منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16)

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
سعاد
الادارة العامة
الادارة العامة
سعاد


عدد المساهمات : 22227
نقاط : 30251
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16) Empty
مُساهمةموضوع: عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16)   عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16) I_icon_minitimeالإثنين ديسمبر 29, 2014 3:20 pm



   السلام لكم أيها الإخوة الأحباء في الرب
   أننا منذ اليوم سنتكلم بنعمة الله عن سرّ التجسد من جهة الخبرة، ولن نتكلم عن نظرية التجسد أو مجرد معلومات للحفظ والاستذكار أو رداً على أحد لم يُعلن له سر تجسد الكلمة، بل نُريد أن ندخل لهذا السر العظيم الذي للتقوى: [ عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16)، وذلك لكي نخرج من نظرية الحياة المسيحية والفكر إلى الدخول في الشركة مع الله في واقع حياتنا المُعاش وبالتالي مع القديسين ( رجاء العودة لرسالة القديس يوحنا الرسول الإصحاح الأول )

   1 – مقدمـــــــــــــــة

في ملء الزمان ظهر الله في الجسد كالتدبير، فتدفق علينا بكل ما له، إذ أخذ ما لنا وأعطانا ما له، وظهور الله في الجسد لا يعني انه مجرد ظهور مثلما أي ظهور لله في العهد القديم، بل ” الكلمة صار جسداً وحل بيننا (أو على أدق تعبير: فينا)” ( يو 1 : 14 )، و ” كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله ” ( 1يو 4 : 2 )

فالكائن الأزلي قبل الأكوان الذي في حضن الآب، المساوي والجليس والخالق الشريك معه، دخل إلى عالمنا وزماننا في تاريخ البشرية، إذا صار الكلمة جسداً أي إنساناً؛ تجسد وتأنس مشابهاً لنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها: ” فسمعناه، ورأيناه بعيوننا، وشاهدناه، ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة ” (1يو 1 : 1 )
ويقول القديس كيرلس الكبير: [ كيف تحقق التجسد، إلا إذا صار الكلمة جسداً أي إنساناً، جاعلاً الجسد جسده باتحاد بلا افتراق لكي يكون فعلاً جسده وليس جسد آخر سواه ]

ونعود نقول ونؤكد: ” والكلمة صار جسداً وحل بيننا ( فينا ) وقد رأينا مجده، مجد وحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً.. ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا، ونعمة فوق نعمة ” ( يو1 : 14 و 16 )
يقول القديس غريغوريوس النزينزي: [ هذا هو مغزى السرّ الأعظم الحاصل من أجلنا، سرّ الله المتجسد من أجلنا… لقد جاء لكي يجعلنا جميعاً واحداً في المسيح، في ذاك الذي حلَّ فينا بالكمال لكي يعطينا كل ما له ] (عظة 7 : 23 )
ويقول القديس كيرلس الكبير: [ لاحظوا أرجوكم كيف أن الإنجيلي ( يوحنا ) اللاهوتي يتوَّج بحكمة كل طبيعة البشر بقوله إن الكلمة قد ” حلَّ فينا “. فهو يقصد بذلك أن يقول إن تجسد الكلمة لم يحدث لأية غاية أخرى إلا لكي نغتني نحن أيضاً بشركة الكلمة بواسطة الروح القدس فنستمد منه غنى التبني ] ( تعاليم في تجسد الوحيد 27 )
ويقول أيضاً: [ هكذا أعطانا نعمة البنوة وأصبحنا نحن بذلك مولودين من الروح لأن فيه هو أولاً حصلت الطبيعة الإنسانية على هذا الميلاد الروحي وبولس الإلهي كان يفكر في نفس الموضوع فقال بكل صواب: ” كما لبسنا صورة الترابي، سوف نلبس صورة السماوي ” وقال أيضاً: ” الإنسان الأول من تراب ترابي، والإنسان الثاني من السماء. ولكن كما الترابيين مثل الترابي، هكذا سيكون السمائيين مثل السمائي ” ( 1كو15 : 47 و 48 و 49 )
ونحن ترابيين، فينا التراب من آدم الأول الترابي أي اللعنه والانحلال اللذين بهما دخل ناموس الخطية في أعضاء جسدنا. ولكن صرنا سمائيين، وأخذنا هذا في المسيح، لأنه بالطبيعة الله وهو الكلمة من فوق، أي من الله، ونزل إلينا متجسداً بطريقة فائقة، فولد بالجسد من الروح لكي يجعلنا مثله ونصبح قديسين وبلا فساد،وتنزل إلينا النعمة من فوق، ويُصبح لنا بداية ثانية وأصل جديد فيه ]

