منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم ( 6 أجزاء )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
joulia
المدير العام
المدير العام
joulia


عدد المساهمات : 11984
نقاط : 15820
تاريخ التسجيل : 11/10/2014
الموقع : لبنان

 رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) Empty
مُساهمةموضوع: رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم ( 6 أجزاء )    رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) I_icon_minitimeالسبت يناير 17, 2015 2:47 am





  رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 4114254695 رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 4114254695 


الحلقة الأولى :


يا سيد، "الذي تحبّه مريض"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





يروي لنا البشير يوحنا حادث إقامة لعازر، أخا مريم ومرثا، وصديق الرب يسوع في بيت عنيا ، قبل دخوله الأخير أورشليم بقليل .. يسوع يسمي موته " نوماً " وإقامته " إيقاظاً " !
تستقبله مرتا ومريم ويسجدان له، يسوع يطلب أن يرفعوا الحجر عن باب القبر ، فتقول أخت لعازر :

قالت مرثا: "يا سيد لقد أنتن لأن له أربعة أيام!" 





يقول المغبوط أوغسطينوس معلقاً " أن إقامة لعازر من الأموات ليس موضوع دهشتنا بل موضوع فرحنا. فليس من المدهش أن ذاك الذي يخلق بقوته أناسًا يأتي بهم إلى العالم أن يقيم ميتًا، لكنه أمر مفرح أنه يهبنا القيامة ويمتعنا بالخلاص ". 





لقد ذكرت الأناجيل إقامة الرب يسوع لابنة الرئيس في المجمع ( مر 5 ) ولإقامته ابن أرملة نائين الوحيد ، وكلاهما لم يُدفنا بعد. أما لعازر فكان قد دفن منذ أربعة أيام .. لقد أنتن في القبر.
تبدأ القصة بصلاة للأختين مريم ومرتا ما سمعت اجمل وأبسط منها " يا سيد هوذا الذي تحبه مريض " ... مملوءة تواضعًا مع ثقة وتسليم للأمر بين يديه بأنه لن يتخلّى عنه وعنهما، وبأنه حتماً سيفعل شيئاً. لم تكن رسالتهما هذه تحمل شيئاً عن هول المرض أو خطورته ، بل تحمل ثقة مطلقة بأن الرب يعلم ما هو كائن وما سيكون. ويعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على سبب ذكر البشير يوحنا لمحبة المسيح تجاه لعازر بالقول : " ليعلمنا ألا نستاء أو نترك الرب عند حدوث مرض للرجال الثابتين في فضيلتهم المحبوبين عند الله".




كان رد يسوع أبسط " هذا المرض ليس للموت بل لمجد الله ، ليتمجد ابن الله فيه " .. يليق بنا أن ندهش من أختي لعازر، فبعدما سمعتا أن المرض ليس للموت ورأتاه ميتًا لم تتعثرا، مع أن ما حدث كان على خلاف ما قيل. مع كل هذا جاءتا إلى الرب ولم تفكرا أنه تنطقا بشيءٍ باطلاً ( القديس يوحنا الذهبي الفم ). وبحسب المغبوط أوغسطينوس فإن تمجيد الله لا يضيف له شيئاً لأنه كلي المجد ، بل لأجل نفعنا نحن بهذا المجد.




ماطل يسوع في الذهاب إلى لعازر ، وهو يعلم أنه مات ، حتى كان له أربعة أيام ميتاً .. مكث في الموضع الذي كان فيه يومين آخرين، بل ونعرف من الإنجليين الآخرين الثلاثة أن يسوع لم يتوقف عن مساعدة المحتاجين في طريقه نحو بيت عنيا ( رغم أنهم لم يتطرقوا لحادثة إقامة لعازر ) فقد شفى أعمى أريحا في الطريق والتقى بزكا العشار أيضاً . 





قال لتلاميذه " لنذهب إليه " ، وليس لنذهب لتعزية أختيه .. يسوع عارف أين يذهب ومن يطلب ..ويرى المغبوط أغسطينوس أن الأربعة أيام التي عبرت بلعازر في القبر تشير إلى مراحل البشرية. اليوم الأول هو يوم سقوط آدم وحواء حيث ملك الموت على آدم وبنيه. واليوم الثاني يشير إلى الإنسان وقد كسر الناموس الطبيعي الشاهد لله. واليوم الثالث يشير إلى كسر الناموس الموسوي، وأخيرًا جاء اليوم الرابع حيث كُرز بالإنجيل، ووهب السيد المسيح الحياة الجديدة المقامة للموتى في الخطايا. هذه قراءة جميلة للحدث في ضوء تاريخ البشرية الكتابيّ.




يركز البشير يوحنا على لقاء مريم ومرتا بالرب، فرغم ألمهما لموت أخيهما لم يتذمرا من تأخر الرب في المجيء، دون أن يخطر في بالهما أنه سيعود حياً بعد لحظات، وفي ذلك كل العبرة لنا نحن الذين لا نكف عن التذمر والتأفف والإعتقاد بأن الرب تركنا لدى عدم تلبية متطلباتنا ! مريم ومرتا سجدتا ليسوع وقالتا " لو كنت ههنا لم يمت أخي " .. الحدث هام جداً وقد يغيب عن ذهننا في قراءتنا للنص وتركيزنا على حدث قيامة لعازر نفسه ، فلا ندرك تلك القيامة التي كانت تعيشها مرتا التي قامت ونهضت تاركة المعزين والتعزية وذاهبة لملاقاة يسوع ( وهذا يخالف كل عادات التعزية والموت في بلادنا وتقاليدنا ، إلا أن الإيمان بيسوع حرك مرتا وجعلها تنقض كل العادات المميتة " دع الموتى يدفنون موتاهم اما أنت فتعال اتبعني " ). ثم لحقت بها أختها حتى ظن المعزون انهما ذاهبتان لتبكيا فوق القبر. 





