حنة و يواكيم جديّ المسيح
لا ذكر لجدّي الإله، يواكيم وحنّة، في كتب العهد الجديد.
ولكن شاع ذكرهما في الكنيسة، في أورشليم،
أقلّه منذ القرن الرابع الميلادي.
وعن أورشليم أخذت الكنيسة الجامعة ما يختص بهما.
الصورة المتداولة في التراث الكنسي عن يواكيم وحنّة
أنهما كانا زوجين تقيّين مباركين سالكين بمخافة الله.
ولكن لم يكن لهما ولد لأن حنّة كانت عاقراً.
هذا النقص في حياة يواكيم وحنّة كان لهما سبب حزن وضيق ليس فقط لأنه من المفترض
أن يتكمّل الزواج بالإنجاب بل، كذلك، لأن العقم، في تلك الأيام، كان الناس يعتبرونه عار،
وفي نظر الكثيرين من اليهود لعنة أو تخلياً من الله.
لهذا كان هذان الزوجان الفاضلان لا يكفّان عن الصلاة بحرارة إلى الرب الإله ليفتح رحم حنّة
ويمنّ عليهما بثمرة البطن. ولكن لم يشأ الرب الإله أن يلبي رغبة قلبيهما حتى جاوزت حنّة سن الإنجاب.
لم يكن هذا إعراضاً من الله عنهما بل تدبيراً لأن قصده، كما ظهر فيما بعد، كان أن يعطيهم،
ويعطي البشرية من خلالهم، أعظم عطيّة. ولكي لا يشكّ أحد في أن ما حدث هو من الله ترك
حنّة تتجاوز سن الإنجاب.
استمر يواكيم وحنّة في الصلاة إلى العليّ بحرارة حتى بعد فوات الأوان على حنّة.
وكان هذا تعبيراً عن ثقتهما الكاملة بالله أنه قادر على كل شيء.
وفي العهد القديم أكثر من مثل عن نساء مباركات أنعم الرب عليهن بثمرة البطن
بعد أن كنّ عاقرات، كحنّة أم صموئيل النبي، وبعضهن تجاوز سن الإنجاب كسارة.
أما الرب الإله فارتضى مثل هذا التدبير لأنه شاء أن يكون المولود الآتي لا ثمر الطبيعة البشرية وحسب،
بل ثمر النعمة بالأولى.
كان قد مضى على زواج يواكيم وحنة خمسون سنة ولم يكن لديهم أولاد،
ففقدا الرجاء بأن يكونا من أجداد المسيح الموعود.
لكن حياتهما كانت عامرة بالشكر الدائم لله على كل شيء والشفقة على القريب.
فكانا يوزّعان تُلثَ دخلهما للهيكل والثلث الآخر للفقراء والثلث الأخير لنفقتهم الخاصّة،
على الرغم من الاحتقار والتعيير الذي كان يوجّه إليهما، إذ كان العقر في ذلك الزمان يُعتبر عاراً
وقصاصاً باهظاً وعلى الأخصّ مُحزناً، لأنهم كانوا على اعتقاد بأن المسيّا الموعود سيأتي من نسلهم.
ولكن الله الرحوم افتقدهما واستمع لصوت تضرّعهما.
ففي عيد التجديد جاء يواكيم كي يقدّم قرابينه في الهيكل إلّا أن رئيس الكهنة رفضها قائلاً:
" إنك غير مستحق لتقدّم معنا قرابين لأنك لم تُقم ذريةً في إسرائيل"،
فانصرف الشيخ إلى البريّة يبكي العُقم والعار.
صام وصلّى أربعين يوماً طالباً من الرب أن يرفع عنه العار والتبكيت،
وفي الوقت ذاته عندما علمت حنة بإهانة رجُلها سالت دموعها وتوسّلت إلى الرب
أن يرحَمها ويجعل ما كان غير ممكنٍ ممكناً.
وهذا ما حدث إذ ظهر لها ملاك الرب وبشّرها بأنها ستحبل وتلد ابنة وتُسمّيها مريم.
وطلب منها الذهاب إلى أورشليم لملاقاة زوجها عند الباب الذهبيّ،
الذي ظهر له أيضاً ملاك من الرب في البريّة وأخبره بأن الرب قد سمع صوت تضرّعهم،
وأنّ العليّ سوف يُنعم عليه وعلى زوجته بمولود يكون بركة عظيمة لكل المسكونة.
وهكذا ما كان غيرَ مستطاعٍ عند البشر كانَ مستطاعاً عند الله.
وحبلت حنّة وأنجبت، في زمن الولادة، مولوداً أنثى،
وسُمّيت مريم كما وعد الملاك وتعني بالعبرية " سيدة" و" رجاء".
هي العذراء المباركة، والدة الإله.