ولعله من المناسب أن نذكر هنا أن مجيء المعمدان ومجيء المسيح
كانا مصحوبين بالترنم والأغاني
وقد دون لوقا خمس أغاني، فالملائكة قد غنوا أغنية «المجد لله»
والعذراء أغنية التعظيم «تعظم نفسي الرب»
وأليصابات أغنية التطويب «مباركة»
وسمعان أغنية «الاطلاق» أو «الاعتاق»
وزكريا أغنية «البركة - مبارك الرب إله إسرائيل»
وهذه الأغاني أضحت معروفة من اللفظ الأول في الأغنية
ويعنينا الآ أن نقف قليلاً من زكريا وهو يغني أغنية أمام ميلاد ابنه العظيم!
لقد تنبأ زكريا بالروح القدس عن عظمة ابنه
وقد سبق الملاك أن كشف عن هذه العظمة أمام الله، وعن حياته كنذير معزول عن الآخرين
لا يشرب خمرًا أو مسكرًا، بل من بطن أمه يمتليء بروح الله
الذي يسيطر عليه ويقوده منذ البداية!
والذي سيرد الكثيرين عن المعصية والشر، إذ سيرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة
إلى فكر الأبرار ويهيء شعبًا مستعدًا للرب!
ومع أن زكريا تحدث بلغة العهد القديم، إلا أن هذه اللغة حملت في نسماتها عبق العهد الجديد وشذاه
وغنى الرجل شاكرًا الله على المسيح الآتي الذي سيخلص الشعب من أعدائه ومبغضيه
ويقيم قرن الخلاص كما تكلم بالأنبياء القديسين
وكان على ابنه أن يمهد لهذا المجيء، ويعد الطريق، على النحو العظيم
الذي فعله بكل شجاعة وغيرة وقوة وأمانة.
ومع أن ابن الشيخوخة يكون - على الأغلب - ضعيف الجسد
وادع النفس، هاديء المسار، لكن المعمدان كان على العكس من كل هذا
إذ كان ملتهبًا شجاعًا ثائرًا! ومع أنه جاء متأخرًا في حياة الأب
إلا أنه كان عظيمًا وسباقًا وأفضل من ملايين الملايين من أبناء الشباب
الذين يأتون في مطلع الحياة، وفضل القوة ورفعة الأيام!!