لم تطلب مرتا ومريم من الرب يسوع صراحة أن يقيم لعازر، لم تتجرءا وتطلبا شيئاً بل تركتا له أن يحكم في الأمر بكل إيمان وتواضع في قولهما " لكني الآن أيضًا أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه ". فأين نضع نفوسنا عندما نطلب من الرب مزايا وعطايا خاصة وكأننا نضعه امام احتياجاتنا ليلبيها لنا وتُسرّ نفوسنا بتحقيقها وليس بتحقيق إرادته هو . 





وكان رد الرب " سيقوم أخوك "، مع انهما لم يفهما انه سيقوم فوراً، لكن هل لنا ان نتصور نفوسنا في نفس الموقف وقد فقدنا أقرب الناس لنا ، وفي غمرة هذا الحزن يأتينا صوت الرب بأن الراقد سيقوم! هل نجد تعزية وسلاماً أم ان اليأس هو سيد الموقف في آلامنا؟




لم يكن يسوع متسرعاً ولا يذكر النص انه كان يتصرف بسرعة بل بكل هدوء، كان يريد أن يطلب اليهود أن يروا الآية وليس ان يستعرض مجده امامهم. " بكى يسوع " ، وكما جاء الفعل في اللغة اليونانية يوضح أن بكاء الرب كان مختلفاً ، فهو لا يصرخ كمن لا رجاء عنده بل يعبر الفعل عن انسياب الدموع على وجنتيه، وقد لاحظ اليهود الحاضرون ذلك وقالوا لبعضهم " انظروا كم كان يحبه " . 





أمر يسوع برفع الحجر حتى يرى كل الواقفين أن الجسد ملقىً في القبر ميتًا، كما يشتمون الرائحة، فيتأكدون أنه أنتن، وعند خروجه من القبر لا يظنوا أنه خيال بل هو جسد حقيقي. فجاء اعتراض مرثا غالبًا بعد أن بدأوا يحركون الحجر وفاحت رائحة كريهة.




اعتراضنا على مشيئة الرب ولو كان غير مقصود إنما يؤخر خلاصنا وقيامتنا، ونسمع لوم الرب وعتبه الرقيق " ألم أقل لك إن آمنتِ ترين مجد الله " . هذا العتب الرقيق يدل على مدى ضعف الإنسان وشكوكه، فرغم تمني مرتا ومريم أن يريا اخيهما حياً لكن الشك لم يبرح قلبيهما، فما من إنسان عرف أن شخصاً قد مات ثم قام ثانية ...




لماذا لم يناده الرب ليقوم بدون أن يفتح القبر ؟


لكي يجعل من اليهود الحاضرين شهودًا للمعجزة، فلا يقولون كما قالوا في معجزة الأعمى: "إنه هو"، "إنه ليس هو". فإن أياديهم ومجيئهم إلى القبر تشهد بالحق أنه هو. الرب لم يترك لهم مجالاً للشك. والآن مجيئهم إلى الموضع ورفع الحجر والأمر بحل الميت الذي في الأكفان المربوطة، فإن الأحباء الذين حملوه إلى القبر يعرفون من الأكفان من هو. 





هذا الحدث وتعامل الرب معه هو صورة عن القايمة في اليوم الأخير، قيامة نفوسنا وأجسادنا .. كثيرون يقولون كيف سيقوم الموتى الذين رقدوا منذ الأزل ولم يبق منهم شيء ؟ كيف يقوم من قد تحلل وتفسخ ؟
لكن الرب يسوع كان جازماً " انا هو القيامة والحياة " .. حتى لو كان الإنسان قد أنتن في قبر خطيئته.




فهل نصلي اليوم للرب ونعرض أمامه مدى إلحاح مرضنا وخطورته، أو نصرخ مع الأختين المؤمنتين " يا سيد هوذا الذي تحبه مريض " ، هذا إن كنا واثقين بمحبته وبأن كل واحد فينا هو " الذي يحبه " يسوع وبأنه لا بد ان يفعل شيئاً ؟


وهل سنبقى كمريم ومرتا مؤمنين وغيرمتلفظين بالسوء أو بالتجاديف حتى لو حدث غير ما نتوقعه ؟




يا رب لقد انتنت نفوسنا، هلم إلينا " فالذي تحبه مريض "، لو أننا قبلنا حضورك في حياتنا لما عرفنا الموت، ولكننا نؤمن بأنك كل ما تريد أن تفعله فسيكون، ولسنا نعرقل مشيئتك بتذمرنا أو بشكوكنا ، فلتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض ،
آمين

  رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 3906218334 


 رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 455648574   يتبع  
 رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 455648574
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
joulia
المدير العام
المدير العام
joulia


عدد المساهمات : 11984
نقاط : 15820
تاريخ التسجيل : 11/10/2014
الموقع : لبنان

 رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم ( 6 أجزاء )    رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) I_icon_minitimeالسبت يناير 17, 2015 2:55 am



رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم
الحلقة الثانية: 




حبة الحنطة اذا ماتت أخرجت ثمرًا كثيرا
______________________________________





"ابتهجي جداً يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك. هو عادل ومنصور ووديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان" ( زكريا 9:9)
حمار الشعانين هو البهيمة التي جلس عليها يسوع في دخوله إلى أورُشليم. ذاك الدخول كان المرحلة الأخيرة من سيرته على الأرض قبلما تسمّر على الصليب وقام من بين الأموات.
لماذا الحمار؟ لماذا لم يدخل يسوع إلى أورشليم في مركبة أو على صهوة جواد؟



هذا لأنّ الحمار هو علامة السلام، فيما المركبة والجواد علامتا حرب. البشارة هي بِمَلك يُرسي قواعد السلام ويقطع دابر الحرب. لذا بعدما تكلّم زكريا عن المَلك الآتي قال الله بلسانه: "... وأقطع المركبة من أفرايم والفَرَسَ من أورشليم وتُقطع قوسُ الحرب. ويتكلّم [ملكُكِ] بالسلام للأمم ويكون سلطانُه من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض" (زك 9: 10). الملك المنتظر، أو بالأحرى، المسيح المنتظر، يأتي عادلاً وديعاً. لا يأتي ظالماً ولا رجل حرب. لذا جلس على حمار.