   أن هذا السرّ العظيم الفائق كل فحص، سرّ تجسد الكلمة، لابد من أن نتعمق فيه لا على مستوى الفحص العقلي الخاضع لتقلبات الفكر والمزاج الخاص، بل ينبغي أن ندخل إليه بل فيه كسرّ أُعلن لنا من الله في ملء الزمان حسب تدبيره الأزلي، أي ندخل في شخص الكلمة المتجسد، لأن سرّ التجسد كما علمنا آباء الكنيسة ليس بموضوع نظري فكري للمناقشة وعرض الأفكار أو إثبات للآخرين أن الله تجسد، بل هو مجال خبرة وتذوق وحياة شركة في سر التقوى بالوحدة في المسيح مع جميع القديسين كجسد واحد أعضاء المسيح المطعمين فيه كالأغصان في الكرمة…

وندخل لسرَ المسيح الرب، لا يعني على الإطلاق أن نتأمله من حين لآخر أو نتبنى أفكار عن تجسده ولا نصيره مجرد مثال أخلاقي لنا؛ ولكن معنى أن ندخل في سرّ شخص الكلمة المتجسد، يعني أن ندخل في سره العظيم، أي نشترك باستمرار وتواصل بل وبشكل متزايد في ناسوته الذي فيه اتخذ بشريتنا فنمتلئ بلاهوته‘ إذ أن لاهوته لم ولن ومستحيل على الإطلاق أن يفارق ناسوته لحظة واحده ولا طرفة عين.

   وبمعنى آخر أكثر وضوحاً وباختصار ((( أن نلبس المسيح ))) وهذا هو حدث عمادنا، فنحن تعمدنا لذلك لكي ندخل إليه ، لكي نلبس المسيح، وهذا لكي يصير لبس المسيح حدث حياتنا كلها: [ لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح ( في into ) قد لبستم المسيح ” ( غلا3 :27 )

طبعاً في اللغة العربية المعنى ضعيف، فالمعمودية أو التعميد ليس فقط بالمسيح بل وفي المسيح ( كما هي موجودة في النص الأصلي اليوناني = into = في داخل ) لذلك يقول الرسول ” اعتمدتم في المسيح ” يُفيد الدخول الحقيقي في المسيح دخولاً سرياً غير منظور، وهو يظهر فينا بثمر الروح منظوراً من الناس في سر التقوى الذي يظهر فينا وحياة الوصية التي تظهر في أعمالنا، فيمجدوا أبانا السماوي بسبب الأعمال التي نعملها بالله…
فالذي بالمعمودية دخل في المسيح، لا يخرج بدونه قط، فهو يكون قد اتحد بالمسيح اتحاداً سرياً غير منظور بالحقيقة وليس مجازاً لذلك يقول بولس الرسول بنظرة ثاقبة لكي يقطع كل شك بيقين إيمان حي: ” فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ = in ” ( غلا 2 : 20 )
” لأنكم جميعاً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع، لأنكم كلكم الذين اعتمدتم في المسيح قد لبستم المسيح، ليس يهودي ولا يوناني، ليس عبد ولا حرّ، ليس ذكر ولا أنثى، لأنكم جميعاً واحد “في” المسيح يسوع” ( غلا 3 : 26 – 28 ) (حسب النص اليوناني)
” لأننا جميعاً بروح واحد أيضاً اعتمدنا ( في ) جسد واحد، يهوداً كنا أم يونانيين، عبيداً أم أحرار، وجميعنا سُقينا روحاً واحداً ” ( 1كو 12 : 13 )

