منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 14, 2014 1:28 pm

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   59675613_09_07

أبينا الجليل في القديسين غريغوريوس بالاماس العجائبي رئيس أساقفة سالونيك (+1359م)‏

14 تشرين الثاني شرقي


مهاجرون مقرّبون من القصر

ولد القديس غريغوريوس بالاماس في مدينة القسطنطينية في العام 1296 للميلاد. كان من عائلة من النبلاء. أبوه وأمه مهاجران من بلاد الأناضول تركاها إثر غزوة الأتراك لها. كان أبوه عضواً في مجلس الشيوخ مقرباً من الإمبراطور البيزنطي أندرونيكوس الثاني باليولوغوس. يروى عن أبيه أنه كان يتعاطى الصلاة القلبية ويغيب عما حوله حتى في محضر الإمبراطور. وقد كان يحدث أن يطرح عليه أندرونيكوس سؤالاً فلا يجيبه لأنه كان غارقاً في صلاته. ويبدو أنه صار راهباً واتخذ اسم قسطنديوس عندما أحس بدنو أجله.

أما  أمه فكانت هي الأخرى تقية، حادة الذكاء، تتمتع بمواهب جمة. وقد كان لها على ابنها أطيب الأثر. كما اقتبلت هي أيضاً الحياة الرهبانية.

كان لغريغوريوس أربعة أخوة، أختين وأخوين. وإثر وفاة أبيه تعهّد العائلة الإمبراطور أندرونيكوس. وهكذا تيّسر لغريغوريوس أن يحصّل قدراً وافراً من العلم الدنيوي. كما أمضى سنواته حتى العشرين أو الثانية والعشرين في القصر الملكي. يروى عنه أنه كان صعباً عليه، أول أمره، أن يحفظ غيباً فكان يركع ثلاث مرات ويصلي لوالدة الإله صلاة حارة. وبمعونتها توصل إلى الحفظ عن ظهر قلب بسهولة. درس البيان والخطابة والطبيعيات والمنطق. وقد أبلى في الفكر الفلسفي بلاء حسناً، لاسيما في المنطق الأسطوري حتى كان يبدو لمعلميه وكأنهم يسمعون فيه أرسطو بعينه.

لا للوظيفة، نعم للدير                                                

ولم تغر غريغوريوس نجاحاته ولا كانت له في دنيا الوظائف العامة طموحات. لذا حوّل طرفه ناحية أخرى تحرّك صوبها قلبه بكليته: الرهبنة. اعتاد قبل ذلك أن يلتقي رهباناً ينحدرون من الجبل المقدس (آثوس). وكان هؤلاء يرشدونه إلى الابتعاد عن العالم ويشجعونه على الذهاب إلى الجبل المقدس. كما كانوا يوصونه بالتروّض على أتعاب  الفضيلة قبل ترك العالم. وهكذا بدأ بالسلوك بالفقر إلى حد أن بدأ من حوله يظنون أنه فقد عقله. وقد كان له في شخص ثيوليبتوس، أسقف فيلادلفيا العتيد، خير أب روحي ومعلم حثّه ونشّأه على يقظة القلب والصلاة النقية.

العائلة إلى الرهبنة

أخيراً عزم غريغوريوس على ترك العالم والانصراف إلى الحياة الرهبانية الملائكية. ولما كان بكر أخوته وصاحب الكلمة الأولى في العائلة محل أبيه، فقد رأى أن الحل الأوفق يتمثل في أن يترك هو وأمه وأخواه وأختاه والخدم العالم ويقتبلوا الحياة الديرية. وهكذا كان: توزعت الأم والأختان والخدام على أديرة في القسطنطينية وارتحل غريغوريوس وأخواه، مكاريوس، وثيودوثيوس، إلى الجبل المقدس (آثوس). كان ذلك في العام 1316 للميلاد.

في عهدة أب هدوئي

نزل غريغوريوس وأخواه في مكان قريب من دير فاتوباذي في الجبل المقدس، ووضعوا أنفسهم في عهدة أب هدوئي يدعى نيقوديموس. والهدوئية طريقة رهبانية نسكية تتمثل في حياة نصف مشتركة يتحلق فيها الرهبان حول شيخ روحاني فيسلكون في النسك والصلاة ويذهبون في السبوت والآحاد إلى الدير الذي يعتبر اسقيطهم من توابعه ليشتركوا في الخدم الليتورجية وسرّ الشكر. أمضى غريغوريوس في هذا الموضع ثلاث سنوات قضاها في الصلاة والصوم والسهر. كان ذكر والدة الإله لديه دائماً، يستعين بها على نفسه. ويذكر مترجم سيرته أنه فيما كان يصلي مرة ظهر له يوحنا اللاهوتي، شيخاً وقوراً، وقال له: "لقد أرسلتني إليك ملكة الكل والفائقة القداسة لأسألك لما تصرخ إلى الله في كل ساعة: أنر يا رب ظلمتي! أنر ظلمتي؟! فأجاب غريغوريوس: وماذا أطلب أنا الممتلئ أهواء وخطايا غير الرحمة والاستنارة لأدرك مشيئة الله القدّوسة وأعمل بها؟ فقال له الإنجيلي: إن سيّدة الكل تقول لك بواسطتي أنها جعلتني معها معيناً لك في كل شيء. فسأله غريغوريوس: وأين تريد أم ربي أن تساعدني أفي الحياة الحاضرة أم في الآتية؟ فأجاب يوحنا اللاهوتي: في الحياة الحاضرة والآتية معاً...".

إلى اللافرا فإلى الصحراء

توفي أخو غريغوريوس الأصغر، ثيودوسيوس، وكذا نيقوديموس الشيخ فانتقل غريغوريوس وأخوه الثاني، مكاريوس، إلى دير اللافرا الكبير الذي كان أول دير في الجبل المقدس (آثوس) والذي أسسه القديس أثناسيوس الآثوسي في القرن العاشر للميلاد. بقي غريغوريوس في اللافرا ثلاث سنوات ساد خلالها بنعمة الله والجهاد المرير والنسك الشديد لا على أهوائه وحسب بل حتى على ضرورات الطبيعة. فلقد حارب النعاس وتغلب عليه إلى حد أنه بقي ثلاثة اشهر بلا نوم إلا قليلاً من الراحة بعد الطعام حتى لا يفقد عقله صوابه.

بعد ذلك خرج غريغوريوس إلى الصحراء طالباً المزيد من الخلوة والهدوء، فاستقر حيناً في اسقيط يدعى "غلوسيّا" حيث تتلمذ لناسك شهير في الهدوئية اسمه غريغوريوس البيزنطي فأخذ عنه الأسرار الفائقة للصلاة العقلية ولرؤية الله السامية. وقد اكتسب خلال إقامته في هذا الاسقيط تواضعاً عميقاً اقترن بمحبة لا توصف لله والقريب. كما ساعدته الخلوة والهدوء على تركيز العقل في القلب والدعوة باسم الرب يسوع بنخس، فأضحى كله صلاة وصارت الدموع العذبة تتدفق من عينيه كمن معين ماء لا ينضب.

لم تطل إقامة غريغوريوس في هذا الاسقيط أكثر من سنتين أو ثلاث غادر بعدها إلى تسالونيكي بسبب غارات القراصنة الأتراك (1325م)، وكان بصحبته اثنا عشر راهباً من الأخوة.

الهدوئية العامة

في تسالونيكي، اشترك غريغوريوس لبعض الوقت في حلقة روحية كان يقودها ايسيدوروس، بطريرك القسطنطينية العتيد وأحد تلامذة القديس غريغوريوس السينائي. الفكرة من هذه الحلقة كانت أن الروحانية الهدوئية ليست للرهبان وحدهم بل لعامة المؤمنين أيضاً. وعليه سعى غريغوريوس وايسيدوروس إلى نشر ممارسة صلاة الرب يسوع بين الناس من حيث هي الأداة الأولى لتفعيل نعمة المعمودية.

مثال في الفضيلة

سيم غريغوريوس كاهناً وهو في سن الثلاثين (1362م). ثم انتقل إلى منطقة فاريا الواقعة على الحدود بين مقدونيا وتراقيا واستقر في إحدى مغاورها الجبلية نظير النساك القدامى. هناك، فيما يبدو، قسى على نفسه أشد القسوة، فكان لا يخرج من قلايته خمسة أيام كاملة في الأسبوع إلا السبت والأحد ليشترك في خدمة الأسرار الإلهية وينفع إخوته بكلام روحي. وقد تركت هذه المرحلة من حياته بصماتها على صحته البدنية فأصيب بمرض في الأمعاء.

كان الرهبان والنسّاك في منطقة فاريا ينظرون إلى غريغوريوس كمثال لحياة الفضيلة لأن حياته الملائكية، على حد تعبير مترجمه، "كانت تدهش الجميع وتدخلهم في نشوة"، وكذا كلامه وحكمته الإلهية الفائقة. كما "كان يظهر في بعض الأحيان يقظاً متجهاً كله إلى الله مغتسلاً بدموعه العجيبة، وأحياناً أخرى كان وجهه يظهر بشكل فائق الطبيعة بهياً لامعاً ممجداً بنار الروح القدس، خاصة عندما كان يخرج من القداس الإلهي أو من هدوء صلاته في القلاية".