الله، كما انكشف في مسيح الربّ، لا يأتي إلى الناس كقاتل بل كمقتول.
عدا ذلك يُسقِط الناس على الله نوازعَ نفوسهم. يؤلّهون العنف لهوىً في نفوسهم ويجعلون المولى إله حرب. لا الملوك المسيحيّون ولا الممالك المسيحية ولا الصليبيون ولا أمثالهم، ممن برّروا العنف والقتل باسم الله، كانوا له أمناء. سقطوا، شوّهوا صورة الله وكانوا بئس الشهداء وتسبّبوا في التجديف على اسم الله. يسوع قال فيها كلمته بوضوح لمّا أوصى تلاميذه مرة وإلى الأبد: "رؤساء الأمم يسودونهم والعظماء يتسلّطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم. بل... مَن أراد أن يكون فيكم أولاً فليكن لكم عبداً. كما أن ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدُم ولِيبذُلَ نفسه فدية عن كثيرين" (مت 20: 25 – 27).




يسميه زكريا النبي " ملككِ " علماً أن ملوكاً كثيرين قدموا إلى أورشليم ، لكن النبي يتحدث هنا عن ملك معين واحد ( ملككِ يا ابنة صهيون ) ، هذا هو الملك الأوحد المرسل من الله. لا أحد أتى مثله من قبله ولا أحد يأتي مثله من بعده، ولا يكون لمُلكه انقضاء.




الأتان كانت مؤشّراً إلى تواضع القلب. لم يكن السيّد ليتّخذها لو لم يكن وديعاً متواضعاً. "تعلّموا مني فإنّي وديع متواضع القلب". على أن تواضع القلب تجلّى، خارجياً، في المسكنة والدروشة. المقصود بالدروشة الظهور بمظهر الخلوّ من العزّة والكرامة الشخصية على أساس اعتبارات هذا الدهر. يسوع لا يطلب مجداً من الناس.




والأتان، أيضاً، علامة الصبر والشجاعة. لا شيء يثمر لديك إلاّ بالصبر. عيبُك، دائماً، أنّك في سعي لأن تصيب نجاحاً سريعاً. مع الله لا وصول إلاّ بالصبر. "بصبركم تقتنون نفوسكم".
لم يركب يسوع حصانا ولكن جحشا أي صغير الحمار، فإن موت السيّد أملى عليه دخولا متواضعا يواكبه فيه أطفال وبالغون لهم قلب طفل. يجلس على جحش "ليَحُلَّ بهيميّة الأمم القديمة" . يصوّر إلغاء الحيوانية التي نحن عليها ولكنّها لن تلغى إلا على صليبه. "الله الرب ظهر لنا فأقيموا العيد". عيد فيه اختفاء يسوع. ولكن الإله لن يظهر لنا حقيقته الا في حبه المسكوب على الخشبة وفي يوم نصره عند فجر الفصح. كم كنت أتمنّى الا يحصر الكبار العيد بأولادهم اذ الأحرى بنا، كبارًا، أن نحمل سعف النخل وأغصان زيتون لنقول ليسوع إن قلوبنا أمست معدّة لاستقباله على رغم خطايانا.




احد الشعانين او أحد النخل دخل يسوع اورشليم للمرة الأخيرة اذ كان ينتظر فيها موته وانتصاره على الموت. خرج الشعب لاستقباله هاتفًا كما في طقوسهم “هـوشعنا” (نقلا عـن اليـونانية نـقول في القداس “اوصَنّا”) وتـعني أعطِ الخلاص. وكان الكـهنة يـجيـبون في الهيكل: مـبارك الآتـي بـاسم الرب. وتكرّر هذا هنا.




اوضح يوحنا الانجيلي غاية الدخول الى أورشليم فجعل بعد اسطر من حادثة الشعانين قول السيّد: “ان حبة الحنطة التي تقع في الأرض ان لم تمت تبقَ وحدها، واذا ماتت، أخرجت ثمرًا كثيرا”.
إثر ذلك تدخل، لا بل تستوطن أورُشليم السماوية، لأنّ روح الله يكون قد ارتاح في تواضعك، بعدما تكون قد تروّضتْ بهيميتُك له. إذ ذاك تجيء منه ويصير هو فيك المتكلِّم والفاعل، وأنت ابناً لله.




المطران جاورجيوس ( خضر ) : مطران جبل لبنان 
الأرشمندريت توما ( بيطار ) : رئيس دير القديس سلوان الآثوسي

بتصــــــرف


 رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 187901669  يتبع    رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 187901669
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
joulia
المدير العام
المدير العام
joulia


عدد المساهمات : 11984
نقاط : 15820
تاريخ التسجيل : 11/10/2014
الموقع : لبنان

 رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم ( 6 أجزاء )    رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) I_icon_minitimeالسبت يناير 17, 2015 2:56 am





رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم
الحلقة الثالثة: 




ها هو العريس يأتي في نصف الليل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




الأسبوع العظيم المقدّس بكامل أحداثه ومعانيه يُشكّل وحدة مترابطة ترابطا محكما؛ الأيام الثلاثة الأولى تذكّرنا بهدف الرحلة الصومية التي قطعنا شوطا كبيرا منها، ألا وهو انتظار العريس الآتي ، عريس الكنيسة ومخلصها يسوع المسيح.




لهذا تقيم الكنيسة في غروب أيام احد الشعانين، والإثنين والثلاثاء من الأسبوع العظيم ما نسميه " صلاة الختن " وهي خدمة تفوق كل الخدم الأرثوذكسية بهاءً وروعة وجلالاً ، وفيها نصلي خلال الطواف بأيقونة المسيح الختن المتألم : "ها هوذا الختن (العريس) يأتي في نصف الليل فطوبى للعبد الذي يجده مستيقظا، أما الذي يجده متغافلاً فهو غير مستحق. فانظري يا نفسي أن لا تستغرقي في النوم ويُغلَق عليكِ خارج الملكوت وتُسَلّمي إلى الموت بل كوني منتبهة صارخة: قدوس قدوس قدوس أنت يا الله، بشفاعة جميع قديسيك ارحمنا ". 