لقد ضمنا الابن الحبيب إليه، في جسده، وقد ماثل بشريتنا بناسوته، فجعلنا نشاركه في طبيعته بتقبل صلاحه وروحه القدوس في أوانينا ( وطبعاً غير مقصود أننا نشاركه ألوهيته أي اننا نصير لاهوت، أو بأننا نصير الله ذاته أو نتحول آلهة – هذا تجديف – وهذا سوف نشرحه بالتدقيق في العنوان المخصص لذلك )
يقول القديس اثناسيوس الرسولي: [ الكلمة تجسد لكي يجعل الإنسان قادراً أن يتقبل اللاهوت ] ( ضد الأريوسيين ) (وبالطبع لا يعني أن الإنسان يختلط باللاهوت ويصير لاهوت أو يتحول للاهوت، هذا كلام نظري وتحوير في الكلام وقصد الآباء للنقاش والجدل العقلي ما بين مؤيد ومُعارض)
ويقول القديس هيلاري ( 367 م ): [ إن ابن الله قد وُلِدَ كإنسان من العذراء في ملء الزمان لكي يرفع البشرية في شخصه حتى إلى الإتحاد باللاهوت ] ( في الثالوث 9 : 5 ) (وطبعاً الاتحاد باللاهوت يعني الاتحاد بالله في سر جسد الرب أي المسيح الكلمة المتجسد الذي صار معنا واحد بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير، بل هو اتحاداً سرياً كهبة وعطية وتقديس هيكلنا لسكناه بشخصه بدون اختلاط ولا تحول، بل تشرحه العبارة القادمة للقديس هيلاري)
ويقول أيضاً: [ فقد وُلِدَ ( ابن ) الله إذا من أجل أن يأخذنا في نفسه إلى داخل الله ] ( في الثالوث 9 : 7 )
ويقول القديس كيرلس الكبير: [ لقد وُلِدَ بحسب الجسد من امرأة آخذاً منها جسده الخاص لكي يغرس نفسه فينا باتحاد لا يقبل الافتراق ] ( تفسير لوقا 22 : 19 )

من هذا كله نتضح أنه ليس علينا أن نحيا مقلدين من بعيد ومن الخارج أعمال يسوع من محبة وابتعاد عن الخطية والتصرفات التي ينقلها لنا الإنجيل لكي نحيا في شركة مع الله، فالعمل لكي نكون قديسين بحسب المستوى الشخصي بدون شخص الكلمة الحي فينا فهو غير مقبول أمام الله لأن ثمرته تمجيد الذات والافتخار الشخصي وبلوغ ما ليس لنا: ” فقالت الحية للمرأة … إنما الله عالم أنكما في يوم تأكلان (( عمل شخصي )) منه تنفتح أعينكما وتصيران كآلهة (( وليس كالله )) عارفي الخير والشر ” ( تك3 : 4 و 5 )

وطبعاً على المستوى العملي نسمع قائل: (( أنا مش ها قدر أروح الكنيسة إلا لما أبقى كويس )) وهذه حيلة عدو الخير الذي أوهم بها الإنسان، لأنه أقنعه أن الله ينتظر أعماله الذي بها يتبرر، فيبعده عن شخص الكلمة متصوراً بأن أعماله الحسنة تستطيع ان تُرضي الله، مع أن ثمر عمل الله فيه بالروح القدس هو فقط ما يُرضي الله …
غير طبعاً مستوى الوعظ الذي صار منهج للتدريب على القداسة الذاتية واعتبار شخص الكلمة مُجرد مثال لنا كي ما نحاول أن نتبع منهجه من الخارج بأننا نكون كويسين ولنا مجموعة من الأخلاق والمبادئ فلا نفعل شر ونبتعد عن الخطية اللي اتسببت في جرح المسيح وموته !!!!! مع التركيز على الناحية العاطفية التي فيها يتأمل الإنسان محبة الله وآلام المسمار ووجع الشوك فيبكي تأثراً – تأثير نفسي فقط – بهذه الأوجاع كبنات أورشليم الذين بكوا على الحبيب من أجل آلامه لا من أجل التوبة والالتصاق به والدخول في الشركة معه بالحب الباذل الذي يحمل الصليب بمسرة ذابحاً حياته من أجل من فداه ومات لأجله، ولن استفيض لأن الكلام كله معروف على مستوى الوعظ الذي نحفظه منذ الطفولة…

