معنى العيد الآتي
لا يسعنا كي نطالع معنى العيد،
إلّا أن نطالع الخدمة الإلهيّة للعيد في كتاب الميناون. نلاحظ عندما نطالع خدمة العيد، في "الميناون"،
أنّ ثمّة عبارات عديدة تتلألأ في سماء الخدمة،
لتضفي سِحْرًا روحيًّا على بهاء العيد، مثل
"إِسْتَعِدِّي"، "تَهَيَّأي، "إِسْتَقْبِلِي"،
"إِقْبَلِي"، "إِفْرَحِي" ،"أُنْظُرِي"، "أُسْجُدِي"، "رَنِّمِي"، "سبِّحي" وغيرها...
كأنّي بالكنيسة تَشُدُّ أبناءها نحو أُفُقِ السَّمَاء، من خلال هذه العبارات،
فتجعل العيد استعدادًا روحيًّا حقيقيًّا، ونصّ الخدمة بمثابة ورشة عمل نسكيّ كامِل،
سيَّمَا وإنَّنا نعود ونسمع "لنتلألأ بالنّقاوة"، و"نرتدي بهاء المجد" وغيرها.
وندخل في أفق جديد عندما نسمع المقطوعة التّالية:
"إنذهلي مرتعدة أيّتها السّماوات، ولتتزلزل أساسات الأرض،
لأنّ الحامِل الكلّ في قبضته، يُدْرَجُ في الأقمطة
ويَحُلُّ ضيفًا في مذود...
يا كهنة سبّحوه، يا شعوب زيدوه رِفْعَةً على مدى الدّهور".
لهذه المقطوعة نكهة فريدة،
فهي تحمل المُصَلِّي المتتبّع إلى عالم جنّاز المسيح.
ويعرف المرتّلون أنّ عددًا من مقطوعات أسبوع الآلام،
تتناغم وهذه المقطوعة.
ويتوَّج الرّبط بين الميلاد والفصح، بلؤلؤة الخدمة، المقطوعة التّالية:
"اليوم يولد من البتول الضّابط الخليقة بأسرها في قبضته .
اليوم يولد من البتول الضّابط الخليقة بأسرها في قبضته .
اليوم يولد من البتول الضّابط الخليقة بأسرها في قبضته .
الّذي هو بجوهره غير ملموس، يُدْرَجُ في الأقمطة كطفل.
الإله الّذي ثبَّتَ السّماوات قديمًا، منذ البدء، يتّكِئ في مذود.
الّذي أمطر للشّعب مَنًّا في القفر، يغتذي من الثَّدْيَيْنِ لَبَنًا.
ختن البيعة يَسْتَدْعِي المجوس.
وابن العذراء يتقبّل منهم الهدايا.
نسجد لميلادك أيّها المسيح
نسجد لميلادك أيّها المسيح
نسجد لميلادك أيّها المسيح
فَأَرِنَا ظهورَك الإلهيّ".
ويمكن وضع هذه المقطوعة،
"التّحفة"، في الميزان، مع "اليوم علّق...".
للمقطوعتَيْن بُنْيَة واحِدَة، هيكليّة واحِدَة،
وتقسيم واحِد يجعل المقطوعَتَيْنِ تتطابقان.
هل هذا التّرتيب صدفة؟.
هل هي خطوة عشوائيّة لم ينتبه لها ناظم الخدمة؟.
هل هي صدفة الخلط بين الميلاد والفصح، في خدمة الميلاد؟.
كلّا!.
ليس في الأمر صدفة، فثمّة وَحْدَةُ موضوع عميقة الدّلالة بين العيدَيْن.
عندما تُعَيِّدُ الكنيسة لميلاد الرّبّ بالجسد،
فإنّها تحمل أبناءها إلى عالم الآلام الخلاصيّة،
لأنّ الّذي يتجسّد في الميلاد، إنّما يفعل ذلك كي يصعد على الصّليب في الفصح.
إلى ذلك، فإن هناك أُفُقًا آخَر هو تلميح خدمة الميلاد إلى الظُّهور الإلهيّ، أي الغطاس.
الأعياد السّيّديّة هي سلسلة واحِدة في دورة السّنة الطّقسية.
فلننتبه، ونفتح أذهاننا الرّوحيّة كي نُمَتِّعَ نفوسنا بجمالات هذه المواسم البَهِيَّة.
العيد الآتي يدعونا أن نستقبل الرّبّ في بيت لحم قلوبنا.
وإن كنّا نقبله، فهو يشاء أن يولَد فيها.
إنّه يريدنا أن نسمح له بالدّخول إلى عالمنا المُتْعَب، وحياتنا البائِسَة.
وكي يصير هذا ممكنًا، فلنسمع:
"... المسيح أتى من السّماوات، فاستقبلوه".
لنستقبل الرّبّ في قلوبنا إن كنّا نريد أن نعيِّدَ، والسّلام.
|