هذه الدعوة إلى انتظار العريس، المستوحاة من مثلَيْ العذارى (متى 25: 1-13) والوكيل الأمين (لوقا 12: 35-40)، تردّنا إلى ما أوصى به السيد، في ما كان يحدّث تلاميذه عن مجيئه الرهيب في اليوم الأخير، لمّا قال لهم "اسهروا" (مرقس 13: 33-37). وصيّة السهر -الذي نعيش مدلوله بقوّة في هذا الأسبوع- تدلّ على طبيعة جماعة يسوع وعملها وهو الإعلان عن اليوم الاخير في هذا الزمن الرديء بكل المقاييس، وهذا، لا شكّ، تستطيعه إذا سمّرَتْ هذه الجماعة عينيها على "خدر المسيح" (ملكوته أي كنيسته)، وأدركت أنها بقدرتها "لا تملك رداء للدخول إليه"، وانه وحده يعطيها الحلّة الجديدة إذا ما اتّخذها لنفسه عروسا على الصليب: " إنني أشاهد خدرك مزيناً يا مخلصي، ولست امتلك لباساً للدخول إليه، فأبهج حلّة نفسي يا مانح النور وخلصني " هذه الصلاة الرائعة المستمدة من المثل الإنجيلي وليمة عرس الملك .




يُشير إنجيل صلاة الختن الأولى التي تقام، وفق الممارسة الحالية، مساء أحد الشعانين، إلى أن التينة التي لعنها الرب فيبست (متى 21: 18-23). والتينة رمز إلى كهنة الهيكل والفريسيين الذين لم يثمروا، والى العالم أجمع، وإلينا نحن المدعوون مسيحيين ولكن بلا ثمار، والذي خُلقنا لنحمل ثمرا روحيا وأخفقنا. وهي تنقل تحذيراً إلى كل نفس عقيمة لا تعمل، في العالم، عمل الرب. ينتهي المقطع الإنجيلي بمثلين، الأول هو مثل الابنَيْن اللذين أرسلهما والدهما إلى العمل في كرمه فرفض الأول ثم تاب وذهب، وقَبِلَ الآخر لكنه لم يذهب . والثاني هو مثل العَمَلة القتلة الذين قتلوا مُرْسَلي صاحب الكرم وابنََه. فنتعلّم من المثل الأول أن الرب الذي يرغب في قبول التائبين يكره التواني، ومن الثاني أن العريس الذي غرّبه بنو جنسه وقتلوه هو "حَجَر الزواية" في البناء . 





نتابع يوم الاثنين العظيم في صلاة الختن الثانية التأمل في موضوع عودة المسيح ديّان البشر . نصوص هذا اليوم تحضّنا على ضرورة اليقظة واقتناء الاستعدادات الداخلية التي يستلزمها هذا الحدث. فتُذكّرنا صلاة السَحَر بوجوب محبّة العريس وتهيئة المصابيح لامعة بالفضائل والإيمان، حتى متى جاء السيد يصطحبنا معه في عرسه، وهي مستوحات من مثل العذارى العاقلات اللواتي هيأن مصابيحهن وسهرنَ ينتظرنَ العريس فدخلوا معه للخدر، اما العذارى الجاهلات فلما غلبهم النعاس بقوا خارج خدره.




تضع الكنيسة أمامنا في يوم الثلاثاء مساءً في صلاة الختن الثالثة صورة المرأة التي دفقت الطيب على رأس يسوع في بيت عنيا (متى 26: 6-16).الترنيمة الشهيرة التي نرنّمها والتي تقول: "يا ربّ إن المرأة التي سقطت في خطايا كثيرة، لما شعرت بلاهوتك، اتخذت رتبة حاملات الطيب وقدمت لك طيوباً منتحبة وهاتفة: ويحي لقد حصل لي شغف الفجور وعشق الخطيئة ليلاً قاتماً فاقد الضياء ... فاقبل ينابيع دموعي .. فأقبّل قدميك الطاهرتين وأنشفهما بضفائر رأسي ، اللتين لما طنّ صوت وقعهما في مسامع حواء في الفردوس جزعت واستدارت خوفاً ، فمن يفحص كثرة خطاياي ؟ ... إلخ"، كتبَتْها، على ما يُعتقد، القديسة كَسْياني، وهي الفتاة التي قبلت أن تُرصف بين زميلات لها تَجَمَّعْنَ لكي يختار الإمبراطور عروسا له منهن ، وعندما وقع اختيارهُ عليها لحسنها الفتّان، تذكّرت عفَّتَها ورغْبتها بأن تبقى عروسا للرب ، فهربت واختبأت في أحد الأديرة، وأعلنت نفسها نظير تلك الزانية التي سكبت الطيب على قدمي المسيح ونشفتهما بشعر رأسها تائبة، لمرورها بهذه التجربة، وتابت بدموع كثيرة وهكذا تيسّر لها، كما قال أبونا البار يوحنا السلّمي في الزانية: "أن تدفع عشقاً بعشق" (المقالة 5: 26) .




كما تضع الكنيسة أيضا أمامنا في هذا اليوم صورة يهوذا الذي خان معلّمه وباعه "بثلاثين من الفضة" ، لعلّ الربط بينه وبين المرأة الخاطئة أساسه ما أورده يوحنا في إنجيله، لمّا كشف لنا أن هذا "التلميذ العاقّ والمحب الفضة" أطلق احتجاجا عنيفا على ما أظهرته المرأة من كَرَمٍ على يسوع (12: 1-8) مدعياً أن من الأفضل بيع ذلك الطيب وتوزيع ثمنه على الفقراء.




يرتبط هذا اليوم ارتباطا ظاهرا باليومين الفائتين، فصورة يهوذا الذي باع "الذي لا ثَمَنَ له"، تَرِدُ أيضا في صلاة الختن الثالثة ، فنتعلّم أن نصلّي الى الرب: "أن ينقذنا مِن حزبه، ويمنح الغفران للذين يعيّدون لآلامه الطاهرة" . حزب يهوذا رأينا أعضاءه في وجوه الفريسيين والكتبة...، وأمثالُهم لن يتمكّنوا من التعييد لآلام الرب الطاهرة وقيامته، لأن مَن تحكّمت فيه الخطيئة "يَصلب المسيحَ مجدداً"، ولا يعيّد إلا الذي تاب عن زلاّته بصدق كبير.
تُذكّرنا المرأة الخاطئة بيوسف العفيف والعذارى الحكيمات...، وتجعلنا، بتركيز أشد، نفضّل يسوع على كل ما في الوجود: "الفقراء معكم في كل حين، وأما أنا فلستُ معكم في كل حين" .


واما توبة تلك المرأة الخاطئة العظيمة (أو حبّها الكثير، كما يحلو ليسوع أن يسميهوالذي جلب لها غفراناً كثيراً) فتردّنا الى موضوعَيْ الأمانة والسهر: وذلك أن يسوع الذي أنت أمين له ومتيقظ لمجيئه في مجده، وإن بدا اليوم مغلوبا ومُسلَّما للموت عادم القوة، لكن الكنيسة تريد من خلال هذا الترتيب الفائق اللاهوت أن تعلمنا أنه هو أيضاً الذي سيأتي في اليوم الاخير بمجد عظيم ليدين العالم . والتوبة التي هي أساسية في هذه الأيام الثلاثة، وفي كل وقت، تعطينا وحدها أن نشترك في فصح الرب وتفتح لنا أبواب الوليمة السرية .




اما صباح الإثنين والثلاثاء والاربعاء فنقيم خدمة " البروجيازميني = القدسات السابق تقديسها " ، ففي الأسبوع العظيم لا تقيم الكنيسة قداساً إلهياً منتظرة القداس الحقيقي وحدث الصلب والموت. تتحدث في هذه الأيام كل القراءات الإنجيلية والصلوات عن النهاية واليوم الأخير والساعة لا يعرفها أحد إلا "الآب وحده" . المثل الأول في التلاوة الإنجيلية هو مثل العبد الرديء الذي يفاجئه سيده في يوم لا ينتظره وفي ساعة لا يعرفها ويجعل نصيبه مع المرائين، لانه لم يكن حكيما ولا أمينا على العمل الذي أقيم عليه .


والمثل الثاني هو مثل " العذارى العاقلات والعذارى الجاهلات"، ومصابيحهنّ التي هي رمز الى نفوسهن ومدى استعدادها بالتوبة والفضائل لاستقبال العريس عندما أتى . وما يُظهره هذا المثل هو أن الزيت شخصيٌّ ولا يمكن استعارتُهُ، وأن النفس التوّاقة الى الرب تُكَوِّنُ طاعتُها لكلمته المحيية شوقها إليه . ويُعلّم هذا المثل مع "مثل الوزنات" الذي يتبعه أن الرب سَيَدِينُ الناس على أساس حكمته الأزلية التي كُشِفت في ابنه يسوع، وليس على أساس ظنونهم وتبريراتهم، ويذكّرنا بأن لا نبرّر نحن أنفسنا، فالحكيم هو مَن صدّق خبر الرب وبنى حياته عليه وانتظر، بتيقّظٍ، ما سوف يُكشَف في اليوم الاخير .




في نهاية الخدمة الصباحية، بعد أن يتلو الكاهن لآخر مرة صلاة القديس أفرام السرياني مع السجدات الثلاثة الكبرى " أيها الرب وسيد حياتي أعتقني من روح البطالة والفضول وحب الرئاسة والكلام الباطل وانعم عليّ انا عبدك الخاطيء بروح العفة واتضاع الفكر والصبر والمحبة وهب لي أن اعرف ذنوبي وعيوبي وألا ادين اخوتي فغنك مبارك إلى الأبد آمين " ، تنتهي عندئذٍ فترة التهيئة إذ إن الرب يدعونا الى عشائه الاخير .




في مساء اليوم ذاته " الأربعاء العظيم " نقيم صلاة الزيت المقدّس، التي تشاء الكنيسة أن نتمّمها للمرضى في بيوتهم ، وهي عزاء يتقبله المؤمنون ليدخلوا بنقاء اكبر في صلوات النصف الثاني من أسبوع الآلام . وفيها تتلى سبع قراءات من العهد القديم والأناجيل والرسائل، ويتم استدعاء الروح القدس لتقديس الزيت المقدّم والذي سيمسح به المؤمنون.





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
joulia
المدير العام
المدير العام
joulia


عدد المساهمات : 11984
نقاط : 15820
تاريخ التسجيل : 11/10/2014
الموقع : لبنان

 رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم ( 6 أجزاء )    رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) I_icon_minitimeالسبت يناير 17, 2015 2:59 am



رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم
الحلقة الرابعة: 



  رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 119618088 هكذا صار قدوة لتلاميذه  رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 119618088 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





يُدخلنا يوم الخميس العظيم في السر الفصحي ؛ 

تتميّز صلوات هذا اليوم بثلاثة أحداث، هي: 

عشاء الرب الأخير مع تلاميذه وغسله أرجلهم، وخيانة يهوذا. 



الحدثان الأولان يكشفان ذروة محبة الرب المخلّصة العالم،
بينما خيانة يهوذا تُظهر سرّ الإثم الذي هو انحراف المحبة 

وتشويهها نحو شيء لا يستحق المحبة. 

سرُّ الإثم هذا هو الذي دفع المسيح الى الصليب .




إحدى ترانيم صلاة السَحَر توجز معنى طقوس هذا اليوم، تقول الترنيمة: 

"لنتقدّم جميعنا بخوف الى المائدة السرية ونتقبل الخبز المقدّس بنفوس طاهرة
ونمكث مع السيد، لكي نعاين كيف يغسل أقدام التلاميذ وينشّفها بالمنديل فنقتدي به...، 

لأن المسيح نفسه هكذا أمر تلاميذه وصار قدوة لهم، 

إلا أن يهوذا ذاك العبدَ الغاشّ، أبى أن يسمع وأمسى عادم التقويم" . 

تدعونا هذه الترنيمة الى أن نتقدم الى المائدة السرية حيث يكمن سر العلّيّة 

التي اختار الرب أن يصنع الفصح فيها، ليؤسّس مذاق الحياة الأبدية، 

غير أن العشاء السري هو عربون الآلام أيضا،
وذلك أن الفصح في العلية كان يستدعي ذَبْح الحَمَل الذي هو المسيح على الصليب . 