   فالعمل الشخصي والقداسة التي نكون نحن مصدرها بالجهد الخاص كي ما نصل لله ونرضيه،ليست الطريق الحقيقي إلى الله، ولكن على العكس تماماً إنه هو هو أي الله بشخصه الذي يقدس الطبيعة البشرية التي اتخذها مرة وإلى الأبد ويدخلها إليه ويقدسها فيه لنكون مثله لأنه يطبع ملامحه الخاصة فينا بالروح القدس الذي يأخذ ما له ويعطينا

ويقول القديس كيرلس الكبير: [ فولد بالجسد من الروح لكي يجعلنا مثله ونصبح قديسين وبلا فساد، وتنزل إلينا النعمة من فوق، ويُصبح لنا بداية ثانية وأصل جديد فيه ]
[ ونحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كو 3 : 18)


غنى النعمة ووافر السلام لكم جميعاً في الرب
كونوا معافين باسم الثالوث
_____يتبع_____
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعاد
الادارة العامة
الادارة العامة
سعاد


عدد المساهمات : 22227
نقاط : 30251
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16)   عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16) I_icon_minitimeالإثنين ديسمبر 29, 2014 3:29 pm

[ من التصق بالرب فهو روح واحد ] (1كو 6 : 17)
سر يسوع تقديس الإنسان أي تأهيل الطبيعة البشرية للحياة مع الله
كمجال حي لنتذوق عمل المسيح الخلاصي في حياتنا
الجزء الثاني :/ غاية التجســـــــــــد


سلسلة ( سرّ يسوع تقديس الإنسان للاتحاد بالله )

التجسد فعل إلهي ذات حركتين، حركة نزول وحركة صعود، أي تنازل أو نزول إلهي وصعود بشري، أي الكلمة صار إنساناً لكي يرفع كل إنسان للإتحاد بالله؛ أي أن النزول العجيب الغير المدرك لله إلى عمق حالة البشرية الساقطة حتى إلى درجة الموت، قد صار نزول إلهي فتح لجنس البشر طريق الصعود لله وهذا هو الخلاص …

   أي أن النزول الإلهي، أي نزول الله في الجسد، الكلمة صار جسداً، جعل البشر قادرين على الصعود في الروح القدس على حسب قول أبينا القديس اثناسيوس الرسولي.

لقد كان من الضروري أن يتم هذا الإتضاع الإرادي من جهة الله، المسمى بالإخلاء من مجد الألوهة الذي تممه شخص الكلمة المتجسد إذ أخلى ذاته آخذاً شكل العبد، وذلك حتى تُحقق البشرية الساقطة دعوتها إلى اللاهوتية ( أي الاتحاد بالله – وليس معنى ذلك أن يساوي الإنسان الله طبعاً بل هو فعل نعمة ممنوح من الله للإنسان بتجسد الكلمة الذي اتحد بنا اتحاد حقيقي غير قابل للانفصال بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ). وهكذا فأن هدف العمل الفدائي الذي أكمله المسيح له المجد أو بالحري هدف التجسد عموماً قد أصبح هو الهدف النهائي للبشرية كلها: أن تعرف طريق الإتحاد مع الله، وتحيا في شركة حقيقية معه بالوحدة الحقيقية في المسيح يسوع الكلمة المتجسد.

فإن كان هذا الإتحاد قد أكتمل في شخص ابن الله المتجسد، الذي هو (( الله صار إنساناً ))، فمن الضروري أن كل شخص بالتالي يؤمن بالمسيح الله الظاهر في الجسد، يصير مُقدساً بالنعمة فيُصبح مقر سكنى الله ويتطبع بالطبع الإلهي أي ” شريك الطبيعة الإلهية ” حسب تعبير القديس الطوباوي بطرس الرسول ( 2بط 1 : 4 )، ( مع ملاحظة أن الكلام لا يُقصد به بالطبع أن يصير شريك في الطبيعة الإلهية ذاتها من جهة الجوهر، يعني يصير أقنوماً لأن هذا تجديف ويستحيل أن يكون، وفهم حرفي للجدل والخروج عن عمل الله، بل المقصود هو أن يتطبع بالطبع الإلهي أي تحقيق صورة الله فيه بعمل النعمة )

   فبالتجسد أخذ الله على نفسه طبيعتنا البشرية الساقطة والمتردية في شهواتها (1)، وضمها إلى لاهوته باتحاد غير قابل للافتراق (لاهوته لم يفارق ناسوته – وهذا هو إيماننا ) (2)، لتسري فيها الحياة الإلهية فتجددها وتشددها وتُعيد تكوينها من جديد بالقيامة وهذا هو قوة الخلاص وفعله …

فبالتجسد اتحد الله بالإنسان اتحاد حقيقي غير قابل للافتراق، لتسري في الإنسان حياة الله وهكذا يتقدس، وكيف يكون ذلك على المستوى الواقعي، يقول القديس أثناسيوس الرسولي: [ الكلمة اتخذ جسداً لكي ننال نحن الروح القدس ] ( تجسد الكلمة ، وأيضا ضد الأريوسيين : 8 )
ويقول القديس أمبروسيوس : [ بالروح نقتني صورة الله وننمو إلى مشابهته، وبالروح كما يقول معلمنا بطرس نصير شركاء الطبيعة الإلهية، وهذه الشركة لا تعطينا ميراثاً جسدياً ،بل تلك الرابطة الروحية في نعمة التبني ] ( عظة على الروح القدس 8 : 94 ، 95 )
ويقول أيضاً : [ إذن فقد خُتمنا بروح الله ” الذي فيه أيضاً إذ آمنتم خُتمتم بروح الموعد القدوس الذي هو عربون خلاصنا.. ] ( أف 1 : 13 و 14 )، فنحن نُختم بالروح لكي نقتني بهاؤه وصورته ونعمته … حتى يصور الروح القدس فينا مشابهة الصورة الإلهية ] ( على الروح القدس 6 : 79 )
ويقول القديس اثناسيوس الرسولي : [ الكلمة صار جسداً لكي يجعل الإنسان قادراً أن يتقبل اللاهوت ] ( ضد الأريوسيين 2: 59 )
ويقول ايضاً : [ لقد صار إنساناً لكي يوحدنا مع الله في شخصه، وخرج من امرأة ووُلد من عذراء لكي يحول إلى نفسه جنسنا الضال، ويُصيرنا بالتالي جنساً مقدساً وشركاء الطبيعة الإلهية كما كتب بطرس الطوباوي ( 2بط: 1 : 4 ) ] ( الرسالة 60 إلى أدلفيوس ، ب.ج 26 : 1077 )
ويقول في منتهى التركيز والقوة: [ فلأجل هذا قد صار الاتحاد لكي يصير من هو إنسان بحسب الطبيعة ملتحماً بطبيعة اللاهوت، فيصير بذلك خلاصه واتحاده بالله مضموناً ] ( ضد الأريوسيين 2: 70 ، ب.ج 26 : 296 )
ويقول أيضاً: [ لقد صار الكلمة جسداً لكي يقدم هذا الجسد من أجل الجميع فنستطيع نحن أن نتحد بالله بمشاركة الروح القدس. فلم يكن ممكناً أن ننال ذلك بوسيلة أخرى إلا بأن يلبس هو جسدنا المخلوق ] ( الدفاع عن قانون نيقية 14 ، ب.ج 25 : 448 )

وهذا القول الأخير أظهر فيه القديس اثناسيوس النتيجة من تجسد الكلمة وهي أن ننال نحن الروح القدس لنتحد بالله بواسطته، أي أن الكلمة أخذ جسدنا ليتمكن من أن يعطينا روحه القدوس، وهذا هو عينة ما نقصده ونتغنى به في ثيئوتوكية الجمعة في الكنيسة القبطية:

هو أخذ جسدنا *** وأعطانا روحه القدوس
وجعلنا واحداً معه *** من قِبَل صلاحـــــــه
هو أخذ الذي لنــا *** وأعطانا الذي لــــــه
نسبحـــه ونمجده *** ونزيده علــــــــــــــواً

   باختصار شديد، إن غاية التدبير الإلهي له شقين، الشق الأول هو العتق من الخطية أي الحرية من سلطان الخطية وهذا هو الفداء أو الخلاص
   والشق الثاني : من جهة الدعوة الإلهية أو كمال الخلاص أو الغاية النهائية من التجسد يطلق عليها آباء الكنيسة = الإتحاد بالله = التبني، أي نصير أبناء في الابن الوحيد

ولكي لا يعتقد أحد أني أتكلم من نفسي أو من جهة تأملاتي الخاصة أكتب ما قد كتبه القديس إيرينيئوس ( أستشهد عام 200 ميلادية وهو من الآباء الرسوليين ) : [ أن البعض لا يقبلون عطية التبني ويحتقرون الميلاد البتولي الذي به تجسد كلمة الله. وهم بذلك يسلبون الإنسان من الارتقاء نحو الله ويصيرون غير شاكرين لكلمة الله الذي تجسد من أجلهم. فإنه لهذه الغاية قد صار كلمة الله إنساناً وصار ابن الله ابناً للإنسان: لكي يتحد الإنسان بالكلمة ويقبل التبني فيصير ابناً لله ] ( ضد الهراطقة 3: 19 : 1 – 3 )

عموماً كختام لهذا الجزء، نقول أنه سوف يُستعلن هذا السرّ بكاملة في نهاية الدهور، بعد أن تعود كل المخلوقات لتصير متحدة بالمسيح ليصير الله الكل في الكل:
+ ” اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضاً فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلَئ الْكُلَّ. وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ، لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ، إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِلٍ. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ. ” ( أف4: 10 – 13 )
+ ” فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضاً نَنْتَظِرُ مُخَلِّصاً هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ. ” ( في3: 20 – 21 )



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) طبعاً لا اقصد من قريب أو بعيد أن المسيح كان فيه خطية (مستحيل طبعاً) ولكنه اتحد بنا اتحاد حقيقي كامل بلا خطية
(2) المسيح اتحد بنا اتحاد لا يقبل الافتراق يقول القديس كيرلس الكبير [ لقد وُلِدَ بحسب الجسد من امرأة آخذاً منها جسده الخاص لكي يغرس نفسه فينا باتحاد لا يقبل الافتراق ] ( تفسير لوقا 22 : 19 ، ب.ج 72 : 909 )


غنى النعمة ووافر السلام لكم جميعاً في الرب
كونوا معافين باسم الثالوث القدوس
الإله الواحد آمين

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16)   عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16) I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 30, 2014 8:39 am

عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16) Slide11
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعاد
الادارة العامة
الادارة العامة
سعاد


عدد المساهمات : 22227
نقاط : 30251
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16) Empty
مُساهمةموضوع: رد: عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16)   عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16) I_icon_minitimeالجمعة يناير 02, 2015 6:25 pm

عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16) Talwgj
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد ] (1تي 3 : 16)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عظيم انت يا الله
»  "أي إله عظيم مثل الله"
» قواعد قصيرة لحياة التقوى
» التقوى.. هي أساس السعادة الزوجية
» لاَ مِثْلَ لَكَ يَا رَبُّ !.....حقا ً الهي أنت عظيم .......

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات  :: القسم الروحى :: المواضيع المتكاملة-
انتقل الى: