دخلنا في زمن الميلاد وزمن بابا نويل المميّز، ذلك الرجل الذي يحلم به الاطفال وينسجون من حوله القصص... هو مَن سيُحضر لهم الهدايا وهو مَن يستجيب لأمنياتهم وأحلامهم. لكن كيف يتصوّر أولاد اليوم بابا نويل؟
يدخل الحلم في رؤوس الاطفال فيتجسد الميلاد في "بابا- نويل" ضاحك وكريم، ولكن، هل ينتهي الحلم هكذا لمجرد أنهم كبروا قليلاً؟ ومَن قال إنّ الكبار لا يحلمون أيضاً؟
الأب المثالي
يحدّد علم النفس "بابا-نويل" بشخصية الاب المثالي ومواصفاته، ويكون لهم بمثابة والدهم الذي يعطيهم كلّ ما يريدون ومن دون شروط أو مقابل. ولكن، في حال غياب الأب أو تنحيه عن واجباته المنزلية، يشتد ويقوى التعلق بالحلم، حتى يصبح الرجل الاحمر الابَ العظيم... فينتظرونه، ويعدون أنفسهم به، ويتلهفون الى مجيئه ويحزنون لغيابه.
يحلم الاطفال بميلاد الفرح، ميلاد العطاء، ميلاد يسوع المسيح، الميلاد الذي يتجدد فيه الإيمان ويقوى. وفي هذا العيد يفرشون أمنياتهم على السجادة ويحلمون بالهدايا وينتظرونها تحت الشجرة. في هذا العيد، يولد معهم الحلم ويعيش ويكبر، ليحظى بهالته الغامضة الخاصّة. ويتجسّد جمال الحلم، في الهدايا التي يقدّمها الاهل لأولادهم، والأصدقاء لبعضهم البعض، عبر ذلك الرجل المسنّ صاحب اللحية البيضاء والذي يُدعى "بابا-نويل".
الحلم... والروح المتجددة
... لكن عندما يكتشف الاولاد بأنّ «بابا-نويل» الذي يأتي بعربته الجميلة ويقدّم لهم الهدايا، هو مجرّد وهم فإنّهم يحزنون ويبحثون في عقولهم وفي حقيبة أحلامهم عن بديل له هنا وهناك يلبّي تخيلاتهم الطفولية. ولكن، هل تدركون أنّ الكلّ ينتظر "بابا-نويل" وليس الاطفال فقط، إنما العجزة أيضاً، هم الذين كانوا ينتظرون حذاءهم الجديد المليء بالسكاكر والعلبة المغلّفة بالأوراق المزركشة، أوليس هذا كلّ ما بقي عالقاً في عقولهم وذاكرتهم وذكرياتهم عن عيد الميلاد.
يعتقد الاهل أنّ عليهم إخبار أولادهم بأنّ "بابا-نويل" هو مجرّد وهم، ولكنّ الاختصاصيين النفسيين يؤكّدون أنّ "الطفل يجب أن يُترك لحلمه فهو بطبيعته يحييه، يمنحه روحاً ونفساً متغيراً". ويتساءلون قائلين "لمَ لا نتركه ينمو طبيعياً ونساعده على إغناء الصورة التي يتخيلها، فنجملّها ونحسنها؟".
الرجل الاحمر... بعيونهم
تتغير صورة "بابا نويل" وتتطور مع نموّ الطفل، ففي سنّه الصغير لا يلاحظ سوى رداءه الاحمر ولحيته البيضاء الكبيرة، إلّا انّ مع تقدّمه في السنّ يلاحظ أموراً أخرى.
وهذا ما أدركناه عندما سألنا عدداً من الاطفال عن طريقة تصوّرهم له وقد جاءت الاجوبة على الشكل الآتي:
- مارلين (3 سنوات): "بابا- نويل" رجل ضعيف يرتدي ملابس بيضاء، ويأتي إلينا من السماء ويرسله لنا يسوع.
- جوسلين (5 سنوات): "بابا- نويل" رجل مهضوم، يأتي من السماء في عربته الجميلة ويحمل كيساً كبيراً جدّاً ويقدّم لي دائماً أحلى هدية.
- رندا (9 سنوات): "بابا-نويل" هو الرجل الذي يقدّم الهدايا للأطفال ويرسم الإبتسامة على شفاههم، يحلّ السعادة ويزيل الحزن، ويقدم لهم الحنان ويزرع المحبة في قلوبهم.
هذا بعض من كثير، من أحلام بعض الصغار، ولو شئنا الاسترسال لاحتجنا الى صفحات وصقحات لنتحدّث عنهم وعنا في آن، عن هذا الحلم والأماني والآمال السعيدة التي نكبر ونحيا بها ومن أجلها، ذكريات لا تنضب وأمانٍ لا تنتهي وأحلام تستمرّ من ميلاد إلى آخر، من بابا نويل الى بابا نويل، لا تنتهي إلّا مع نهاية رحلة العمر، رحلة الفرح والشجن مهما طالت أو قصرت.