في هذا اليوم قدّم يسوع جسده ودمه كذبيحة 

كان قد التزم أمام أبيه أن يتمّمها فدخل معنويا في آلامه .


تكشف ترانيم هذا اليوم كيف يختلط النور والظلام، والفرح والحزن...، 

هذا الاختلاط يُظهر أن ساعة اكتمال المحبة هي أيضا ساعة اكتمال الخيانة . 

يقول الإنجيلي يوحنا انه عندما كان التلاميذ مجتمعين في العلّيّة ترك يهوذا النورَ وذهب 

"وكان ليلا" (13: 30)،
ذلك انه أراد أن يُظهر كيف أن الظلمة تحكّمت فيه واحتلت كيانه
فانحرف عن محبة خالقه وغرق في محبة العالم التي "الثلاثون من الفضة" صورة عنه .


" عندما كان التلاميذ المجيدون في غسل العشاء مستنيرين، 

حينئذ يهوذا الرديء العبادة مرض بمحبة الفضة وأظلم وللقضاة العادمي الناموس دفعك 

أيها الحاكم العادل وسلّم، 

فيا عاشق الأموال انظر الى التي من أجلها اضطر للشنق 

واهرب من النفس الفاقدة الشبع التي تجاسرت بمثل هذا على المعلم .. "


يقودنا يوم الخميس العظيم مساء الى الجلجلة. 

في الكنيسة الأولى سمّي هذا اليوم "فصحَ الرب"، لانه واقعيا، 

بدءُ الفصح الذي سيتضح معناه لنا تدريجيا في روعة السبت العظيم المبارك وفرح القيامة .


يبدأ هذا اليوم بخدمة أناجيل الآلام التي تقام مساء الخميس، 

فنتلو كل روايات الآلام (اثنتي عشرة تلاوة) كما وردت في الأناجيل الأربعة، 

لكي لا يفوتنا شيء من بهاء محبة السيد وخلاصه، 

وبعد تلاوة الإنجيل الخامس يُطاف بالصليب المقدس ويؤتى به الى وسط الكنيسة، 

وذلك أثناء ترتيل: 

"اليوم عُلِّق على خشبة الذي علق الارض على المياه ". 



نقول " اليوم " للإشارة إلى ان فصح الرب هو حدث أبدي مستمر وليس حدثاً للذكرى . 

وبعد أن يُثبت الصليب في موضعه 

يسجد المؤمنون أمام مظاهر تواضع السيد الطوعيّة ويقبلون الصليب المقدس.


 رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 3100543145   يتبع    رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 3100543145
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
joulia
المدير العام
المدير العام
joulia


عدد المساهمات : 11984
نقاط : 15820
تاريخ التسجيل : 11/10/2014
الموقع : لبنان

 رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم ( 6 أجزاء )    رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) I_icon_minitimeالسبت يناير 17, 2015 3:01 am



رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم
الحلقة الخامسة: 



 رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) Candle%20%282%29" وبارك الله اليوم السابع الذي فيه استراح"  رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) Candle%20%282%29


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



تأخذ رتبة الساعات الملوكية وإنزال المصلوب التي تُتلى صباحا يوم الجمعة محلّ القداس الإلهي، 

وذلك "لأن الامتناع عن إقامة القداس في هذا اليوم يعني أن سر حضور المسيح لا يخصّ هذا العالم، 

عالم الخطيئة والظلمة، ولكنه سرّ العالم الآتي" . 

تضعنا هذه الصلوات أمام صليب المسيح وتدعونا الى التأمل في الحدث وتمجيد محبة الله العظمى .
لقد أُلقي القبض على المسيح، ولكنه صبر "ليُكَمِّل" ما قد أعلنه بأنبيائه قديما، فَحُكِم عليه بالموت، 

وأنكره بطرس وشتمه، ومدّ يديه على الصليب، و"عُلِّق على خشبة". 

في هذه الرتبة يقوم الكاهن بإنزال جسد يسوع ( ايقونته ) عن الصليب 

الذي تم وضعه مساء الخميس أثناء خدمة اناجيل الآلام في وسط الكنيسة، 

ويلف بالكفن ويوضع في النعش وسط الزهور استعداداً لخدمة الدفن مساء الجمعة مرتلين : 



" إن يوسف المتقي أحدر جسدك الطاهر من العود ولفه بالسباني النقية وحنطه بطيب وأضجعه في قبر جديد ".




بعد ذلك تُقام صلاة الغروب التي تُدعى "خدمة الدفن أو الجناز "، 

يطاف خلالها بالايبيتافيون 

(في الكنيسة الأرثوذكسية هو عبارة عن قطعة من القماش رُسمت عليها صورة المسيح 

في حالة الموت ينثر فوقها الورد والطيوب 

ويوضع في صحن الكنيسة وفوقه كتاب الإنجيل ليُقبِّلَهما المؤمنون يسمى الإيبيتافيون ) 

، فيما ينشد المرتّلون:
" يا يسوع الحياة في قبر وضعت فالجنود السماوية انذهلت كلها ومجدت تنازلك ... إلخ " .




تحمل الخدمة كل اليقين أن الموت سيتحطم، لأن "حياة الكل" الذي دُفن ومات قد أَرعب الجحيم . 

فبينما التسابيح الثلاثة التي نرددها 



" يا يسوع الحياة وما يليها .. نعظمك باستحقاق وما يليها ... كامل الأجيال تقرب التسبيحا ... " 





تجعلنا ننذهل أمام موته وقبره، 

فنشدو له ونحن في انتظار القيامة، متحيّرين كيف وُضع الحياة "في قبر". 

وتتوالى التقاريظ نُعظِّم فيها المسيح "معطي الحياة"، 

ونتغنى بسره ممجدين مَن كان "خلاصنا المحيي" و "ربيعنا الحلو" . 

ونُشْرِفُ على سبت الخليقة الجديد "الذي فيه استراح ابن الله الوحيد مِن كل أعماله،
لما سَبَتَ بالجسد بواسطة سر التدبير الصائر بالموت" . 

تنتقل الكنيسة الأرثوذكسية مباشرة 

فترتل بصوت عظيم تراتيل الظفر للقيامة مباشرة بعد تقاريظ الجناز
" جمع الملائكة انذهل متحيراً لمشاهدته اياك محسوبا بين الاموات 

ايها المخلص ودائساً قوة الموت ومنهضاً آدم معك ومعتقاً ايانا من الجحيم كافة ... 

الملاك اللامع عند القبر تفوه نحو النسوة الحاملات الطيب قائلاً :
لم تمزجنَ الطيوب بالدموع بترثّ يا تلميذات، انظرن اللحد وافرحنَ لأن المخلص قد قام من القبر ناهضاً " ..




هذه الخدمة تبرز بوضوح كيف تحيا الكنيسة الأرثوذكسية حدث القيامة،
وكيف تراه حقيقةً من خلال كل الآلام والحزن اللذين سببهما موت المخلص. 

يرتدي الكهنة في خدمة الجناز كامل حللهم الكهنوتية 

( يرتدونها في مناسبتين فقط هما القداس الإلهي وخدمة جناز المسيح 

وفيما عداها لا يرتدي الكاهن في اي خدمة اخرى كامل ثيابه الكهنوتية ، 

وله دلالة لاهوتية هو أن المسيح هو الذبيحة الحقيقية التي تتجلى في القداس الالهي )،
سبب ذلك ان الكنيسة بسبب ايمانها وثقتها بقيامة الرب 

فهي تحيا القيامة حتى في ذروة احداث الآلام وتمزج الفرح بالحزن 

وتسمح للفرح بالتغلب على كل مشاعر الالم وخاصة عندما ترتل مباشرة تراتيل القيامة 

" جمع الملائكة انذهل متحيراً ... " 

مباشرة بعد الانتهاء من تقاريظ الجناز الحزينة.




ما تريد خدمة اليوم أن تعلنه هو أن الموت أُميت، 

وذلك أن الكنيسة، كما يقول الأب ألكسندر شْميمَن، 

تصرّح، في ما تنتظر الفصح، عن حدث يقوم قبل يوم الفصح، 

لا ليستبدل الفرح بالحزن، وإنما الحزن ذاته يتحول فيه الى فرح .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
joulia
المدير العام
المدير العام
joulia


عدد المساهمات : 11984
نقاط : 15820
تاريخ التسجيل : 11/10/2014
الموقع : لبنان

 رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم ( 6 أجزاء )    رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) I_icon_minitimeالسبت يناير 17, 2015 3:02 am



رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم
الحلقة السادسة و الأخيرة:



  رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 2459797338 في البدء كان الكلمة  رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 2459797338 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







السبت العظيم هو يوم هذا التحول الذي ينمو فيه النصر من داخل الهزيمة. لقد مات يسوع الذي وحده يستطيع أن يحمل الموت البشري ويتغلب عليه ويحطّمه من الداخل. مات حياةُ الكل وينبوع كل حياة من اجل الجميع، هذا النزول الى الجحيم جابه فيه يسوع موتَ جميعنا وانتصر عليه. صباح يوم السبت العظيم نقيم القداس الإلهي - سبت النور - ، تعلن تراتيل الغروب بداية غلبة المسيح على الجحيم والموت: "اليوم الجحيم تنهدت صارخة: لقد كان الأجدر بي أن لا أَقبل المولودَ من مريم، لأنه لمّا أَقبل نحوي حَلَّ اقتداري وسحق أبوابي النحاسية... فالمجد لصليبك، يا رب، ولقيامتك" .




تذكر أول النبوءات الثلاث في خدمة سبت النور قصة الخلق، وهذا يناسب خدمة المعمودية التي كانت تقام في تلك الليلة العظيمة، معمودية الموعوظين، أي أولئك الذين كانوا قبلا وثنيين فارتَدُّوا وتعلَّموا الإيمان، هي لهم ولادة جديدة، خَلْق جديد، وهي أيضا قيامتهم من بين الأموات. تهيئنا قصة الفصح الموسوي التي ترويها التلاوة النبوية الثانية للفصح الجديد، أما قصة الفتية الثلاثة الذين طُرِحوا في أتون النار لأنهم رفضوا السجود لتمثال الذهب، فتطالعنا بها التلاوة النبوية الثالثة، وهي ترمز الى غلبة المسيح القائم من بين الأموات . الرسالة هي للمعمودية،أما الإنجيل فهو أول نص تُسمعنا إياه الكنيسة في زمن الفصح يتحدث عن القيامة، فيصف زيارة النسوة للقبر، وإعلان القيامة على لسان الملاك، واجتماع الكهنة اليهود، وأخيرا ظهور يسوع الرب لتلاميذه المجتمعين في الجليل . 





نلاحظ في هذه الخدمة كيف تفسر الكنيسة الحوادث الخلاصية وتسقط نور العهد الجديد على حوادث في العهد القديم ، فتميط عنها اللثام وتوضحها في نور يسوع المسيح وحده، والذي بدونه لا يوجد معنى لكل الكتاب المقدس.ننتظر في السبت العظيم المقدّس يوم الفصح العظيم ونمتد إليه، يبقى أن شرط رؤيتنا إياه هو: "أن يصمت كلُّ جسد بشري... ولا يفتكر في نفسه فكرا ارضيا" . هذا التحذير من الفكر الأرضي، الذي تُسمعنا إياه ترتيلة الدخول الكبير في القداس الإلهي، يذكّرنا -في آخر يوم قبل الفصح- بأن التوبة، كما ذقنا معانيها طيلة الأسبوع، هي التي تمكّننا وحدها من التأهب لاستقبال الفصح العظيم .




أجمل ما في هذه الخدمة هو قيام الكاهن برش ورق الغار في الكنيسة على وقع ترتيل " قم يا الله واحكم في الارض لأنك ترث جميع الامم " ، وورق الغار يرمز لانتصار المسيح على الموت وغلبته وقيامته الظافرة.
ليس لدينا أيقونة أرثوذكسية لتلك اللحظة السرية، لحظة قيامة الرب من الموت ، بل أيقونتنا الفصحية هي أيقونة " النزول للجحيم " والتي تظهر المسيح وقد داس على الموت والشيطان مقيداً في الهاوية ، بينما المسيح يمسك بيده آدم وحواء كرمز للانسانية جميعها وينهضها من موتها .. هذه هي القيامة وهذا هو فصحنا لاهوتياً وأيقونياً وليتورجياً .






  رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 2459797338 خدمة القيامة المجيدة  رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم  (  6  أجزاء ) 2459797338 




القيامـة هو أقدس أعيادنا،عيد الفـرح والسلام . هـاتان الكلمتان تتكرران مرارا في كل خدمة لأحد القيامة، فيشيع معـهـا، في قلب المؤمن، شعور بالغبطـة والارتيـاح. فالقانون الذي يرتل في أحد القيامة يقول: "لتفرح السمـاوات ولتـتهلـّل الأرض بواجب اللـياقـة، وليُعيِّد العالم كله الذي يُرى والذي لا يُرى، لأن المسيـح قد قام سروراً مُؤبـداً" . وأيضا: "إن داود جدّ الإله قد رقص تُجاه التابوت الظلي، وأما نحـن، الشعــب المُقدس للـه، فاذ قد أبصرنا نجاز تلـك الرمـوز فـلنسرَّ سـرورا إلهيـا، لأن المسيح قد قام بما انـه على كل شيء قدير" .




إن هذا الفرح يشمل كل الخليقة، ويعمّ كل المسكونـة. ذلك أن خطيئة آدم الأول دخلت الى العالـم، وسبّبت الموت لجميع النـاس، وزرعت بالتالي الحزن والاكتئاب في جميع القلـوب. لكن قيامة آدم الجديد (المسيح) بدّلت الحزن بالفرح، ونثرت السلام بدل الانفصال والبُعـد والفرقـة في أرجاء العالم كلـه. فقد تمّت المصالحة بين اللـه والإنسان، وعادت حياة الله تسري في نفس كل من آمن بأن المسيح مات ثم قام: "يا مُخلِّصي، يا من هو القـربان الحي غير الذبيح بما انه إلـه، لقد قرَّبتَ ذاتك للآب باختيارك، ولما قمتَ من القبر أقمتَ معـك آدم وذريته كلهـا" .




"هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنفرح ونتهلل به" (مزمور 18: 24)، لأن المسيح، الذي قام وانتصر على الموت، هدم أبواب الجحيم، وجعل الإنسان نفسه منتصرا على الموت: "إننا معيِّدون لإماتة الموت ولهدْم الجحيم ولباكورةِ عيشةٍ أُخرى أبدية، متهلّلين ومسبِّحين من هو علَّةُ هذه الخيرات، أعني به إله آبائنا المبارَك والمُمجَّد وحده" .




فبعد القيامة لم يعد للموت من سلطان على الإنسان: "فأين شوكتكَ يا مـوت؟ أين انتصاركِ يا جحيم؟ قام المسيح وأنت صُرعتِ ، قام المسيح والجن سقطت، قام المسيـح فانبثَّت الحياة في الجميع. قام المسيح ولا ميت في القبر، قام المسيح من بين الأموات فكان باكورة للراقدين" (عظة الفصح للقديس يوحنا الذهبي الفم) .






لا يفرح المؤمن فقط بانتصار المسيـح على الموت، بل أيضا من الإيمان ببقاء المسيـح مع المؤمنـين الى الأبد بسبب القيامـة: "يا ما أشـرف، يا ما أحب، يا ما ألدَّ نغمتـك أيها المسيـح، لأنك قد وعدتنـا وعدا صادقـا بأنك تكون معنا الى نجاز الدهر، الذي نحن المؤمنين نعتصمُ بــه كمرساةٍ لرجائنا، فنبتهـج متلّلهـين" .






إن ثمرة هذا الفرح هي السلام. فالمسيح القائم من القبر أعطى السلام لنسوة: "وفيما هما منطلقتـان لتخبـرا تلاميـذه إذا يسوع لاقـاهما وقـال سلامٌ لكما" (متى 28: 9)، ولتلاميذه: "ولما كانت عشيـة ذلك اليـوم وهو أول الأسبوع وكانت الأبواب مغلـقـة حيث كان التلاميذ مجتمعين لسبب الخوف من اليهـود جاء يسـوع ووقـف في الوسط وقال لهم سلامٌ لكم" (يوحنا 20: 19). فالكلمة الذي تجسد في آخر الأزمنة، ومات، وقام، وهب العـالم السلام، فبمـوتـه وقيـامتـه أعطانا حيـاة جديدة لا يسودها المـوت: "ولئن كنـتَ نـزلت الى قبـر يا مـن لا يمـوت، إلا انك درست قـوة الجحيم، وقمتَ غالبا أيها المسيح الإلـه، وللنسوة حاملات الطيب قلتَ افرحنَ، ولرسلك وهبـتَ السلام، يا مانح الواقعـين القيـام" (قنداق العيد) .






يوم أحد الفصح مساءً او الإثنين نقيم قداس الباعوث وفيه نطوف بأيقونة القيامة خارج الكنيسة مرتلين تراتيل القيامة الظافرة البهجة، ونقرأ فيه الإنجيل المقدس الذي يتحدث عن ظهور المسيح بعد قيامته لرسله في العلية بعد قيامته . ويتم قراءة الإنجيل بكل اللغات كتأكيد على ان الرسالة هي للعالم كله وأن المسيح يريد الجميع أن يأتوا إليه ، وأن البشارة هي للكل بلا استثناء.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رحلة في لاهوت الأسبوع العظيم ( 6 أجزاء )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأسبوع العظيم
»  "القداس الالهي" ( 3 أجزاء )
» العظيم في الشهداء مار كيوركيس المظفر ( مار جرجس العظيم )
»  إثبات لاهوت المسيح من الكتاب المقدس
»  توجد آيات في الكتاب المقدس تجعل الشخص يحتار بين لاهوت السيد والمسيح وناسوته..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات  :: القسم الروحى :: المواضيع المتكاملة-
انتقل الى: