"ليأت ملكوتك"؟!
ما المقصود بذلك؟ وما هو ملكوت الله؟
سؤال للتفكير:
عندما نصلي "ليأت ملكوتك" ماذا نتوقع أن يحصل؟!
تختلط علينا الامور عند محاولة فهم المقصود بما هو المقصود بملكوت الله أو ملكوت السموات
نظراً لأن يوحنا المعمدان عندما بدأ يبشر قال:
"توبوا فقد اقترب ملكوت السموات"
والسيد المسيح من بعده قال :
" توبوا وآمنوا بالانجيل فقد اقترب ملكوت السموات".
وقال السيد المسيح لبطرس:
"أَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي،
وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ،
فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ.
وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ".
وعندما علم تلاميذه كيف يصلوا قال:
أبانا الذي في السموات ..."ليأت ملكوتك".
فما المقصود بملكوت السموات؟
وهل كان هذا المفهوم موجود في العهد القديم؟
هنالك اختلاف حول المفهوم ما بين العهدين القديم والجديد.
المفهوم تطور عبر التاريخ.
لا يمكن تفسير المفهوم بطريقة واحدة.
المعنى اللغوي لملكوت الله:
إن المعنى اللغوي
- في اللغة العبرية "مالكوت" أو الآرامية "مالكوتا" - هو سلطان الله وحكمه.
باللغة اليونانية "فاسيليا": تعني "مَلَكية" (أسم مجرد = abstract name)
أو "مملكة" أو ملكوت (أسم حي) أو المُلك (مصدر فعل).
هنالك مجموعة من النظريات أو المحاولات التي جَربت تفسير معنى
"ملكوت الله" أو "ملكوت السموات".
لنبـــــــــــــــــــــــــدأ:
بداية يجب أن نُقِرْ بالحقيقة التالية:
أن ملكوت الله سابق لنا، موجود منذ وجود الله أي منذ الأزل.
وفيما يلي رسم توضيحي لذلك: (مرفق بالأسفل).
ملكوت السموات في الكتاب المقدس
هنالك اختلاف كبير ما بين قراءة العهد القديم وقراءة العهد الجديد لمفهوم ملكوت الله.
كلمة ملكوت في العبرية هي "مالكوت" وفى الآرامية التي كتبت بها بعض أجزاء العهد القديم
والتي كان يتحدث به اليهود في زمن السيد المسيح "مالكوتا"
وتعنيان في العهد القديم والكتاب المقدس كله :
"حكم الله وسلطانه الشامل وسيادته على الناس والأمم والزمن في الماضي
والحاضر والمستقبل، أي التاريخ الذي يحدد مساره ويحقق فيه إرادته،
والطبيعة والكون كله، في السماء وعلى الأرض، فهو خالق الكون ومدبره والمهيمن عليه".
"يحمدك يا رب كل أعمالك ويباركك أتقياؤك بمجد مُلكك ينطقون
وبجبروتك يتكلمون. ليعرّفوا بنى أدم قدرتك ومجد جلال مُلكك ملك كل الدهور
وسلطانك في كل دور فدور "،
"الرب في السموات ثبت كرسّيهُ ومملكتهُ على الكل تسود..
باركوا الرب يا جميع أعماله في كل مواضع سلطانه باركي يا نفسي الرب"،
"لأن الله ملك الأرض كلها رنموا قصيدة. ملك الله على الأمم "،
"ليكن اسم الله مباركًا من الأزل وإلى الأبد لأن لح الحكمة والجبروت.
وهو يغير الأوقات والأزمنة يعزل ملوكًا وينصب ملوكًا"،
"لكي تعلم الأحياء أن العلى متسلط في مملكة الناس
فيعطيها من يشاء وينصب عليها أدنى الناس "،
"أن الله العلى سلطان في مملكة الناس وأنه يقيم عليها من يشاء "،
"من لا يخافك يا ملك الشعوب ".
كما أن فكرة مُلك الله من المبادئ الاساسية في العقيدة الموسوية.
ففي عهد الانبياء منذ ابراهيم واسحق ويعقوب وموسى كان مفهوم ملكوت الله غير واضح .
أما بعد استقرار اسرائيل في ارض كنعان، وكان ذلك في عهد يشوع بن نون،
فقد بدأت الكتب المقدسة تستخدم الرمزية للتعبير عن مُلك يهوه على شعبه اسرائيل.
فقد اصبح لله أتباع أرضيين يقدمون له الطاعة
والعبادة على منوال أتباعه السماويين الروحيين (الملائكة).
أما في عصر القضاة، أي ما بين حلول اسرائيل في أرض كنعان بامرة يشوع بن نون
وأوائل العهد الملكي مع شاول، وفي وقت لاحق (صموئيل والملوك)،
بدأ شعب الله (اسرائيل) يطلب مُلك ارض مثل جيرانه من الأمم الوثنية.
فقد بُعث النبي صموئيل وهو واضع أسس العهد الملكي عهد الاستقلال والملوك المجيد:
صموئيل وشاول وداود ونسله وهكذا، بدأت أنظار اليهود تتحول لملك ارضي في المستقبل ،
وبدا انتظار المشيح (المسيح المنتظر)
(كملك لتحريرهم من العبودية والاستعمار).
والكتاب يبين لنا قوة الله وسلطانه بصورة علمية عندما يذكر لنا أعماله
مثل إغراق الأرض بالطوفانوإرجاع الشمس للوراء
وشق البحر الأحمر وإغراق فرعون وجيشه فيه ونجاة شعب الله
وأنباع الماء من الصخر وتحريك النجم لإرشاد المجوس إلى مكان ميلاد المسيح
وجعل الشمس تختفي في الظهر وقت صلب المسيح
وجعل الملك نبوخذ نصر يعيش فترة من الزمن كالحيوان
ويستخدمه كآلة لتأديب شعبه وتحويلهم إلى سبايا
ويدعو الملك الفارسي كورش ليعيدهم ثانية ،
وهو الذي يسمح لأمةٍ بالنصر في الحروب
وأخرى بالهزيمة وذلك بحسب قصده ومشيئته وعلمه السابق.