قديسون
رافقه ليوم كامل دون أن يعرف من هو…شفاء غير مبرّر قد يكون المعجزة التي ستؤدي إلى إعلان قداسة الشاب الطوباوي بيار جورجيو فراساتي
سقط كيفن بيكر سنة 2011 من الطابق الثاني لمنزل كان يعيش فيه مع اثنين من رفاق الدراسة، ما تسبب بإصابته بخمسة كسور في جمجمته وتضرر جميع فصوص دماغه. بعد خضوعه لعملية جراحية طارئة، ظل وضعه مستقراً طوال تسعة أيام وإنما لم يكن يستجيب. ظن الأطباء أنه لن يحيا؛ وأنه لو حصل ذلك، فسوف يعاني من عجز معرفي هائل.
ولكن… بعد مرور أقل من ثلاثة أسابيع على الحادثة، نُقل على كرسي متحرك إلى باب المستشفى حيث وقف وحمل حقيبته على كتفه وسار نحو السيارة… وهو يرمي كرة لأخيه.
لم يكن الشفاء طبيعياً. في الواقع، كان الأطباء يتحدثون بعد أسبوع من إصابة كيفن عن وضعه في غيبوبة في محاولة أخيرة. لكنه بعد أيام، فتح عينيه وسرعان ما بدأ يتكلم ويقف ويسير على نحو طبيعي.
وبعد أن غادر كيفن المستشفى، توجّه إلى مركز إعادة تأهيل جسدي، واكتشف أنه يسبق الآخرين، حتى أولئك الموجودين هناك منذ ستة أشهر أو سنة، بخمس خطوات. في 11 أكتوبر، خضع لسلسلة من الاختبارات المعرفية التي أكملها كلها خلال ساعتين بدلاً من الست الاعتيادية. بعد شهر، سأله طبيبه عن رأيه بما أنجزه. فأجاب: “أعتقد أنني أبليت حسناً”. فقال له الطبيب أنه “لم يبلِ حسناً فحسب”، بل كما لو أنه لم يتعرض لإصابة أبداً. عندها، عاد إلى الكلية حيث أنهى دراسته. وحالياً، يعمل على تقديم قروض لأعمال صغيرة.
لا بد من الإشارة مجدداً إلى أن هذا الوضع لم يكن طبيعياً.
في 29 أكتوبر من العام الحالي، سررت بالاستماع إلى شهادة كيفن بيكر، خلال احتفال باليوبيل الثمانمئة للرهبنة الدومينيكية. خلال غيبوبته، يتذكر أنه استفاق في البيت الذي كان يقيم فيه مع صديقيه وسمع صوت أحد في الطابق السفلي. كان ذلك غريباً، لأنه يقول أنه كان هو الذي يستيقظ أولاً. تحرى فوجد في غرفة الجلوس شاباً لم يكن يعرفه.
سأله: “من أنت؟”
أجابه: “أنا جورج، صديقك الجديد في السكن”.
فقال له بيكر: “هذا غير ممكن. لديّ صديقان في السكن”.
أجابه: “لم يعودا هنا”.
أمضى بيكر يوماً طويلاً وخالداً مع جورج. ظل كيفن، لاعب كرة القدم الذي يكره البقاء داخل البيت، يحاول مغادرة المنزل، لكن جورج لم يسمح له بذلك. تشاجرا كأنهما أخوان، لكن جورج كان عنيداً وشجعه على أن يكون صبوراً. يتذكر كيفن أنه أمضى وقته في القيام بالواجبات المدرسية – ما يعتبرُه أمراً مفاجئاً لأي شخص كان يعرفه قبل الحادثة – والجلوس على الأريكة مع جورج وهما يلعبان لعبة كرة قدم تسمى “فيفا”.
استفاق أخيراً في المستشفى.
في وقت لاحق، ذكر كيفن صديقه الجديد في السكن لأمه وسماه “روحاً طيبة”. بعد أن وصفه، أرته أمه صورة لرجل سرعان ما عرف أنه جورج. كانت الصورة تعود للطوباوي بيار جورجيو فراساتي، وكانت أم كيفن قد تلقتها من قريبة لها اقترحت عليها أن تطلب شفاعته (فراساتي هو دومينيكي علماني توفي نتيجة الشلل سنة 1925 في الرابعة والعشرين من عمره، بعد حياة عرفته خلالها عائلته بحبه لتسلق الجبال، وعرفه فقراء تورينو كصديق ومحسن محبوب). في الحقيقة، هذا ما فعلته والدة بيكر، ووضعت الصورة بجانبه… فاستفاق في اليوم التالي.
قبل الحادثة، لم يكن كيفن قد سمع باسم بيار جورجيو فراساتي.
يُقال أن اللقاء مع قديس قادر أن يغير حياتكم؛ هذا ما حصل مع كيفن. لم يُشفَ تماماً فحسب، بل يقول أنه تحسّن عما كان عليه قبل إصابته. في الكلية، كان يؤدي دوماً دور المهرج بجلوسه في الصفوف الخلفية والإدلاء بتعليقات المزعجة وعدم الانتباه إلى درسه. منذ أن استفاق، أصبحت دروسه مهمة بالنسبة له، وتحسنت علاماته بشكل ملحوظ.
أرسلت وثائق قضية كيفن إلى الفاتيكان؛ وقد يكون شفاؤه المعجزة التي ستؤدي إلى تقديس فراساتي. يقول كيفن أنه لا يعلم لماذا شفاه الله، لكنه مصمم على ألا يضيع عمله. وهو لا يزال واثقاً بحضور جورج بقربه، وأحياناً يسمع صوته الهامس في أذنه.