من روائع عظات مثلث الرحمات الانبا ميخائيل اسقف اسيوط المتنيح
------------------
† روح الله الذى رفّ على وجه المياة قديماً حينما ابدئت الخليقة ( الكون والارض )
التى نعيش فيها ، استمر الروح يعمل ويبدع ..
لكن بالنسبة للانسان المخلوق لم يكن فيه الاستعداد الدائم ـ فى ذلك الحين ـ
لكى يتحمل فى أعماقة هذة القوة اللانهائية التى تحيط بالكون ..
† صحيح أن السماء كانت تتعطف وترافق انسان العهد القديم ..
ترى السماء مواقف معينة يقتضى الامر فيها أن تتدخل وتساند الانسان وتقف الى جانبه ..
لكن لم يكن فى مقدرة انسان العهد القديم أن يتقبل هذة النعمة ( الروح القدس )
لان الضعف الكامن والخطية التى لازمتة لاتؤهلانه لإستقرار هذة النعمة ودوامها .
فلا يتفق أن يكون الانسان فى خطيتة الموروثة وخطيتة الفعلية مؤهلاً ومستعداً
على الدوام لملازمة هذه القوة ..
لذلك ينادى داود وهو يستعطف السماء ويقول :
” قلباً نقياً أخلق فىّ يا الله وروحاً مستقيماً جددة فى أحشائى”.
† ولعلنا نتساءل :
( طيب ) ماانسكب النعمة على داود الصغير حينما دخل صموئيل الى بيت يسى أبوه
حاملاً قنينه الزيت وسكبها علية وأقامة ملكاً وأعده ليكون مكان شاول
الذى عصى وحاد عن الشريعة ..
ونزُعت منة كل موهبة صالحة ، فأين الهبة السمائية والعطية التى أعطيت لك ياداود ؟!
أعُطيت لكى تلازمك وتعدك لكى تكون مسئولاً عن الرعية ..
أعطيت لك كملك ؟!
ولكن حينما طاش ذهنك ، وأنحرف فكرك وجنحت بعيداً وتطلعت الى ( القليل المحدود )
وأنت تملك الكثير .. طمعت .. وأغتصبت زوجة قائد فى جيش المملكة خاضع لك ..
ودبرت له المؤامرة لكى يكون فى المقدمة فى مرمى الاعداء ..
وتمت المؤامرة الشريرة بنجاح ..
سيطر على ذهنك أن يخلو لك الطريق فتصل الى أمتك
( دون لوم من أحد كما كنت تظن ) أستدعيت زوجها القائد البرئ من ساحة المعارك
ليدخل الى بيته ويهنأ مع زوجته ولكن شرفة وأمانتة وأستقامتة دفعتة للاصرار
على العودة للميدان ناصراً ..
شعر القائد بالتكليف السماوى فلابد أن يكون فى الميدان مدافعاً عن شعب الله ..
وأستمر داود فى غفلته .. لم يستيقظ ؟
اين النعمة التى أنسكبت علية عندما أقامة الله ملكاً ؟
أين هى القوة التى تحرك ضميرة ، نام وأستنام وظن فى نفسه أن كل الحقوق مسموحة له ..
لم يشعر ، ولم يتحرك ، بل أستمر وأغتنم تلك الزوجة ومرت الايام ..
† لكن الله فى عطفه وحنانه ورحمته الكامله الذى لايشاء موت الخاطئ بل أن يرجع اليه ويحيا
يبعث اليه بنبيه ناثان والذى يخبره بالقصة المعروفة
قال هناك من يملك أغنام كثيرة .. أحتاج يوماً أن يذبح واحدة منها لضيف جاءه ..
تغلب علية طمعة وجشعة فلم يرد أن يذبح من الاغنام التى يمتلكها ..
نظر الى جاره يملك واحدة أخذها منه وذبحها )
ثم قال: (مارأيك ياجلاله الملك )
تنبة داود الملك القاضى العادل ..
قال ناثان :
(ما رأيك فى من فعل هذا ؟!)
أصدر داود الحكم ( يجب أن يقتل )
فأسرع النبى بالقول :
أنت هو الرجل ؟! روح الله حل على ناثان النبى وواجة الملك ولم يخشاه بل وبخه ..
عاد الملك داود الى رشده .. أستيقظ من غفلته وصرخ أخطأت الى الرب ..
وردد ناثان : صوت من السماء يقول لك والرب رفع عنك خطيتك ..
هنا يتبدل الحال .. يغرق داود فى البكاء والندم ..
أيقظ صوت النبى ضميرة تتفجر ينابيع العلاقة الحلوة مع الله ..
† لسنا أذن نروى قصة مضت فصولها .. فليس الامر قاصراً على داود الملك ..
كثيراً مانطمع .. كثيراً مايقاوم القوى الضعيف ..
القوى قد يكون أنساناً متسلطاً أو غنياً يريد المزيد لا يراعى الله ولا يشعر بتبكيت فى ضميرة ..
لايعرف مقاييس العدالة أنما يحتمى بغناة وسطوتة .. بقوتة الارضية يفعل ما يريد ؟!
لكن الله يقظ ومنتبه .. لايمكن لانسان أن يفلت من العدالة الالهية ..
لكن رغم ذلك ( وفى ظل هذه الظروف )
لا يترك الله الانسان وحيداً دون مرشد ينير له الطريق ..
.. مسيحنا هو الإله الحى القدوس الذى لايموت ..
ترافقنا نعمته ومحبته
وها نحن نصلى إليه ” ابانا الذى فى السموات ……….” أمين .
منقول