ليكن يسوع الهذيذ العذب لقلبك , ليكن بهجة لسانك , و الشغل الدائم لذهنك. ....
بكلام آخر : ليكن يسوع كالتنفس بالنسبة إليك.
لا تتعب و أنت تدعوه , فإنك بهذا الذكرالدائم الكلي الحلاوة ( يسوع )
تغرس و تنمي الفضائل الإلهية العظيمة المثلثة فتصبح أشجاراً باسقة في قلبك ,
و أعني : الإيمان و الرجاء و المحبة.
أعلم أنه عندما يكون العاشق بعيداً عن محبوبه , فهو لا يتعزى في غيابه , إلا بترداد إسمه كل حين.
لهذا قال اللاهوتي غريغوريوس : إن محبة المحبوب ترتبط بترداد إسمه.
و نقرأ في التاريخ كيف أن أم الملك لاون الحكيم عندما أبعد ابنها عن القسطنطينية , ما كانت تتعزى في غيابه إلا بذكر إسمه.
فكانت تردد هذه الكلمات لدرجة أن الببغاء الذي كان يسمعها , ألف التلفظ بها.
هكذا هي النفس التي تحب يسوع الذي في السموات , و الغائب ( عن العين )
فلا تتعزى _ بمحبتها له _ إلا بذكر إسمه القدوس كل حين ,
صارخة إليه بمحبة و دموع , بتوجع من القلب : يا يسوع , يا يسوع , يا حبيبي ..
ماهو أكثر غبطة ? ... ماهو أكثر بهجة و سروراً ? ... ماهو أكثر عذوبة و حلاوة ?
هل هناك غير الهذيذ على الدوام باسم يسوع المسيح الممجد و المشوق إليه جداً ?
إنه الإسم الذي به ينال الإنسان كل مايطلبه من الآب :
( مهما طلبتم باسمي تنالونه ... )
و إذا كنت تعبت قليلاً في البداية , إلا أنك ستالف هذا الإسم و تستعذبه فتجني راحة عظيمة.
الجسم يهدأ في مركزه .
إنه كالحيوانات ذات الغطاء , ترتاح في أصدافها. و الاخطبوطات في جحورها.
و ذوات الأربع و الزحافات في مرابضها. و العصافير
في أعشاشها. ....
هكذا الذهن أيضاً , فمن سماته الطبيعية أن يهدأ و يرتاح بدخوله إلى القلب , إلى الإنسان الداخلي.
للذهن أيضاً جسده و غطائه. القلب هو مركز الذهن. إنه عرينه و راحته.
و كما أن الحيوانات تسرع إلى أوكارها , لتنجو _ عندما تضطرب _
هكذا الذهن الذي ينزعج بداعي هجمات الأفكار الشريرة أو أي أمر آخر خارجياً كان أم
داخلياً. الذهن يسرع إلى القلب و هو يصرخ : يسوعي أعني , يا يسوعي أنقذني , ... فينعتق.
و لنفترض أنك لن تجني خيراً و نفعاً من هذه الصلاة
إلا أنك ستكتسب معرفة خطاياك و ضعفك , و بفعل ذلك تتضع و تتوب.
بدون يقظة الذهن و القلب , يستحيل على المرء أن يعرف متى يخطئ بالكلام , و متى بالافكار ...
و إذ تغوص في الصلاة الداخلية , فإنك تستخرج التراب
من قلبك مع رماد الأهواء و مع الأفكار الشريرة و الخرافات.
في أعماقك شرارة نعمة الله . في قلبك ستجد الشرارة التي جاء المسيح ليجعلها فيه.
و هكذا تفرح فرحاً عظيماً إذ تجدها. و من شدة فرحتك , تذرف دموعاً شديدة الحلاوة.
بعدها تجعل في الشرارة حطباً و عشباً و أعني حفظ وصايا الرب المحيية , مع فضائل أخرى مكتسبة.
و عندما تنفخ بنية حارة و محبة متقدة , فإنك ستضرم ناراً عجيبة في قلبك.
و بالأحرى , فإن يسوع الذي تهذ به , هو يشعلها فيك.
و من شأن هذه النار و حرارتها , أن تحرقا الأهواء فيك , ملتهمة الشياطين التي تحاربك.
و هكذا تطرد الأفكار و هجماتها , فيتحلى كل ميل داخلي في قلبك بفعل
هذه النار التي تهبك الفرح و السلام مع المحبة لله و القريب.
إن ضياء هذه النار سينير ذهنك , مانحاً إياك المعرفة و التمييز .
و بفعل هذا العمل ( الصلاة ) ,
فإنك ستجعل إنسانك الداخلي هيكلاً و مسكناً للروح القدس.
و قلبك , مذبحاً شريفاً و مائدة مقدسة.
و ذهنك , كاهناً.
و إرادتك و نيتك , ذبيحة.
و الصلاة المرفوعة إلى الله من أعماق قلبك , عطراً زكياً :
... >>> أيها الرب يسوع المسيح , يا ابن الله ارحمني <<< ...
القديس نيقوديموس الاثوسي