إلى آثوس من جديد

لم يطل المقام بغريغوريوس في فاريا أكثر من خمس سنوات إذ اضطر تحت غارات الصربيين إلى العودة إلى الجبل المقدس (آثوس) حيث نزل في منسك القديس سابا التابع لدير اللافرا الكبير والرابض فوق أكمة تعلو على الدير ويحتاج قاصدها إلى ساعة سيراً على الأقدام ليصل إليها. هناك انصرف غريغوريوس إلى تواصل أعمق وربه فبلغ معاينة الله في نور الروح القدس والتأله. هنا يروي مترجمه أنه فيما كان ذهنه مرة ملتصقاً بالله "أخذه نعاس خفيف فعاين الرؤيا التالية: ظهر وهو يمسك بيديه وعاء مملوءاً حليباً. وقد أخذ الحليب فجأة يفيض كنبع وينسكب خارج الوعاء. ومن ثم ظهر وكأنه استحال خمرة ممتازة ركية الرائحة... فجأة ظهر له إنسان نوراني بلباس عسكري وقال له: لما لا تعطي يا غريغوريوس للآخرين بعضاً من هذا الشراب العجيب المنسكب بغزارة بل تتركه يذهب هدراً؟ ألا تعلم أنه هبة من الله ولن ينضب أبداً؟ فأجاب غريغوريوس: لا طاقة لي على منح مثل هذا الشراب لأحد ولا يوجد من يطلب مثل هذا النوع من الشراب. أجابه الرجل: وإن لم يكن ثمة من يسعون في طلب في مثل هذه الخمرة، في الوقت الحاضر، فإن عليك أن تعمل وسعك ولا تتهاون في تقديمه للآخرين. أما الإثمار فمتروك لله". هكذا أيقن غريغوريوس أنه قد آن الأوان لمباشرة عمل كتابي يفيد منه من يحرّك الله قلوبهم.

بعض مقولاته

كتابات القديس غريغوريوس عظيمة الأهمية. لذا، وإكمالاً للفائدة، نورد بعض مقولاته.

يقول أنه متى اعتزل الإنسان العالم واستغرق في النشوة الكاملة للروح فإن الله يكشف له ذاته. إذ ذاك تنشقّ الظلمة ولا يبقى غير نور الله يدعونا إليه مؤطراً بنار معتمة. هذا النور هو الله نفسه. فإن صلّى المرء بمنتهى البساطة في القلب وكرّر الكلمات "ربي يسوع المسيح، يا ابن الله، ارحمني" أيضاً وأيضاً، فإنه يؤدي، بذلك، العمل الفائق الذي من أجله خُلق، لأنه سيجد نفسه أخيراً في دائرة الضوء الذي أشرق على قمة ثابور يوم التجلي الإلهي.

كان غريغوريوس يرى الكون مشحوناً بطاقة (energy) التجسّد الإلهي وكذا بجمال العذراء مريم. في عينه أن الأرض موضع إلهي جماله يكاد لا يحتمل. فإن نور التجلي لم يكف عن السطوع. وثمة قديسون يعاينون هذا النور، بعدما جاء المسيح في الجسد، بحراً لا حدّ له يفيض بصورة عجيبة من شمس وحيدة هي جسد المسيح. يقول: "في الاسم القدوس طاقة إلهية تخترق قلب الإنسان وتغيّره متى انبثت في جسده". وكان يؤمن أن ثمة نَفَساً إلهياً معطى للناس يتحرك في أجسادهم المادية، والجسد يقتني القداسة بهذا النَفَس الإلهي المنسكب فيه، وأن الجسد كالنَفْس مخلوق على صورة الله وهو ليس شراً بحال. وللقديس غريغوريوس قول مأثور عن أهمية الجسد "إن الإنسان بفضل كرامة الجسد المخلوق على شبه الله هو أسمى من الملائكة".  

كان يقول أنه من النفس تنسكب في الجسد طاقة إلهية بصورة متواصلة وأن الملائكة وإن كانوا أدنى إلى الله فلا أجساد لهم تنسكب فيها الطاقة الإلهية على هذا النحو. وعنده أن الإنسان يصبح إلهاً متى انكب على التأمل وعاين في موضع القلب نور التجلي المتوهج.

هذا ومع القديس غريغوريوس انتهى الجدل الذي طالما كان قائماً بين قائل بإمكان إدراك الإنسان لله وقائل بخلاف ذلك. فيما أن نعمة الله قد صار بالإمكان معاينتها في النور غير المخلوق المتدفق في "موضع القلب"، وبما أن الرهبان، ولاسيما القديسين، يتمتعون بهذه النعمة، في أعمق تأملاتهم، لذا يخلص غريغوريوس إلى أن الله بات بالفعل قابلاً للمعاينة لأنه هو إياه هذا النور. ومع ذلك يبقى الله، إلى الأبد، غير منظور، يبقى في جوهره كذلك. بكلام آخر، الله معروف في ذاته، في شخصه كنور غير مخلوق، لا في جوهره. بكلمات القديس غريغوريوس نفسه: "ليس لنا أن نشترك في الطبيعة الإلهية، ومع ذلك، وبمعنى من المعاني، لنا أن نشترك، وبيسر، في طبيعة الله، لأننا ندخل في شركة معه، فيما يبقى الله تماماً وفي الوقت نفسه بمنأى عنا. لذا نؤكد معاً، وفي وقت واحد، أمرين متناقضين نسرّ بهما ونعتبرهما مقياساً للحقيقة".

على هذا خلص القديس غريغوريوس إلى أن التجلّي الإلهي على قمة ثابور هو أعظم ما أتاه الرب يسوع من أعمال. التجلي الإلهي يفوق حتى سر الشكر. وقد كتب "أن نور ثابور هو ملكوت الله". لم يكن نوراً مفاجئاً لأنه لا بداية له ولا نهاية، لا يحد في زمان ولا مكان ولا يمكن إدراكه بالحواس العادية. ومع ذلك صار معروفاً والذين اشتركوا في طاقة الله عرفوه وتألهوا به. فالتلاميذ الذين وقفوا فوق قمة ثابور قد رأوا النور وأضحوا كائنات سماوية لأنهم لما حدقوا فيه تروحنت أجسادهم. هذا النور المعمّي عاينه القديس بولس في دمشق وإيليا النبي عندما أخذته عن الأنظار عربة النار وموسى عندما وقف بالعليقة المحترقة. وكيف يلتمس المرء هذا النور؟ قبل كل شيء، بالتوبة والدعوة باسم الرب يسوع واستدعاء رحمة الاسم القدوس.

القديس غريغوريوس بالاماس هو لاهوتي الروحانية الأرثوذكسية الأول. إن كل آباء البرية والذين استغرقوا في خبرة صلاة الرب يسوع والتماس النور الإلهي قالوا واختبروا ويختبرون ما سكبه القديس غريغوريوس في قالب أجاد في حبكه. وقد كان التعبير عن هذا التراث الحي غاية في الأهمية في القرن الرابع عشر لأن الروحانية الأرثوذكسية تعرّضت، آنئذ، لهجمات من الداخل والخارج كان يمكن أن تحوّلها عن مسارها وتغيّر ملامحها وتلقيها في خضم التيارات الفكرية التي بدأت تعبث بالغرب، آنذاك، والتي تمثلت في بعث الفكر الفلسفي الإغريقي والوثنيات القديمة وتمخضت، فيما بعد، عن التيارات العقلانية والحركة البروتستانتية، كما خلقت المجتمعات الدهرية التي أخذت ترتكز على الفلسفة الإنسانية والأخلاقيات دون الإلهيات وأفرعت ما يعرف بفلسفة "الله مات".

المواجهة التاريخية

في هذا الإطار كانت المواجهة التاريخية الشهيرة بين القديس غريغوريوس بالاماس والراهب برلعام.

كان برلعام من كالابريا، في جنوبي إيطاليا، يوناني اللسان. جاء إلى مدينة القسطنطينية خلال العام 1338 فذاع صيته في أوساط المفكرين فيها كعالم وفيلسوف مميز، كما خصّه الإمبراطور ورئيس وزرائه بإكرام وتقدير كبيرين. كان برلعام أرثوذكسياً في الظاهر وقد كتب ضد اللاتين. قال بعدم إمكان معرفة الله في ذاته، واستند في تعاطيه مع مؤلفات الآباء الشرقيين إلى تحليلاته الذهنية والفلسفية دون الخبرة الصلاتية، لذا اصطدم بما كان يدّعيه الهدوئيون من إمكان معرفة الله ومعاينة النور غير المخلوق عن طريق صلاة الذهن في القلب والتركيز والإيقاع الجسديين الموافقين لها. فشنّ عليهم حملة شعواء وكفّرهم بحجة الخروج على عقائد أساسية مسلّم بها في الكنيسة. إذ ذاك انبرى القديس غريغوريوس بالاماس للدفاع عن تراث طالما عاش الرهبان في كنفه وخبروه حياً في ذواتهم على مدى الأجيال. وطبعاً كان لكل من الاثنين، غريغوريوس وبرلعام، مناصروه في كافة الأوساط: القصر والجيش والأساقفة والمفكرين والرهبان وحتى العامة. وهكذا قامت الدنيا ولم تقعد ردحاً من الزمان. في هذه الفترة بالذات كتب القديس غريغوريوس ثلاثيته في الدفاع عن القديسين الهدوئين. وقد التأم مجمعان، خلال شهري حزيران وآب من العام 1341، في أروقة آجيا صوفيا، وأدانا برلعام الذي تحوّل إلى الغرب وصار أسقفاً في إيطاليا.

