب الضمير بل بسبب خوفهم من القاضي، هكذا فعندما ستكون طبيعتنا (البشرية) ماثلة للحكم معطيةً حسابًا عن أخطائها، تكون الملائكة وباقي القوات مرتعبة، لا بسبب تأنيب ضميرها بل لخوفها من القاضي.



والآن وقد عرفنا هذا الأمر فلنعرف إذن لماذا سيظهر الصليب؟ 

لماذا سيحضره المسيح معه؟.
اعرف أن السبب هو أن يعرف صالبوه مقدار جحودهم ، إذ أن الصليب يُظهر وقاحتهم. 
وأسمع الإنجيلي القائل، واعلم لماذا يحمل صليبه معه
  وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض(مت30:24)، إن شعوب الأرض ستنوح لأنها سترى الذي أُدين (بسببها) وتعي خطيتها. 
ولماذا تتعجب من أن المسيح سيأتي حاملاً الصليب؟ إنه سيأتي أيضًا حاملاً جراحاته. وكيف نستدل على أنه سيأتي حاملاً جراحاته؟
اسمع النبى وهو يقول  وستنظره كل عين، والذين طعنوه (رؤ7:1).
فكما فعل مع توما التلميذ عندما رغب في إصلاح قلة إيمانه، فأراه أماكن المسامير وهذه الجراحات قائلاً
هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي (يو27:20)
فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي(لو39:24)، وذلك ليُثبت له أنه قد قام بالحقيقة. وهكذا سيأتي (في حينه) بجراحاته وصليبه معه ليثبت للجميع أنه هو الذي صُلب. فما أعظم صلاحه وخلاصه بالصليب. إنه دليل واضح على محبة الله للبشر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنت العذراء
خادم الرب
خادم الرب
بنت العذراء


عدد المساهمات : 3497
نقاط : 3763
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : فلسطين

الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم    الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم  I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 15, 2016 11:09 am

الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم  Images?q=tbn:ANd9GcQFGhSOhzWPZVYmRPgBTzpohzdYL5-M0Q-HuTmyoyDxtmtZvBNi
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عايدة
عضو مميز
عضو مميز
عايدة


عدد المساهمات : 558
نقاط : 760
تاريخ التسجيل : 14/06/2016

الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم    الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم  I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 25, 2016 3:41 pm

الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم  16lijrk
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الصليب القديس يوحنا ذهبي الفم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القديس يوحنا ذهبي الفم
» نجم المشرق القديس يوحنا ذهبي الفم
» معجزة الافخارستيا ـ القديس يوحنا ذهبي الفم
» عظة عن الصبر و أنه لا ينبغي أن نحزن بمرارة على المنتقلين القديس يوحنا ذهبي الفم - ترجمة د.جورج عوض
» يوحنا ذهبي الفم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات  :: قسم الكنيسة :: قسم الاصوام والاعياد فى الكنيسة-
انتقل الى: