* يجب أن تشفق على الإنسان الذي يجرحه الشرير
==============================
و بدأ يقول لي:
" إن كنت يوماً تسير بهدوء في طريقك, و رأيت أخاك يتقدمك بهدوء أيضاً ,
و فجأة رأيت إنساناً شريراً يظهر من طريق جانبي و في يده سكين,
فينقض على أخيك, و يضربه, و يجره من شعره, و يرميه أرضاً, و يدوسه.
فهل ستغضب على أخيك , أم ستحزن عليه؟ "
اسنغربت من سؤال الشيخ و سألته بدوري:
" كيف يمكن أن أغضب على أخي المجروح الذي وقع فريسة فاعل الشر؟
لا يمكن أن تخطر في ذهني فكرة كهذه.
من المؤكد أنني سأحزن و سأحاول أن أساعده بقدر استطاعتي.
" فتابع الشيخ:
" هكذا كل إنسان يهينك, و يؤذيك, و ينم عليك أو يظلمك بأية طريقة كانت,
هو أخ لك, و قد وقع في يدي الشيطان فاعل الشر.
لذلك, ماذا عليك أن تفعل حين عندما ترى أخاك يظلمك؟
عليك أن تحزن من أجله كثيراً. و تشفق عليه و تتوسل الى الله بحرارة و صمت
كي يشددك في أوان تجربتك الصعبة هذه,
و يرحم أخاك الذي وقع فريسة الشيطان اللص .
و الله سيساعدك أنت و أخاك. أما إن فعلت عكس ذلك,
و غضبت على أخيك, و قاومت عداوته بهجوم مضاد.
فإن الشيطان الممسك بعنق أخيك سيقفز الى عنقك أنت أيضاً ,
و سيجعلكما أنتما الاثنين ألعوبة بين يديه " .
وقفت منذهلاً أمام قوة تعبير هذا المثل و وضوحه.
و هذه المرة أيضاً فضح الشيخ عدم اطلاعي الفعلي.
فيما كان آخرون يعتبرونني مطلعاً على المسائل الدينية.
و كان المغزى واضحاً جداً: إن الناس الذين يظلموني كانوا واقعين فريسة الشيطان فاعل الشر ,
أما أنا , فقد كنت أرى الصورة الطبيعية لا الروحية , لهذا كانت النتيجة أنني سخطت عليهم,
و إذ بالشيطان الذي كان ممسكاً بعنقهم, يقفز الي أيضاً.
و هكذا أصبجنا كلنا ضحيته, على الرغم من ظننا أننا نحن من نقوم بتقديم الضحية,
نسير جماعياً في مصفه الشيطاني من دون وعي.
إن مثل الشيخ هذا ينطبق على كل علاقاتي الشخصية. و يمكن تطبيقه كقانون روحي عام.
لم يمر يوم من دون أن أتذكره. فيما المصف الشيطاني ذاته كان, من وقت الى آخر,
يظهر أمامي كمنذر أو كواقع. و لكوننا نعيش في عصر التوتر و امتداد للعداءية بكل أشكالها,
و على اختلاف مستوياتها , كنت أشعر أن ملاحظة الشيخ تكتسب طابعاً آنياً مباشراً و منبهاً.
إنّ مواجهة الشر يحتاج الى تمييز و تأهب جماعي للصلاة.
و قد تأثر أصدقائي الذين يعانون مشاكل روحية حين سمعوا هذا المثل.
منقول: من كتاب " بالقرب من الشيخ بورفيريوس (ذكريات ابن روحي) ".