غير أن رحيل برلعام لم يكن كافياً لوضع حد للصراع، فقام أكندينوس بمتابعة الحملة ضد القديس غريغوريوس والرهبان وناصره في رأيه بطريرك القسطنطينية، يوحنا كاليكاس، لأسباب سياسية. ولكن، أقيل البطريرك في العام 1347م وأخذ مكانه ايسيدوروس الذي زكى غريغوريوس وجعله أسقفاً على سالونيك. وكان أهم المجامع المنعقدة في هذا الشأن ذاك الذي التأم في شهر تموز من العام 1351م والذي أدان آخر أعداء بالاماس، الفيلسوف نقفر غريغوراس، وأعلى شأن القديس غريغوريوس والكتابات التي وضعها من حيث تعبيرها الصادق والصافي عن إيمان الكنيسة الأرثوذكسية.

وقوعه في الأسر

ولعل آخر وأهم حدث في السنوات الأخيرة من حياة القديس غريغوريوس كان وقوعه في الأسر. فبينما كان ينتقل بطريق البحر من تسالونيكي إلى القسطنطينية وقع في أيدي القراصنة الأتراك الذين استاقوه إلى آسيا الصغرى حيث بقي أسيراً ما يقرب من سنة (1353 – 1354م). أمران أساسيان ميّزا هذه الفترة من حياة قديسنا، كما يتضح من الرسائل والوثائق العائدة إليها، أولهما التسامح الكبير الذي كان الأتراك يعاملون به المسيحيين، سواء الأسرى منهم أو سكان المناطق المحتلة، والثاني اهتمام القديس غريغوريوس بالدين الإسلامي.

وقد تجلّى الأمر الأخير بصورة خاصة، في الحوار الصريح الذي كان للقديس غريغوريوس مع الابن الأكبر للأمير التركي أورخان. وبنتيجة هذا الحوار عبّر قديسنا عن الأمل في أن "يحل يوم"، على حدّ تعبيره، "يصبح فيه بإمكاننا أن نفهم بعضنا بعضاً...".

ويبدو أن قديسنا عاش في هدوء خلال القسم الأكبر من هذه الفترة في دير من ديورة نيقيا إلى أن افتداه بالمال بعض الأتقياء الصرب.

رقاده

أما رقاد القديس غريغوريوس فكان في تسالونيكي في الرابع عشر من شهر تشرين الثاني من العام 1359 للميلاد، بعد أشهر من المرض الشديد. ويذكر مترجمه أنه "بعد أن فارقت جسده روحه الطاهرة، أظهرت نعمة الروح القدس البهاء الداخلي الذي كان في نفسه وذلك بطريقة عجيبة، إذ أن نوراً ساطعاً ملأ تلك القلاية التي كانت فيها رفاته. فاستضاء وجهه وجسده لم يزل بعد جاثياً يابساً قبل الدفن... وقد لازمت نعمة الروح القدس رفاته الشريفة واستبان مسكناً للنور الإلهي ومنبعاً للعجائب والمواهب ومستشفى عاماً مجانياً. لذلك لقب بالعجائبي...".

هذا وقد أعلنت قداسة القديس غريغوريوس في مجمع عقد في القسطنطينية بعد تسع سنوات من رقاده، في العام 1368م، برئاسة تلميذه وصديقه، فيلوثاوس، البطريرك المسكوني، وهو الذي كتب سيرته. وقد وصفه المجمع بأنه "الأعظم بين آباء الكنيسة".





طروبارية للقديس غريغوريوس بالاماس باللحن الثاني

يا كوكب الرأي المستقيم، وسند الكنيسة ومعلمها، يا جمال المتوحدين ونصيراً لا يحارب للمتكلمين باللاهوت، غريغوريوس العجائبي، فخر تسالونيكية وكاروز النعمة، ابتهل على الدوام في خلاص نفوسنا.


قنداق غريغوريوس بالاماس ياللحن الثاني

إننا نمدحك بأصوات متفقة يا غريغوريوس المتكلم بالإلهيات، يا بوقاً بهياً للتكلم باللاهوت، وآلة شريفة إلهية للحكمة، فبما أنك ماثلٌ لدى العقل الأول بمثابة عقلٍ، أرشد عقلنا إليه أيها الأب لكي نصرخ هاتفين: السلام عليك يا كاروز النعمة. 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 14, 2014 1:29 pm

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 14, 2014 1:30 pm

يقول إنه متى اعتزل الإنسان العالم واستغرق في النشوة الكاملة للروح فإن الله يكشف له ذاته. إذ ذاك تنشقّ الظلمة ولا يبقى غير نور الله يدعونا إليه مؤطَّراً بنار معتمة. هذا النور هو الله نفسه. فإن صلّى المرء بمنتهى البساطة في القلب وكرّر الكلمات "ربي يسوع المسيح، يا ابن الله، ارحمني" أيضاً وأيضاً، فإنه يؤدي، بذلك، العمل الفائق الذي من أجله خُلق، لأنه سيجد نفسه أخيراً في دائرة الضوء الذي أشرق على قمة ثابور يوم التجلي الإهلي.

في الإسم القدوس طاقة إلهية تخترق قلب الإنسان وتغيّره متى انبثّت في جسده".

قول عن أهمية الجسد

"إن الإنسان بفضل كرامة الجسد المخلوق على شبه الله هو أسمى من الملائكة".

"ليس لنا أن نشترك في الطبيعة الإلهية، ومع ذلك، وبمعنى من المعاني، لنا أن نشترك، وبيسر، في طبيعة الله، لأننا ندخل في شركة معه، فيما يبقى الله تماماً وفي الوقت نفسه بمنأى عنا. لذا نؤكد معاً، وفي وقت واحد، أمرين متناقضين نسرّ بهما ونعتبرهما مقياساً للحقيقة".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 14, 2014 1:31 pm

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   71847113_09_20 
أيقونة
قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   57330413_09_20 
أيقونة
قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   27803813_09_20 
أيقونة
قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   18434213_09_20 
أيقونة
قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   92308613_09_20 
أيقونة
قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   51912013_09_20 
أيقونة
قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   27759513_09_20 
القدّيس غريغوريوس بالاماس مع أفراد عائلته
قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   92123413_09_20 
رفات القدّيس غريغوريوس بالاماس
قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   81124513_09_20 
كنيسة القدّيس غريغوريوس بالاماس في تسالونيكي حيث تربض رفاته
قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   23066513_09_20 
أيقونة
قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   43950413_09_20 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 14, 2014 1:33 pm


علاقة العلم بالدين حسب فكر غريغوريوس بالاماس


وهذا واحد من المواضيع المهمّة التي تصدى لها في ثلاثياته، وهو موضوع كان مطروحاً فلسفياً بقوّة في تلك العصور، ونقرأ عن قلم بالاماس الرأي الأرثوذكسي الأصيل فيه بعد أن تطرّق له ابن رشد في الإسلام ( وربما تأثّر به برلعام ) وتطرّق له أيضاً بعض الآباء اللاتين مثل توما الإكويني وغيره في كنيسة روما.

أما بالاماس فيمضي في هذا الموضوع قدماً ويطرح طروحات لم يسبقها إليه أحد في تاريخ الفلسفة، طبعاً إذا استثنينا القديس باسيليوس الكبير الذي تصدى لهذا الأمر في القرن الرابع الميلادي ولكن عندها كانت الفلسفة مختلفة كثيراً عن زمن بالاماس.

يفصّل بالاماس الحكمة إلى ثلاثة أنواع مستقلّة عن بعضها، وهي: الحكمة الشيطانية، أي خزعبلات التنجيم وخرافات الوثنيين وما ماثلها، الحكمة الطبيعية، وهي ما ندعوه اليوم بالعلوم على مختلف أشكالها، الحكمة الإلهية، ويعرّفها بالاماس بأنّها "معرفة مشيئة الله وما هو صالح وكامل ومرضي لله".

في الوقت الذي ينهي بالتأكيد عن ممارسة الحكمة الشيطانية وأساليبها الخادعة، يقول بالاماس مستشهداً بالآباء بأن الحكمة الطبيعية ( العلوم ) أمر جيّد بشرط استخدامها بطريقة جيدة، إذ يمكن أن تكون مضرّة وهدامة للنفس أو مفيدة للإنسان وحياته البشرية، والفائدة الروحية لها هي استنتاج وجود الله وعنايته بالخليقة. ولكن يضع شروطاً لممارستها، وهي أن لا يغرق فيها الإنسان طيلة سني حياته حتى الشيخوخة بدون فائدة، وأن يتركها الرهبان ما أن يدخلوا السيرة الرهبانية، وألا يُعتمد عليها بشكل كامل لفهم وشرح الأسفار الموحى بها من الرب. أما الحكمة الإلهية فهي ناتجة عن موهبة روحية من الله وليس من التمرّن والممارسة الفكرية.

