عبارة "أخوته"
عبارة أخ في التعبير اليهودي قد تدل علي القرابة الشديدة كما تدل علي الأخ ابن الأب أو الأم أو كليهما. والأمثلة علي ذلك كثيرة منها:
1)* ما قيل عن اخوة بين يعقوب وخاله لابان:
يقول الكتاب عن مقابلة يعقوب وراحيل (فكان لما أبصر يعقوب راحيل بن لابان خاله وغنم لابان خاله، أن يعقوب تقدم ودحرج الحجر عن فم البئر. وسقي غنم لابان خاله. وقبل يعقوب راحيل ورفع صوته وبكي. واخبر يعقوب راحيل أنه أخو أبيها) (تك29: 10-12). مع أن أباها هو خاله، وقد تكررت عبارة خاله في هذا النص مرات كثيرة.
وهنا استعملت كلمة أخ للدلالة علي القرابة الشديدة.
وبنفس الأسلوب تكلم لابان مع يعقوب لما سأله عن أجرته، إذ قال له (لأنك أخي تخدمني مجانًا. أخبرني ما أجرتك) (تك15:29) وهكذا قال لابان عن يعقوب أنه أخوه مع أنه أبن أخته.
1)* مثال آبرام ولوط.
كان لوط ابن أخي آبرام (ابن هارون اخيه) (تك31:11). ومع ذلك يقول الكتاب عن سبي لوط مع أهل سادوم (فلما سمع آبرام أن أخاه قد سبى، جر رجاله المتمرنين) (تك14:14). فاعتبر أن لوطًا أخوه مع أنه ابن اخيه. ولكنها القرابه الشديدة.
وبنفس الأسلوب قيل "أخوة يسوع" عن أولاد خالته كما سنبين الآن من هم أخوة الرب:
لما ذهب السيد إلي وطنه تعجبوا قائلين: أليس هذا ابن النجار؟ أليست أمه تدعي مريم؟ واخوته يعقوب ويوسي وسمعان ويهوذا؟ أو ليست أخواته جميعهن عندنا؟) (مت13: 54-56) (مر6: 1-3).
والقديس بولس الرسول يذكر أنه رأي (يعقوب أخا الرب) (غل9:1). ويعقوب هذا يسمونه يعقوب الصغير (مر40:15). لتمييزه عن يعقوب بن زبدي ويدعي أيضًا يعقوب ابن حلفي (مت3:10) وكان من الرسل كما ورد في (غل19:1).
والقديس متي الرسول يذكر أنه عند صليب الرب (نسوة كثيرات كن هناك، ينظرون من بعيد، وبينهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسى، وأم ابني زبدي (مت27: 55،56).
فمن هي مريم أم يعقوب ويوسى هذه؟ هل هي مريم العذراء؟ وهل يعقل أن العذراء انجبت كل هذه المجموعة الكبيرة من الأنبياء؟!
أنها مريم زوجة حلفي أو كلوبا، التي قال عنها يوحنا الرسول (وكن واقفات عند صليب يسوع: أمه، وأخت أمه: مريم زوجة كلوبا، ومريم المجدلية) (يو25:19) - قارن مع (مت27: 55، 56).
مريم أم يعقوب ويوسي كانت مع مريم المجدلية عند صليب المسيح (مت27: 55، 56). وهما نفسهما: مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي كانتا واقفتين وقت الدفن (تنظران أين وضع) (مر47:15). وهما أيضًا أحضرتا حنوطًا بعدما مضي السبت (مر1:16). وهما أيضًا كانتا واقفتين عند الصليب مع مريم أمه وهما اللتان قصدهما يوحنا الإنجيلي بقوله (وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا، ومريم المجدلية.
إذن اخوة الرب يسوع هم أولاد خالته مريم زوجة كلوبا أو حلفي أم يعقوب ويوسى وباقي الأخوة.
أما عن الخلاف بين أسم حلفى وأسم كلوبا، فإما أن يكون خلافًا في النطق أو كما قال القديس جيروم: من عادة الكتاب أن يحمل الشخص الواحد أكثر من أسم؛ فرعوئيل حمو موسى (خر18:2). يدعي أيضًا يثرون (خر18:4). وجدعون يدعي يربعل (قض32:6). وبطرس دعي أيضا سمعان وصفا، ويهوذا الغيور دعي تداوس (مت3:10). واضح إذن أن أم مريم أم يعقوب ويوسى ليست هي مريم العذراء ولم يحدث مطلقًا أن الكتاب دعاها بهذا الأسم.
ملاحظات
1)* من غير المعقول أن يكون لمريم أم المسيح كل هؤلاء الأبناء ويعهد بها الرب علي الصليب إلي يوحنا تلميذه. لاشك أن أولادها كانوا أولي بها لو كان لها أولاد..
2)* نلاحظ في أسفار يوسف ومريم في الذهاب إلي مصر والرجوع منها، لم يذكر اسم أي ابن لمريم غير (يسوع) (مت2: 14، 20، 21). وكذلك في الرحلة إلي أورشليم وعمره 12 سنة (لو43:2).
3)* وليس صحيحًا ما يقول البعض أن (أخوة يسوع) هو أبناء ليوسف من أمراة أخري ترمل بموتها. فالكتاب يذكر أن مريم أم يعقوب ويوسى كانت حاضرة صلب المسيح ودفنه كما ذكرنا (مر47:15).
4)* وهناك نص كتابي واضح في نبوءة حزقيال يؤيد دوام بتولية العذراء. لقد رأي حزقيال النبي بابًا مغلقًا في المشرق. وقيل له (هذا الباب يكون مغلق لا يفتح ولا يدخل منه أنسان. ( لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقًا) (حز2:44).
إنه رحم العذراء الذي دخل منه الرب، فظل مغلقًا لم يدخله ابن آخر لها.
|