!ضوِّي ضوَّك
الضوءُ ضروريٌّ بالنسبة لي ولكلِّ إنسانٍ ولكلِّ مكانٍ
تراودني هذه العبارة من زمنٍ بعيدٍ، ويمكنني القول يوميًّا تقريبًا. إذ تؤنِّبُ ضميري وكياني وفكري. لكن مؤخَّرًا، ترسَّخت فيًّ فكرة كتابة هذه الأسطر التي تجولُ في أعماقي، لاسيما بعد زياتي لمصر حيث استغربت هناك بظاهرة عدم استعمال أضواء السيَّارات ليلًا لدى معظم السوَّاقين إلَّا “للتغميز” للآخرين.
إنَّ عبارة “ضوِّي ضوَّك” نقولها في معظم الأحيان لدى صعودنا بالسيارة مع الآخر ليلًا الذي ينسى أن يُشعِلَ ضوَّه قبل الإنطلاق. إنَّ عبارة “ضوِّي ضوَّك” قلتها مِرارًا خلال زيارتي لمصر مساءً وليلًا لتنبيه الآخر بإشعال الأضواء الأماميَّة والورائيَّة. إن هذه العبارة “ضوِّي ضوَّك” أردِّدها تقريبًا يوميَّا لذاتي لكي تُدرِك مدى أهميتها ودورها ورسالتها.
الضوء هو النور والنور هو السلوك باطمئنان. لذا، فعندما أُشعِلُ النور يمكنني أن أرى معظم الأشياء وأكونُ في راحةٍ حيث أُدرك أين أضع رجلي وأغراضي، وأعرف ما يُحيطُ بي. الضوء الكهربائي هو ظاهرةٌ حيث يستغني عنه الهولنديين ويضعون شمعةً بدل استعمال الكهرباء بغاية التوفير. الضوء هو ضميري الإنساني الذي يُرافقني، يوميًّاً، حيث يؤنِّبُ ضميري ويُساعدني للسلوك بطريق الخير والابتعاد عن الشر. إذًا، الضوء هو مادة تُحيي الآخر السالك في الظلمة وتمنحه نعمة التمييز والانتباه.
عندما أسيرُ في الظلمةِ من دون ضوّ، أسيرُ بصعوبةٍ ومن الممكن أن أقع، ولا يمكنني الانتباه إلى كلِّ شيء.
عندما أسيرُ و”ضوِّي مضوَّا” أكون أكثر راحةً وأكثر سرعةً وأكثر انتباهًا على ذاتي وعلى الآخرين. فالسيرُ مع الضوّ هو الانتباه الذي يولِّدُ اليقظة والوعي والعمل الدؤوب للخير الشخصي والعام.
عندما أُشعِل ضوئي، في حياتي الخاصة أسيرُ وأتصرَّفُ بحكمةٍ وبطريقةٍ إنسانيَّةٍ وبضميرٍ لائقٍ وِفق الذي منحي هذا الضوء.
عندما أُشعِلُ ضوئي، في حياتي مع الآخر أكون أكثر احترامًا له على الرغم من اختلافه عنّي، وأحاول أن أُنيرَ طريقه من خلال خبرتي وضوِّي.
عندما أُشعِلُ ضوئي، في حياتي في وطني أُقومُ بواجباتي نحوه وأسعى للحفاظ على حقوقي.
عندما أُشعِلُ ضوئي، في روحي أسلكُ درب الرب وِفقَ مشيئته وأعيشُ في مجده الإلهي محافظًا على خلاصي وقداستي.
إذن، فالضوءُ ضروريٌّ بالنسبة لي ولكلِّ إنسانٍ ولكلِّ مكانٍ. لذا، يجب على كلٍّ منّا أن يترُكَ “ضوَّه مضوَّا”.
وإن كان ضوَّك يا أخي غير مُشتعِل، فأقولُ لكَ “ضوِّي ضوَّك”.
للأب فادي الرّاعي