يمكن اختصار رأي بالاماس في موضوع الحكمة بهذا المقطع الذي يقول فيه "إذا كان أحد لم يبق زماناً طويلاً غارقاً في الكتب ... بل عرف الله حتى أنّه ترك كل شيء وصار يقربه في النقاوة، فكم تكون نقاوته أعظم ممن يصنّف سائر الكائنات ويظن أنّه يقتني معرفة شاملة، ثم يفرفر متقلّباً في هذا العالم ويستنفد أو يكاد، كل الحبّ القادرة عليه نفسه، فلا يحبّ الإله المتسامي على كلّ شيء من كل نفسه ومن كل قلبه."

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 14, 2014 1:34 pm


أحد القديس غريغوريوس بالاماس (الأحد الثاني من الصوم‎( ‎


ينتهي إنجيل الأحد الأول من الصوم بتلميح إلى خدمة الملائكة. وتأتي رسالة اليوم (العبرانيون 10:1- 3:2) أيضاً على ذكر الملائكة. فالنص المقدس يقارن بين خدمة الملائكة وخدمة المخلِّص نفسه التي تفوقها. إذا كان العصيان على مضمون الرسائل التي تبلّغنا إياها الملائكة هو معاقب حقاً، فكم تكون معاقبة الإنسان الذي يهمل خلاصاً بشّر به المسيح وأتى به، إذ (لمن من الملائكة قال قط: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك ؟).

يروي إنجيل هذا اليوم (مرقس 1:2- 12) قصة شفاء مخلع كفرناحوم. لقد غفر خطاياه وأجاب، إذ تعجب الكتبة من أن أحداً غير الله يستطيع غفران الخطايا: (أيما أيسر أن يُقال: غُفرت لك خطاياك أم أن يُقال: قم فاحمل سريرك وامشِ ؟ ولكن، لكي تعلموا أن ابن البشر له سلطان على الأرض أن يغفر الخطايا، أقول لك: قم فاحمل سريرك واذهب إلى بيتك). فالموضوع الرئيسي لهذا الحادث هو القدرة على الغفران والشفاء معاً التي يمتلكها الرب يسوع. ثم عندنا التأكيد – بالإضافة إلى البرهان – على أنه لا يجب فصل الشفاء والغفران. فالمخلع، وهو ملقى على سريره، قد وُضع عند قدمي المسيح. لكن لم تكن أول كلمة ليسوع: (اشفَ)، بل: (غُفرت خطاياك). فعلينا، في أوجاعنا الجسدية، أن نصلّي من أجل تطهيرنا الداخلي، من أجل غفران زلاتنا، حتى قبل التماس النجاة المادية. وأخيراً أمر يسوع المشفى بأن يحمل سريره إلى البيت. فمن جهة، يصبح الجمع مقتنعاً بصورة أفضل، بحقيقة المعجزة إن رأى هذا الرجل قد أعيد قوياً بالكفاية ليحمل سريره. ومن جهة أخرى، فعلى من غُفر له، وتغيّر داخلياً على يد يسوع، أن يبيّن لأهل بيته، بعلامة جليّة (ليس بحمل السرير، بل بالأقوال والأفعال والمواقف) أنه إنسان جديد.

وتجدر الملاحظة أن رسالة هذا اليوم وإنجيله لا علاقة لهما بالقديس غريغوريوس بالاماس، مع أن التقويم يربط اسمه بالأحد الثاني من الصوم. وذلك لأن تذكار بالاماس لم يدخل إلاّ في القرن الرابع عشر، في حين كانت فيه بنية هذا الأحد الليتورجية قد سبق إقرارها بموجب خطوط أخرى. يرد ذكر غريغوريوس بالاماس في خدمَتيْ المساء والسَحَر. فقد عرض القديس غريغوريوس بالاماس (17) العقيدة اللاهوتية المتعلقة (بالنور) الإلهي ودافع عنها دفاعاً جباراً. لكن لا تدخل نصوص الخدمة في تفاصيل أو توضيحات حول المفاهيم الخاصة ببالماس، بل تتكلم بصورة عامة عن النور وعن الذي قال: (أنا نور العالم). يجمع أحد نصوص صلاة السَحَر ثلاث أفكار رئيسية: فكرة المسيح الذي ينير الخاطئين، فكرة إمساك الصوم، وفكرة كلمة (قم) التي وجهها المخلّص إلى المخلّع والتي نوجهها نحن الآن إليه: (أيها المسيح، يا من أشرقت نوراً للساكنين في ديجور الخطايا، في أوان الإمساك أرنا يوم آلامك الجليل، لنهتف إليك: قم يا لله فارحمنا(.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 14, 2014 1:35 pm


الأحد الثاني من الصوم -أحد القديس غريغوريوس ‏بالاماس


إنّ تثبيت القدّيس غريغوريوس بالاماس لتعاليم الكنيسة المقدّسة في القرن 14 ٱعتُبر ٱنتصارًا ثانيًا للأرثوذكسية بعد ٱنتصارها على محاربي الأيقونات. لهذا خصّصت الأحد الثاني من الصوم لذكراه إلى جانب عيده في 27 تشرين الثّاني الّذي هو تذكار رقاده، رغم أنّ البنية الليتورجية لهذا الأحد قد سبق إقرارها قبل القرن 14 بموجب خطوط أخرى.

”كان يمكن أن تُبتلَع الأرثوذكسيّة، ومعها الرّوحانيّة التّراثيّة، ممّا تفشّى في الوجدان الغربيّ. لكنْ، بعناية العليّ ووعي الكنيسة الأرثوذكسيّة، تأكّد لهذه الرّوحانيّة الثّباتُ واستعلتْ خبرةُ الرّهبان والمؤمنين، بعامة، يومذاك، على المخاطر والهجمة الوجدانيّة الفكريّة الشّرسة الّتي تهدّدتها، وكان القدّيس غريغوريوس بالاماس بؤرة الرّوح التّراثيّة بامتياز وكلمة الكنيسة الفصل منذ أوّل تاريخها إلى ذلك الحين. فقالت الكنيسة، في مجمعَين انعقدا في القسطنطينية في حزيران وآب سنة 1341 وتمّوز سنة 1351: ما خبره غريغوريوس والرّهبان وما قاله وكتب عنه، في شأن المعاينة الإلهيّة، هو ما خبرته وتختبره الكنيسة الجامعة منذ البدء وهو تعليم آبائها، بلا منازع، جيلاً بعد جيل.

من ذا أهمّية القدّيس غريغوريوس وتعظيم الكنيسة له!“
إن هذا الجليل ابن النور الذي لا يشوبهُ مساءٌ إنسان الله بالحقيقة وخادم الإلهيات العجيب قد كان منشأهُ من بلاد أسيّا ابناً لوالدَيْن شريفي الحسب والنسب واجتهد أن يزيّن بالفضيلة والأدب ليس فقط الإنسان الخارجي المحسوس بل بالأحرى الداخلي الغير المنظور. فلمّا توفي أبوهُ ربّته والدته من صغر سنهُ مع إخوتِه وشقائقِه وأدّبتهُ بأدب الرب وبالنصائح الإلهيّة والعلوم الشريفة واعتنت بوضعِهِ عند معلمين ليتروض جيداً بالحكمة الخارجية فمذ مزج الجهد اللائق مع ذكاوته وحذاقته الطبيعية حصل في برهة يسيرة على علوم وفنون مختلفة. ولما بلغ إلى سن العشرين سنة احتسب كل الأشياء باطلة أرضية وأخدع من الأحلام. وطلب أن يبادر نحو الإله المسبب الواهب كل حكمة ويفرز ذاته بجملته له بواسطة سيرة فضلى كاملة فمن ثم كشف لوالدته قصده المرضي لله وشوقه وعشقه الحار نحو الله الكائن في قلبه منذ زمان طويل فوجدها مشتاقة وهي أيضاً لمثل ذلك ومبتهجة معه بالسوية لأجل ما عزم عليه. فجمعت الأم حالاً بنيها حولها وقالت بحبور ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الله وجربت عزمهم نحو الأشياء الصالحة وكشفت لهم قصد أخيهم الأكبر وهو أيضاً تكلم معهم بأقوال نصحيّة فأقنعهم حالاً جميعهم ووجدهم تابعين بنشاط لعزمه وشوقه الحاصل عنده لترك الحياة والهرب منها.

ففرق موجوداته على البائسين حسب قول الإنجيل وغادر بشهامة الأنظار الملوكية والكرامات ومجد البلاط الملوكي وتبع المسيح. فبعد أن رتب والدته وشقائقه في دير العذارى أخذ أخوته وذهب إلى جبل آثوس المنسوب إلى القداسة. فأما أخوته فأقنعهم أن يلبثوا مقيمين في غير أديرة ويستسير كل منهم بالسيرة المرضية لله أن لم يسمح لهم الوقت بأنهم يجتمعون ويكونون متحدين مع بعضهم. وأما هو فسلم ذاته لطاعة رجل عجيب عائش بالهدو لله وحده يُدعى نيكوديموس الذي منه تعلم كل وصية وكل فضيلة بواسطة الأعمال بتواضع نفس وإذ اقتبل في ذلك المحل باستعلان سري معاضدة والدة الإله الكلية الطهارة وعونها للجميع الذي لا يُحارب بعد أن انتقل ذاك إلى الرب توجه إلى سيق سابا العظيم وأقام به مدة من السنين وبعد ذلك باهتمام عظيم وعزم يضاهي عزم الشيوخ انتزح عن السيق لأجل محبة الهدوء واعتنق الفقر. وإذا كان دائماً يزداد هيامه هياماً ويُؤثر أن يكون مع الله على الدوام دفع ذاته لتقشفٍ عظيم واستسار بغاية الزهد والتنسك فأصرف الحواس عن الأمور الأرضية وجمعها من كل ناحية بصلاة خشوعية ورفع العقل نحو الله وجعل الوقت جميعه لاهتمام الصلاة ودراسة الأمور الإلهية وثقف سيرته حسناً. فبموازرة الله دحض قتال الجن بالكلية وقهرهم ببسالة وطهر نفسه بانسجام ينابيع العبرات مدى الليالي فحصل إناءً منتخباً لمواهب الروح الإلهي واستحق لمعاينة المناظر الإلهية بتواثر. ثم والأعجب من ذلك أنه وبعد انتقاله إلى ثسالونيكية من تلقاء غارات الاسماعيليين وإذ كان يعمل الاسقيطة التي في باريا وكان مضطراً أن يتردد ويقيم في بعض المدن ما ترك ولا بسبب ذلك أيضاً ما قد كان عليه من كمال السيرة والتصرف.

فلما نقى وطهر نفسه وجسده تطهيراً كاملاً في مدة من السنين ليست بيسيرة انتُخب من الله لقبول موهبة الكهنوت العظيمة وكان كفاقد الهيولى وخارج عن ذاته يكمل جميع أسرار هذه الخدمة حتى أنه كان بالنظر إليه فقط يُخشع نفوس الناظرين. فحصل عظيماً بالحقيقة وعُرف لدى المستسيرين بحسب ما يرضي الله أنه إناءٌ للروح وبما أنه هكذا كان يظهر أيضاً للذين ينظرون ظواهره أنه له قوة على الشياطين وينقذ من كان قد اقتُنص من حيلهم وخداعهم وينقل محل الأشجار إلى خصب ويسبق فينظر المستقبلات وكان مزيناً بباقي مواهب الروح الإلهي وأثماره. فبحيث أن فعل الفضيلة هو متعلق في إرادتنا إلا أن السقوط في التجارب ليس هو منوط بسلطتنا ولكون أيضاً بدون هذه لا يحصل كمال ولا إظهار الإيمان بالله (لأنه يقال أن العمل والشوق الصالح متى اجتمعا يكملان الإنسان المتصرف بما يرضي الله) فلذلك حصل السماح بأن يسقط هذا المعظم بتجارب ومحن مختلفة ومتواترة لكي بالجميع يظهر كاملاً بالحقيقة. فأي عقل يستطيع أن يتصور ما حدث له من ذلك وأي قول يمكنه أن يصف حيل المحارب الشديدة التي حصلت أعظم من التي سبقت قديماً وثلب محاربي الله المحدثين واتهامهم إياه والأضرار والأحزان المتنوعة التي احتملها منهم في مدة ثلاث وعشرين سنة التي ما كفّ محارباً فيها ومناضلاً عن حسن العبادة. لأن الوحش الإيطالي أعني برلام الكالافري إذ كان يتباهى ويترفع بالحكمة الخارجية وبباطل أفكاره وآرائه يحستب أنه خبير بكل شيءٍ أثار حرباً شديدة على كنيسة المسيح وعلى إيماننا المستقيم وجميع المعتصمين به اعتصاماً وثيقاً. لأنه كان يعتقد بجنون أن نعمة الآب والابن والروح القدس ونور الدهر العتيد الذي به سيلمع الصديقون كالشمس كما سبق المسيح فأظهره بإشراقه على الجبل وبالجملة كل قوة وفعل اللاهوت المثلث الأقانيم وكل ما يفرق قليلاً عن الطبيعة الإلهية هو مخلوق. وأما الذين بحسن عبادة يعتقدون أن ذاك النور الإلهي كما وكل قوة وفعل للاهوت هو غير مخلوق بما أن ولا خاصة من الخواص الطبيعية الإلهية هي محدثة لله فبأقوال وتأليفات مطنية كان يدعوهم برلام ذوي الهين وكثيري الآلهة كما يسمينا اليهود وصاباليوس وآريوس.

فلأجل ذلك استُدعي غريغوريوس من الكنيسة وحضر إلى القسطنطينية كمناضل ومجاهد شهير عن حسن العبادة ومحارب أشد بأساً وقابل كل ثلب ومذمة من أجلها وكان المحامي إذ ذاك عن حسن العبادة اندرونيكوس الملك الباليوغوس الرابع فعُقد مجمع شريف فلما حضر برلام وأظهر معتقداته السيئة الرأي ومثالبه للحسني العبادة امتلأ غريغوريوس العظيم روحاً إلهياً وتسربل من العلا قوةً لا تحارب فأبكم ذاك الفم المفتوح على الله وأخزاه للغاية وبأقوال وتأليفات نارية أحرق قش بُدعه وأحالها إلى رماد. فلما لم يحتمل الخزي هذا المحارب لحسن العبادة هرب نحو اللاتينيين من حيث وافى وأقام هناك وبعد ذلك حالاً هذا الأب غريغوريوس وبخ وفضح بوليكيندينوس بواسطة مجمع وبأقوال مضادة لتعاليمه الكاذبة أفرز مصنفاته. إلا أن المشاركين فساد أولئك ولا بذلك كفوا عن محاربة كنيسة الله. فلذا بإلزام المجمع الشريف والملك ذاته وبالأحرى بانتخاب من الله أذعن غريغوريوس وارتقى على سدّة رئاسة الكهنوت وحصل راعياً لكنيسة ثصالونيكية الشريفة. فتكبد جهادات أكثر جداً مما سبق من أجل الإيمان القويم الرأي بشجاعة وتجلدٍ لأنه بأقوال ومصنفات ملهج بها من الله بأشكال متنوعة نقض وقلب معتقدات وتأليفات خلفاء برلام واكيندينوس الأشرار لما ظهروا كثيرين وأشداء كنتائج ردية من وحوش ردية. وذلك ليس مرة أو مرتين أو ثلاث مرات فقط بل مرات عديدة وليس على عهد ملك وبطريرك واحد بل على عهد ثلاثة ملوك متقلدين صولجان الملك بتتابع ثلاثة بطاركة ومجامع يعسر إحصاءها وقهرهم بالكلية وحطم قوتهم للغاية. مع ذلك قد بقي بعض منهم على هذه الصورة لما لم ينعكفوا ولا انثنت عزائمهم ولا احتسبوا القضاء العلوي شيئاً. لأن ومن جميع الهرطقات يوجد أيضاً للآن بقايا تتواقح على القديسين الذين ضمحلوها لكي لا أقول جنس اليهود الكلي الجسارة والقحة الذي وللآن أيضاً هو مصرٌ على جنونه ضد المسيح.

فهذه هي كمية وكيفية ظفر المعظم وانتصاره على الملحدين بوجه الاختصار إلا أن الله بطرائق لا يُلفظ بها أرسله معلماً للمشارق فأرسل كسفير من ثسالونيكية إلى القسطنطينية ليصالح الملوك بما أنه كان بينهم خصومة فقُبض عليه من الهاجريين وضُبط عاماً كاملاً جائلاَ من مكان إلى مكان ومن بلدة إلى بلدة ومعلماً بإنجيل يسوع بشهامة. فأما للثابتين في الإيمان فكان يوطد بالأكثر ويقوي وينصحهم أن يلبثوا مقيمين على الإيمان. وأما للمتقلقلين به الذين كانوا يوردون بعض مشكلات وأبحاث عما كان يصير في ذاك الوقت فكان يثبت بحكمة إلهية مانحاً إياهم العلاج الكافي والحل لما كانوا يعترضون به. وأما لباقي الكفرة والذين انشقوا بشقاوة عن المسيحيين ولاذوا بأولئك الثالبين اعتقاداتنا في تديبر تجسد ربنا وإلهنا وسجودنا للصليب الكريم والإيقونات المقدسة كان يخاطب أحياناً كثيرة بمجاهرة. وكان أيضاً يتكلم عن محمد وعن مباحث أخرى كثيرة مقدمة منهم. فالبعض كانوا يتعجبون منه وآخرون كانوا يزأرون ويمدون أياديهم عليه الذين لولا أملهم بأخذ أمواله لكانوا أماتوه شهيداً. إلا أن العناية الإلهية حفظته كما ذكرنا فبعد أن جرى ذلك نُجي المعظم وأنقذ من محبي المسيح ورجع ثانياً إلى رعيته سالماً كشاهد بغير سفك دمه فمع المواهب والمزايا الأخرى العظيمة التي كانت له تزين أيضاً وهو بعلامات المسيح حاوياً في ذاته كما يقول بولس أعواز المسيح. ولكي نُظهر بعض من خاصياته نذكر أخص ما يكون وهي هذه الوادعة والتواضع بما يفوق الحد حيث لم يكن قول عن الله وعن الأمور الإلهية لأن في مثل ذلك كان محارباً شديداً. عدم الحقد وفقدان الشر. الاهتمام بقدر الاستطاعة. بأن يجازي بالحسنات للذين كانوا يظهرون أردياء في بعض أشياء نحوه. عدم تصديق السعاية والأقوال ضد الآخرين بسهولة. الثبات والتجلد بإزاء المحن الصعبة الواردة عليه. التنزه عن كل لذة ومجد فارغ. التذلل والاقتصاد في جميع مقتضيات الجسد مع أنه كان ضعيفاً جداً من جراء الوقت. التجلد بهدوء وعدم اضطراب. البشاشة دائماً التي كانت بهذا الحد مطبوعة فيه حتى أنه من ظواهره كان يُعلم للناظرين. ثم التعقل والإصغاء في كل شيء. عدم خلو عينيه من الدموع تقريباً على ما كان يحدث بل توجّعهُ دائماً لذلك بينابيع دموع. فعلى هذا المنوال جاهد مكافحاً بإزاء الآلام والشياطين من الابتداء إلى الانتهاء وطرد الأراتقة بعيداً عن كنيسة المسيح وجاهر بالإيمان القويم الرأي بأقوال ومصنفات التي بواسطتها ختم كل كتاب ملهج به من الله بما أن سيرته وقوله حصل كخاتمة وختمٍ لسيرة القديسين وقولهم ورعى أيضاً رعيته رعاية رسولية ومرضية لله مدة ثلاث عشرة سنة وزينها بأقوال أدبية وقادها إلى صيرة سماوية وحصل كفاعل عمومي للأرثوذكسيين الذين كانوا إذ ذاك أحياءً وللصائرين من بعدهم. ثم انتقل إلى حياة فائقة العالم في سنة ألف وثلاثمائة واثنتين وستين من المسيح بعد أن عاش ثلاث وستين سنة فأما روحه فأسلمها بيد الله وأما جسمه الشريف فتركه للرعية الذي هو باقٍ لحد الآن في مدينة ثسالونيكية متلألئاً وممجداً في النهاية بحالة بديعة كميراث وكنز فائق الثمن. لأنه يجود بالعجائب دائماً على كل من اقترب إليه بإيمان ويمنح العتق من أسقام مختلفة التي تاريخه قد يصف منها جانباً ليس بيسير.

فبشفاعاته اللهم ارحمنا وخلصنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 14, 2014 1:36 pm


الوصايا العشر في الناموس المسيحي ‏‎-‎‏ القديس غريغوريوس ‏بالاماس


نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

                                                                                               

1. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ

الرب، إلهك، هو رب واحد (تثنية 4:6)، وهو معروف كآب، وابن وروح قدس. الآب غير مولود. الابن مولود ككلمة الآب، من غير ابتداء سرمدي وبلا هوى. لقد سُمّي المسيح لأنّه مسح من ذاته الطبيعة البشرية التي أخذها منّا. يخرج الروح القدس من الآب، ليس بالولادة بل بالانبثاق. ربنا هو الإله الوحيد. إنّه الإله الحقيقي، الرب بثلاثة أقانيم، الذي لا ينقسم بالطبيعة ولا بالمشيئة ولا بالقوة، ولا بأي صفة من صفات الألوهة.

أحبب فقط هذا الإله الثالوثي واعبده وحده، بكل فكرك وبكل قلبك وبكل قوتك. احفظ كلماته ووصاياه في قلبك، حتى تنفّذها وتدرسها وترددها في جلوسك، ومسيرك وفي سريرك وعندما تنهض. تذكّر الرب إلهك بلا انقطاع. ارهب منه وحده. لا تنسَه هو ولا وصاياه. وهكذا هو يعطيك قوة لتتمّ مشيئته، لأنّه لا يطلب منك أي شيء سوى أن تكون مكرّساً له وتحبّه وتسير على دروب وصاياه. إنّه فخرك وإلهك.

عندما تعلم أنّ الملائك السماويين هم بلا هوى وغير منظورين، وأن الشيطان الذي سقط من السماء هو شرير جداً وذكي وقوي ومحنّك في خديعة الإنسان، لا تظنّ أنّ أياً منهم يساوي الله في الشرف. وعندما ترى أيضاً عظمة السماء وتعقيدها، لمعان الشمس، بهاء القمر، نقاوة النجوم الأخرى، سهولة تنشق الهواء، كثرة منتجات الأرض والبحر، لا تؤلّه أيّاً منها. إنّها كلّها خلائق الإله الواحد، وهي تخضع له وهو بكلمته خلقها كلّها من العدم. "لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فَصَارَ" (مزمور 9:33). إذاً وحده رب الكون وخالقه أنت تمجّد كإله. تعلّق به بمحبة وتُبْ إليه نهاراً وليلاً عن كل خطاياك الطوعية والكرهية، لأنّه طويل الأناة ورحيم جداً، صبور، وصانع بر إلى الأبد. لقد وعد الذي يحترمه ويعبده ويحبه ويحفظ وصاياه، وهو يعطي بحسب وعده، بالتمتّع بالملكوت السماوي الأزلي والحياة التي بلا ألم ولا موت والنور الذي لا يغرب.

لكنّه أيضاً إله غيور وحاكم عادل ومنتقم رهيب. لقد هيّأ جحيماً أبدياً، ناراً لا تُطفأ، ألماً لا ينقطع، حزناً لا عزاء له، ومكاناً مظلماً ضيقاً للخائن الشرير الأول، أي الشيطان، وقد فرض كل هذا على غير التقي والذي لا يطيع وصاياه وينتهكها، ولكل الذين انخدعوا بالشيطان وتبعوه، ما أن ينكروا صانعهم بأعمالهم وكلماتهم وأفكارهم.



2. لا تصنع لك صنماً ولا ما يشبهه

"لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ" (خروج 4:20). لأن كل هذه هي خلائق الإله الوحيد الذي في الأزمنة الأخيرة، بعد أن تجسّد في رحم بتولي، ظهر على الأرض وأقام بين البشر. وعندما تألّم ومات وقام لخلاص البشر، صعد بالجسد إلى السماء وجلس في الأعالي عن يمين الله. بجسده سوف يأتي أيضاً في مجد ليدين الأحياء والأموات.

إذاً، من المحبة له، وهو الذي صار إنساناً لخلاصنا، اصنعْ له أيقونة. وعِبر الأيقونة، تذكرّه واعبده. من خلال الأيقونة، ارفع عقلك إلى جسد المخلَص المبجّل، الجالس في الأعالي عن يمين الآب. اصنع أيضاً أيقونات للقديسين، وأكرمهم أيضاً، ليس كآلهة، لأنّ هذا محرّم، بل بسبب علاقتك بهم، وميلك إليهم، والشرف الكبير المتوجب لهم، فيما فكرك سوف يمضي إليهم من خلال الأيقونة. هذا ما فعله موسى: لقد صنع أيقونات للشاروبيم ووضعها في قدس الأقداس، ليمجّد لا المخلوقات بل من خلالها خالق العالم، أي الله (خروج 18:25-19).

وهكذا أيضاً لا تعبد أيقونات المسيح ولا القديسين، بل من خلالها اعبده هو الذي بعد أن خلقنا أولاً على صورته، ارتضى لاحقاً بسبب إحسانه الذي لا يوصف أن يتّخذ صورة بشرية ويصير موصوفاً بحسبها. أكرِمْ ليس فقط أيقونة السيد بل أيضاً رسم صليبه لأنّه رمزٌ كليّ القدرة وتذكار لانتصار المسيح على إبليس وكل الأجناد الشيطانية. لهذا السبب عندما يرون رسم إشارة الصليب يغلبهم الرعب ويهربون. حتى قبل الصلب، مجّد الأنبياء إشارة الصليب التي أنجزت معجزات عظيمة. وأيضاً عند المجيء الثاني لربنا يسوع المسيح الذي سُمِّر على الصليب والذي سوف يأتي ليدين الأحياء والأموات، سوف تتقدّمه الإشارة المرهوبة بقوة ولمعان شديد. مجّد الصليب اليوم حتى تحدّق إليه بشجاعة لاحقاً وتتمجّد معه.

وقِّر أيضاً أيقونات القديسين لأنّهم صُلبوا مع السيد، راسماً على وجهك إشارة الصليب ومستحضراً إلى فكرك مشاركتهم في آلام المسيح. أكرِم أماكن إقامتهم وكل ذخيرة من عظامهم، لأنّ نعمة الله لم تنفصل عنها، بالتحديد كما أن الله الآب لم ينفصل عن جسد المسيح المكرَّم خلال موته المعطي الحياة.

إذاً بالتصرّف هكذا وبتمجيد الذين مجّدوا الله، لأنّهم ظهروا بأعمالهم كاملين بمحبته، سوف تتمجّد معهم بالله وسوف تنشد مع داود: "أكرمتُ محبّيك يا ربّ".



3. لا تحلِف باسم الربّ باطلاً

لا تحلِف باسم الربّ باطلاً (خروج 7:20)، عن طريق القسم بشكل كاذب أو لأي سبب دنيوي آخر، أو خوفاً من أحد ما، أو من الخجل أو لربح خاص. إن الإخلال بقَسَم هو إنكار لله. إذاً لا تُقسِم أبداً. تجنَّب كليّاً القَسَم لأنّ من القّسَم يأتي الإخلال بالقَسَم الذي يغرَب الإنسان عن الله ويجعل الحانث بقسمه مخالفاً للناموس. إذا كنتَ دائماً تقول الحقيقة، سوف يصدّقك الناس وكأنّك تحلِف.

وإذا صار صدفة أنّك أقسَمت، هو أمر ينبغي أن تصلّي كي لا يحدث، لكن بما أنّه أمر متّفق مع الشريعة الإلهية، نفّذه وكأنّه شرعي، لكن اعتبر نفسك مُلاماً لأنّك أقسَمت. بالإحسان والتضرّع والحزن وحرمان الجسد، التَمِسْ الرحمة من الله الذي أوصى بألاّ تُقسِم (متى 34:5). أمّا إذا أقسَمت على شيء غير قانوني انتبه ألاّ تنفّذ قَسَمَك لمجرّد أنّك أقسَمت، حتى لا يحسبك الربّ مع يهوذا قاتل النبي الذي قطع رأس السابق الكريم كي لا يكسر قسمه (متى 7:14-12). الأفضل لك أن تكسر ذلك القَسَم غير الشرعي واتّخذ لنفسك قانوناً بألاّ تقسم أبداً، وبأن تسعى إلى رحمة الله مستعملاً العقاقير المذكورة سابقاً وبجهاد أكثر مع دموع.



4. تذكّر يوم السبت لتقدسه

يُسَمّى أحد أيام الأسبوع الأحد، لأنّه مخصّص للرب الذي قام من الموت في ذلك اليوم مظهراً قيامة كل الناس ومثبتاً إياها (في المجيء الثاني) حين عندها سوف يتوقف كل عمل بشري.

إذاً خصّص الأحد للرب (خروج 8:20). لا تَقُم بأي عمل أرضي غير ما هو ضروري. وكل الذين يعملون لك أو يعيشون معك فليرتاحوا حتى أنّكم جميعاً تمجّدون الذي اشترانا بموته ومن ثمّ قام مقيماً معه طبيعتنا البشرية. احفظ في فكرك الحياة الآتية، لكي تتأمّل بكل وصايا الرب وقوانينه وتتفحّص نفسك حتى إذا كنتَ قد انتهكت بعض الأشياء أو أهملتها، يمكنك أن تصحّح نفسك في كل شيء. في هذا اليوم أيضاً اذهَبْ إلى هيكل الرب واشترك في اجتماع العبادة وشارك بإيمان صافٍ وضمير نقي في جسد المسيح ودمه. ابدأ حياة أكثر قداسة، مجدداً نفسك ومهيئاً إياها لتقبّل خيرات الحياة الآتية.

من أجل هذه الخيرات لا تسئ استعمال الأشياء والاهتمامات الأرضية في الأيام الأخرى أيضاً. يوم الأحد، كونك مكرَّساً لله، تحاشَ بشكل قاطع كلّ هذه الاهتمامات ما عدا الضرورية منها التي يستحيل عليك العيش من دونها. وهكذا، بما أنّ الرب ملجؤك عليك ألاّ تذهب إلى أي مكان، وألاّ تضرِم نار الأهواء ولا تحمل عبء الخطايا.

إذاً، كرِّس "يوم السبت" (خروج 8:20)، أي الأحد، لله حافظاً إياه بامتناعك عن كل ما هو شرير. وإلى الآحاد عليك أن تضيف كل الأعياد الكبيرة قائماً بالأمور نفسها وممتنعاً عن كل ما تمتنع عنه يوم الأحد.



5. أكرِم أباك وأمّك

أكرِم أباك وأمّك (خروج 12:20)، لأنّ من خلالهما أتى بك الرب إلى الحياة، وهما بعد الله سبب وجودك. إذاً، بعد الله أحببهما وأكرمهما طالما، بالطبع، محبتك لهما تساهم في محبتك لله. إذا كانت لا تساهم، ابتعد عنهما مباشرةً. إلى هذا، إذا كانا عائقاً بالنسبة لك وخاصةً الإيمان الحقيقي الخلاصي لأنّ لهما إيمان آخر، ليس فقط عليك أن ترحل بل أيضاً أن تنكرهما مع كل مَن تجمعك به علاقة أو صداقة. عليك أن تنكر حتّى أعضاءك الشخصية وأهواءها وكلّ جسدك ومن خلال الجسد علاقتك بالأهواء لأن المسيح قال: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا." (لوقا 26:14-27 وأنظر متى 37:10).

هذه الإرشادات تتعلّق بوالديك الجسديين وأقربائك وأصدقائك. عليك أن تُكرِم وتحب مَن لهم نفس إيمانك ولا يمنعونك عن الخلاص. وإذا كان يتبغي بك أن تكرِم والديك الجسديين فكم بالأحرى عليك أن تكرِم وتحب آباءك الروحيين. لقد نقلوك من الحياة الجسدية البسيطة إلى حياة البِرّ الروحية. لقد منحوك استنارة المعرفة. لقد علّموك الحقّ. لقد أعطوك إعادة الولادة بحميم التجدد. لقد وضعوا فيك رجاء القيامة وعدم الموت والملكوت السماوي. لقد نقلوك من غير مستحق إلى مستحق للخيرات الأبدية، من الأرضي إلى السماوي، ومن الوقتي إلى الأبدي. لقد جعلوك ابناً وتلميذاً، لا لإنسان بل ليسوع المسيح الإله-الإنسان الذي منحك الروح القدس الذي يجعل الناس أبناء لله، والذي قال: "وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ" (متى 9:23-10).

هكذا أنت مدين بكل شرف ومحبة لآبائك الروحيين، لأنّ الشرف الذي ترده لهم يذهب إلى المسيح وإلى الروح الكلي قدسه الذي جعلك ابناً لله، وإلى الآب السماوي الذي يعطي الحياة والوجود لكل الكائنات السماوية والأرضية. جاهد فوق هذا لأن يكون لك طوال حياتك أباً روحياً تعترف إليه بكل خطاياك وأفكارك الشهوانية وتأخذ منه الشفاء والحلّّ. لقد أُعطي الآباء الروحيون السلطة لأن يغفروا للنفوس أو ألاّ يغفروا. كلّ ما يتركوه غير محلول على الأرض سوف يكون بلا حلّ في السماء أيضاً. يحصلون على هذه النعمة والقوة من المسيح. لهذا السبب أنتَ سوف تطيعهم من دون مهاترة، حتى لا تقود نفسك إلى الهلاك. إذا كان، بحسب ناموس موسى، كلّ مَن ردّ كلام أهله يُقتَل، حتى ولو كانوا يتناقشون بأمور محرَّمة من ناموس الله، فكيف يكون ممكناً أن لا يطرد روحُ الله الإنسانَ الذي يرد كلام أبيه الروحي وكيف لهذا الإنسان ألاّ يخسر روحه؟ لهذا السبب، خذ نصيحتهم وأَطِعْهم إلى نهاية حياتك حتى تخلّص نفسك وتكون وارثاً للخيرات الأبدية التي لا تفنى.



6. لا تزنِ

لا تمارس الزنا (خروج 14:20) ولا الفسق حتى لا تصير عضواً للفاجرة بدلاً من عضو للمسيح فتُقطَع من الجسم الإلهي وتسقط من الميراث المقدّس وتُرمى في جهنّم. لأنّه، إذا كان بحسب شريعة موسى، ابنة الكاهن التي تُضبَط في الفسوق يجب إحراقها لأنّها عرّضَت أباها للعار، ألا ينبغي بالذي ألصق هذه النجاسة بجسد المسيح أن يُحرَق في النار الأبدية؟ ليس فقط يُحرَّم عليك أن تزني بل عليك أن تمارس البتولية، إذا أمكنك، وتكون خاصاً بالله بالكليّة وملتصقاً به بمحبة كاملة مقيماً بقربه طوال حياتك. جاهد دائماً وبدون ارتباك لأن تحيا حياة ترضي الله، متمتعاً منذ الآن بالحياة المقبِلة وعائشاً مثل ملاك على الأرض. البتولية هي ميزة الملائكة، وكلّ مَن يمارسها يصبح مثلهم، بقدر الإمكان، مع أنّه ذو جسد. إلى هذا، إنّه يصبح أكثر منهم، فهو يصير مشابهاً للآب الذي قبل الدهور وَلَد الابن بطريقة بتولية، كما أنّه يصير مشابهاً للابن البتولي الذي ولد قبل الدهور من الآب البتول وتجسّد في آخر الأزمنة من أم عذراء، وأيضاً هو يصير مشابهاً للروح القدس الذي خرج بطريقة لا تُوصَف من الآب وحده، ليس بالولادة بل بالانبثاق. إنّ مَن يختار البتولية الحقيقية، أي المتبتّل بالنفس والجسد، الذي يجمّل كل حواسه وفكره وعقله برونق البتولية، يتشبّه بالله ويتّحد به مقيماً معه زواجاً لا يفسد.

إذا كنتَ لا تفضّل أن تحيا حياة بتولية، ولا أنتَ وعدتَ الرب بذلك، بإمكانك بحسب ناموس الرب أن تتخذ امرأة بالزواج. هي وحدها تساكن، وهي وحدها تتّخذ، هذا وهدفُك هو القداسة. بكل قوتك ابقَ بعيداً عن النساء. تكون قادراً على حفظ نفسك منهن إذا تلافيت المحادثات غير الضرورية معهن، إذا أدَرتَ عيني جسدك وعيني نفسك عنهن، بقدر الإمكان، وإذا لم تكن تجد لذة في سماع الكلمات الشهوانية ولم تّصِر معتاداً على التفرّس بالوجوه الجميلة. كلّ مَن ينظر إلى امرأة بشهوة كريهة يكون قد زنا بها ولهذا هو غير طاهر أمام المسيح الذي ينظر إلى القلوب. إلى هذا، من هذا النظر الشرير يمكن للإنسان التعيس أن ينتهي مرتَكباً خطيئة الدعارة بالجسد أيضاً. لكن لماذا أتحدّث فقط عن الفسق والزنا وكل النجاسة المرتبطة بالوظائف الطبيعية؟ فالإنسان يميل بشكل مخالف للقوانين إلى الأعمال البذيئة غير الطبيعية عندما يتفرّس بشكل فضولي في جمال الأجساد.

إذاً، إذا قطعتَ الجذور المرّة من نفسك، فلن تجمع الثمار المميتة، بل سوف تجني الطهارة والقداسة التي تأتي معها، والتي بدونها لن ترى السيد.



7. لا تقتل

لا تقتل (خروج 13:20) حتى لا تكفّ عن كونك ابناً للذي أقام الموتى، وحتى لا تصير بأعمالك ولداً للذي كان منذ البداية قاتلاً للإنسان. يأتي القتل من العراك، والعراك من الشتم، والشتم من الغضب والغضب من الأذى أو الضرب أو السباب للآخر. لهذا السبب قال المسيح: "وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضًا" (لوقا 29:6). إذا ضربك أحدهم لا تردّ له الضربة. إذا شتمك أحدهم فلا ترد له الشتيمة. وهكذا سوف تنجو من خطيئة القتل، أنت والذي يؤذيك. إلى هذا، سوف تحصل على غفران خطاياك من الله لأنّه هو قال: "فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ." (متى 14:6). في أي حال، إنّ مَن ينطق بالشر أو يقوم به سوف يُدان في النار الأبدية لأن المسيح قال أيضاً: "وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ" (متى 22:5).

إذاً، إذا كنتَ قادراً على اقتلاع الشر وجذوره، مؤمِّناً لنفسك النعمة والبركة، مجِّد المسيح معلمنا وزميلنا في تحقيق الفضائل. من دونه، كما تعلمتَ لا نستطيع أن نقوم بأي عمل حسن. ومن ثم أيضاً، إذا كنتَ غير قادر على أن تبقى هادئاً من دون أن تغضب، وجّه اللوم لنفسك لأنك غضبت واطلب المغفرة من الله كما من الذي سمع الأذى أو تحمّله منك. كلّ مَن لا يحس بألم الندامة على خطاياه الصغيرة، سوف يقع من بعدها في خطايا كبيرة أيضاً.



8. لا تسرق

لا تسرق (خروج 15:20)، حتى أن الله الذي يعرف أعمالك السرية لا يرد لك العقاب أضعافاً. إنّه من الأفضل لك أن تعطي سرياً مما لك إلى المحتاجين، لكي تحصل من الله الذي يرى كلّ ما هو خفي، مئات الأضعاف مع الحياة الأبدية في العالم الآتي.



9. لا تشهد بالزور

"لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ" (خروج 16:20)، حتى لا تكون مشابهاً للشيطان الذي ذمّ الله أمام حواء، وصار ملعوناً لعمله هذا. إلى هذا، من الأفضل أن تغطي على خطيئة قريبك، إلا إذا كانت تؤذي آخرين، حتى تكون مشابهاً لسام ويافث وليس لحام، وهكذا تحصل على البركة. كان سام وحام ويافث أبناءً لنوح. وفي مرة شرب نوح خمراً كثيراً وسكِر وتعرّى. عندما رأى حام عورة أبيه أخبر أخويه بشكل هزلي. أمّا الأخوان فهما ليس فقط لم يضحكا من أبيهما بل مباشرة أخذا عباءة وسارا إلى الخلف حتى لا يريا عورة أبيهما وغطياه باحترام. عندما استيقظ نوح وعرف بما جرى، لعن حام، بينما بارك سام ويافث (تكوين 18:9-27).



10. لا تشتهِ ما لغيرك

ينبغي بك ألا تشتهي ما لقريبك، لا ممتلكات ولا مال ولا مجد ولا أي شيء آخر مما له (أنظر خروج 17:20)، لأن الشهوة عندما تنشأ في النفس، تلِد الخطيئة. والخطيئة عندما تكتمل تولّد الموت. إذا لم تشتهِ أشياء الآخرين، تبقى بعيداً عن الطمع وعن اغتصاب ما للغير. إنّه من الأفضل لك أن تعطي مما لك لمَن يسأل، وأن تحسِن على المحتاجين بقدر ما تستطيع. إذا أراد أحد ما أن يقترض منك لا ترفضه. إذا وجدت غرضاً ضائعاً ردّه إلى صاحبه حتى ولو كان عدوك. وهكذا، سوف تتصالح معه وتخزي الشر بالخير كما يأمرك المسيح.



إذا حفظت كل هذه بكل قوتك وسلكت بحسب هذه الوصايا، سوف تخزن في نفسك كنز التقوى، ترضي الله، تنتفع منه ومن شعبه وتصير وارثاً للخيرات الأبدية التي نحصل عليها جميعنا بنعمة ربنا وإلهنا وخلصنا يسوع المسيح ومحبته للبشر. له المجد والإكرام والسجود مع أبيه الذي لا بدء له وروحه الكلي قدسه الصالح والمحيي، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين. آمين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 14, 2014 1:37 pm


مقتطفات من عظة القديس غريغوريوس بالاماس‎ ‎عن مثل الابن الشاطر


"...لنشرع يا اخوة بالأعمال ولننزع عنّا الشر. لنبق بعيدين عن الشهوات والعادات الرديئة. لنهرب من بلد الشهوات اي من الإلحاد والجشع. ولنركض  نحو معطي الحياة، سالكين طريق الحياة بالفضائل. هناك سوف نراه آتيا لملاقاتنا من جراء محبته للبشر فيمنحنا مغفرة الخطايا علامة لعدم الفساد وعربونا للميراث الآتي.



كان الابن الشاطر، حسب قول المخلص، في بلد الأهواء. فحتى لو فكر بالتوبة وقال اقوالها، الا انه لم ينل اي امر حسن الى ان ترك كل اعمال الخطيئة واسرع ماضيا نحو ابيه حيث حصل على ما لم يكن يتوقع. بقي بتواضع وبكل تأكيد الى جانبه متعقلا عاملا بالحق وحافظا تماما نعمة الله المتجددة. "

عسانا جميعا نحصل على هذه النعمة ونحافظ عليها بكمالها فنلتقي في الحياة الآتية مع المسيح ربنا الذي يليق له المجد الى الابد آمين.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نصيف خلف قديس
خادم الكل (ابن افا كاراس)
خادم الكل (ابن افا كاراس)
نصيف خلف قديس


عدد المساهمات : 2341
نقاط : 3134
تاريخ التسجيل : 09/10/2014
الموقع : الكويت

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 14, 2014 1:50 pm

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   13629999602

شكراااااااااااااااااااااااا

اختنا رغدة

موضوع متكامل ومثمر ومميزة

كالعادة دايما متميزة

فى مواضيعك وردودك

ربنا ينفعنا ببركة وشفاعة القديس العظيم

ويعوض تعبك كل بركة


قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   13629999601
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://avakarasgergs.freedomtunisia.com
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 14, 2014 1:52 pm

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   M4
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ليزا
الادارة العامة
الادارة العامة
ليزا


عدد المساهمات : 6546
نقاط : 8878
تاريخ التسجيل : 12/10/2014

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 17, 2014 12:37 pm

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   52
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالإثنين نوفمبر 17, 2014 1:39 pm

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   5
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
joulia
المدير العام
المدير العام
joulia


عدد المساهمات : 11984
نقاط : 15820
تاريخ التسجيل : 11/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 20, 2014 3:33 pm

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Maبشفاعة  القديس  العظيم غريغوريوس العجائبي









ايها  المسيح  الاله امح كثرة  خطايانا  وزلاتنا  قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Ma

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   Empty
مُساهمةموضوع: رد: قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)    قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 20, 2014 7:50 pm

قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)   927757664
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قديس اليوم (14 تشرين الثاني شرقي)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قديس اليوم (25 تشرين الثاني شرقي)
» قديس اليوم (1 تشرين الثاني شرقي )
» قديس اليوم (2 تشرين الثاني شرقي)
» قديس اليوم (15 تشرين الثاني شرقي)
» قديس اليوم ( 26 تشرين الثاني شرقي)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات  :: قسم سيرة الاباء القديسين والقديسات :: قديس اليوم على حسب التقويم الشرقي-
انتقل الى: