الكبرياء منبع السقطات
ـ القديس يوحنا السلمي-
الكبرياء جحود لله، صنع الشياطين، ازدراء للناس، أم للادانة،
ابن للمدائح، علامة للعقم، ابتعاد عن معونة الله،
نذير بضلالة العقل، نصير للسقطات، علة للعصبية،
ينبوع للغضب، وليّ لقساوة القلب، جهل بالحنوّ،
محاسب مُرّ، قاض ظالم، خصم لله، وأصل للتجديف …
حيثما حلت سقطة فهناك سبق وسكن الكبرياء، لأن حضور الكبرياء ينبئ بحلول السقطة …
فان كان ملاك قد سقط من السماء لكبرياءه فقط دون أي هوي آخر،
فلننظر لعلنا نستطيع الصعود الي السماء بالتواضع فقط دون أية فضيلة أخري،
فإن التكبر اتلاف لمكاسبنا واتعابنا …
عاتب شيخ أحد الأخوة علي تكبره معاتبة روحية، فأجاب الأخ:
“اغفر لي يا أبي فاني لست متكبراً” ،
فقال به الشيخ كليّ الحكمة:
“يا ولدي، أي برهان تعطينا علي تكبرك أوضح من قولك:
“لست متكبراً” ! “…
من الخزي أن يفتخر الانسان بمحاسن غيره، ولكنه منتهي الجنون أن يتباهي بمواهب الله فيه !
ان أردت أن تفتخر فافتخر بما حققته قبل أن تولد !!
لأن ما حققته بعد ولادتك قد وهبك الله اياه كما سبق ووهبك الولادة نفسها !!
وكل الفضائل التي صرت فيها حكيماً بغير عقلك هي وحدها التي حقاً لك !!
لأن العقل قد وهبك الله اياه !!
بالمثل كافة المحاربات التي خضتها بدون جسدك هي وحدها التي تمت بهمتك أنت !!
لأن جسدك ليس لك بل هو خلقة الله !!
…
لا تطمئن الي ذاتك ومصيرك قبل صدور الحكم الأخير عليك …
ولا تتشامخ وأنت من الأرض، لأن كثيرين قد أهبطوا وقد كانوا في السماء ! …
ان الغرور ينشأ من نسيان الزلات، لأن ذكر الزلات يؤدي الي الاتضاع،
فالكبرياء طامة كبري لنفس فقيرة تتوهم الغني !
فتكون في الظلام وتتخيل النور !
ان الكبرياء النجس لا يمنعنا من التقدم فقط،
بل يسقطنا أيضاً من علو الفضائل !
لأن المتكبر لا يحتاج الي شيطان لاسقاطه، لأنه قد صار شيطاناً وعدواً لذاته.
فكما ان الظلام غريب عن النور، فان المتكبر غريب عن الفضيلة.
ففي قلوب المتكبرين تنشأ أقوال التجديف بينما في نفوس المتضعين تأملات سماوية.
ــــــــــــــــــــــــ
عن الدرجة الثالثة والعشرون من السلم الي الله