منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سرّ البَرَكة!

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
joulia
المدير العام
المدير العام
joulia


عدد المساهمات : 11984
نقاط : 15820
تاريخ التسجيل : 11/10/2014
الموقع : لبنان

سرّ البَرَكة! Empty
مُساهمةموضوع: سرّ البَرَكة!   سرّ البَرَكة! I_icon_minitimeالأحد يناير 18, 2015 11:43 pm


سرّ البَرَكة!



      ما هي البَرَكة؟


البَرَكة عطيّة من الله، وهي، بمعنى أدقّ، حضور لله في حياة الإنسان المؤمن،
من حيث إنّ العطيّة الإلهيّة لا تنفصل، كيانيّاً، عن الله، وهي توفّر له، بطريقة سرّيّة،
 تفوق مدارك البشر، كلّ ما يحتاج إليه، لاكتمال إنسانيّته، من خيرات إلهيّة،
أرضيّة وسمويّة، من غير أن يكون هناك سبب طبيعي أو منطقي، أو إنساني،
 بعامة، لدفق هذه الخيرات.


 والبَرَكة تعبير عن رضى الله عن المؤمن واتّخاذِه إيّاه في كلّ أمر، دنيا وآخرة،
 وتولّيه شؤونَه في كلّ تفصيل لمحبّته له.
أبرز مثال على ذلك حادثة تكثير الخبز والسمك.
خمس خبزات وسمكتان. جمهور كبير:
خمسة آلاف ما عدا النساء والأطفال.
أخذ يسوع الأرغفة الخمسة والسمكتَين ورفع نظره إلى السّماء وبارَك وكسر وأعطى والتلاميذ أعطوا.
فأكل الجميع وشبعوا ثمّ رفعوا ما فضل من الكسر اثنتي عشرة قفّة مملوءة.



      كانت للناس، في ما حدث، ثلاث مساهمات:
 قدّموا ما عندهم ولو كان قليلاً. اهتمّوا بالتوزيع على بعضهم البعض كتلاميذ للرّبّ.
وأخيراً جمعوا ما فضل من الكسر في سلال حتى لا يضيع منه شيء.



أوّلاً، في المدى الإلهي، لا يشبع المؤمن إذا كان لديه أكثر،
ولا يجوع إذا كان لديه أقلّ.
 يشبع إذا حلّت عليه البَرَكة ولو جمع قليلاً، ولا يشبع إذا انتفت البَرَكة لديه ولو جمع كثيراً.
 المؤمن يعيش بالبَرَكة.
"ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله".
 بقوّة أكلة واحدة سار إيليا أربعين يوماً إلى جبل الله حوريب
(1 مل 19: 8).


وعلى كلمة إيليا لم ينقص كوز الزيت ولا فرغ كوار الدقيق لأرملة صرفة صيدون
(1 مل 17: 14).
الشعب العبري أطعمه الرّبّ الإله طعاماً واحداً روحيّاً وسقاه شراباً واحداً روحيّاً
(1 كو 10: 3).


لا يحتاج الإنسان إلى أكثر ممّا بإمكانه أن يحصِّله بعرق جبينه مهما كان يسيراً.
ومهما كان يسيره قليلاً يكفيه. البَرَكة تكمل الناقصين! حتى لو انعدم رزقه،
عن عجز، لا يكون في العوز. المهمّ أن تكون عينه إلى فوق.
"أعين الكلّ إيّاك تترجّى وأنت تعطيهم طعامهم في حينه" (مز 144: 15).


 القدّيس مرقص الأثينائي لم يكن له، في الموضع الذي نسك فيه، ما يأكله من أُكُل البشر.
عاش على تناول التراب طويلاً. أخيراً اُهِّلَ للطعام السموي.
صارت تنزل إليه مائدة من فوق كلّما جاع. علامة الإيمان في المؤمن، بإزاء الحاجة،
هي أن يقيم بلا همّ، والباقي يأتيه إيّاه الله في أوانه بالبَرَكة.


يُفترَض بعين المؤمن أن تكون على ما لا يُرى لا على ما يُرى (2 كو 4: 18).
 ذروة الإيمان عنده ألاّ يكون له شيء دون أن يستسلم للخوف.
فقط، إذ ذاك، لأجل المفارقة، يجد نفسه مالكاً، بالنعمة، كلّ شيء!
 "طوباكم أيّها المساكين لأنّ لكم ملكوت الله" (لو 6: 20).


هذا هنا وهناك. على أنه ليس الإنسانُ كائناً مستهلِكاً.
مجتمع الاستهلاك ليس من الله. الإنسان كائن للبَرَكة.
بالبَرَكة يصير إنساناً. بالبَرَكة تتحقّق إنسانيّته. الإنسان المُغرِق في استهلاك هذا العالم يصير،
 كيانيّاً، من طبيعة ما يستهلك، أي يستأسر نفسه لترابيّة الوجود وتضمر فيه صورة الله.
ليس عالمنا تفّاحة برسم الاستهلاك بل وردة يفوح منها عطر محبّة الله.
 طبعاً لا بدّ لنا من استعمال بعضٍ ممّا في هذا العالم، وفق الحاجة، ولكنْ، يبقى العالم،
 في تعاطينا إيّاه، لغة محبّة الله لنا ومحبّتنا لله. ليس المحورُ هذا العالمَ لأنّ هيئة هذا العالم تزول،
 المحور هو مَن أعطانا ويعطينا كلّ شيء بوفرة لئلا يصبح العالم، كلغة، مجرّد ثرثرة.


لذلك به، بالله، وبه وحده، نحيا ونتحرّك ونوجد.
 والبَرَكة، في هذا السياق، هي العلامة أن منه وبه وله كلّ شيء.

هذا أوّلاً. ثانياً، مساهمة الناس في البَرَكة السمويّة هي الاهتمام بالتوزيع،
البعض على البعض الآخر، باعتبارهم تلاميذ للرّب. لكلّ أحد أن يسدّ حاجته،
 في إطار ما يُنعم به الرّبّ الإله علينا، ولكن بالمعنى الصارم للكلمة،
من غير أن يتحوّل مفهوم الحاجة إلى مفهوم استهلاكي مطّاطي لا يمتّ، في العمق،
 إلى ضرورات العيش بصلة وثقى. حدّة الضمير هنا، وتعاطي الأمور بمخافة الله،
لا القواعد والمقاييس القانونيّة هي الحاكم والمعيار.


وإلى سَدّ الحاجة تبقى الحاجة إلى التزام الإخوة كالذّات
هي المطلب حتى يتحقّق القول أن "أحبّ قريبك كنفسك" وكذا المكتوب:
 "مَن جمع كثيراً لم يفضل ومَن جمع قليلاً لم ينقص" (2 كو 8: 15).


 ما عندك، في عين الله، ليس كلّه لك. ما لك منه وقفٌ على حاجتك وحسب،
 والباقي أنت مؤتمن عليه حتى تسدّده لأصحابه وأصحابُه المحتاجون.
فإن أنت أنفقت ما ليس لك على شهوات نفسك أو ادّخرته لغدك عُدِدت بين السرّاق.
 أليس أنّه إن لم تكونوا أمناء في ما هو للغير فمَن يعطيكم ما هو لكم (لو 16: 12)؟
وما هو لكم، عند ربّكم، هو بالضبط، تلك البَرَكة المدّخرة لحسابكم عنده!


ما لي ولك ليس منّي ولا منك بل من فوق حتى أكون أنا إليك وأنت إليّ.
إذ ذاك يكون مسيح الرّبّ معنا وفيما بيننا وتحلّ بركته علينا. 
وإلاّ نكون طيناً يتعاطى الطين.

  ثالثاً وأخيراً، لكي تقيم البَرَكة في حياتنا وتدوم نحتاج للحرص ألاّ يضيع، ممّا نُعطاه، شيء.
 حبّة القمح هي حبّة البَرَكة. إذا فرّطنا بالحبّة ارتحلت البَرَكة. وإذا استهنّا بالعطيّة استهنّا بالمعطي.
 العطيّة علامة حضور، إناء حضرة، قيمتها أنّها هيكل، أنّها قربان، أنّها عربون محبّة، أنّها أيقونة.
 لمّا يعطِ الرّبّ الإلهُ الخليقة ويغادرْها. جعلها كلمة منه. بها يكلّمنا كلّ حين.
"السموات تُذيع بمجد الله والفَلَك يخبِّر بعمل يديه" (مز 18: 1).
حيّ هو الله الذي أنا واقف أمامه، إذاً حيّة هي الكلمة القائمة في كلّ خليّة،
في كلّ ذرّة في الوجود. حِفْظُ الخليقة ذِكْرٌ لله.
      عالمنا، اليوم، في معاناة.


البَرَكة مفتقدة إلى حدّ بعيد، رغم أنّنا نصلّي ونطلب البَرَكة.
رزق كثير ولكن لا بَرَكة. كأنّنا نملأ وعاء مثقوباً.
 هذه هي الشكوى:
"شعبي عمل شرَّين. تركوني أنا ينبوع المياه الحيّة لينقروا لأنفسهم آباراً آباراً مشقّقة لا تضبط ماء"
 (إر 2: 13).


يأكلون ولا يشبعون. قلوبهم شرهة، نفوسهم شرهة، عيونهم شرهة.
 كلّهم يطلب الكثير.
ومع ذلك الكثير لا يكفي مهما كَثُر. يجوعون أكثر، خائفون أكثر!
 يحشون بطونهم ولا يكتفون. عيونهم فارغة. ولو أكلوا مصر وشربوا نيلها لا يمتلئون!
الشِبَع حالة روحيّة وليس واقعاً ماديّاً ولا حتى نفسانيّاً. 
الموضوع موضوع رضى وشكران.

ولا رضى ولا شكران لأنّه لم تعد برَكَة.
ثمّ كلٌّ يأكل لنفسه وليس إلاّ القلّة مَن يطعمون غيرهم.
إنْ أَكَلَ الإنسان وحيداً جاع وإن أطعم سواه وتقاسم وإيّاه الخيرات عينَها شَبِعَ أكثر.
 إشباع الآخرين يُشبع صاحبه حتى إلى الامتلاء.
 ألم تكن الأمّهات في أيّام البَرَكة، على هذه الشاكلة؟
كنّ يُطعِمن من الشحّ أولادهن فكنّ يَشبَعن ويُشبِعن أكثر.
 الحبّ يُشبع أكثر من الطعام. طعام الحبّ أدسم وأطيب وأغنى.
 لقد كان الناس، قديماً، يسلكون في الحرص ألاّ يضيع شيء من خيرات الله بينهم
 فكانت الأرزاق تبرك بين أيديهم وتفيض على نحو عجيب.
هكذا نشأت أجيال على عدم التفريط. كسرة خبز واحدة فَرِّطْ بها تَضيع النّعمةُ وتَذهبُ البَرَكة!
علامة الكفر أنّ خيرات الأرض يُتلَف، اليوم، كثيرها حفظاً لأسعار السلع
فيما يموت أقوام جوعاً.


في عالم الاستهلاك ليس مَن يبالي بصون برَكَات الأرض، فائضَها،
وتوزيعِها على الفقراء. الإنسان يُباع، هو وما له، ويُشرى! بات سلعة.
 ليس المهمّ، في وجدان الناس في هذا الدهر، أن يفرح ويساهم ما في الأرض بتهليل.
 المهمّ، في حسابات اليوم، أن يحقِّق الناسُ، بعضُهم بالبعض الآخر، أرباحاً!

لا بَرَكة بعد تُتعاطى. نتداول تراباً، لذلك عالمنا، كيانيّاً،
جائع إلى الحبّ والبَرَكة والفرح وسائرٌ، بسياسة الاستهلاك غير المحدود،
إلى استنفاد طين الأرض، ومن ثمّ إلى عالم يضيق،
 ويتهافت فيه الناس على ما بقي من طعام وشراب ولحم الناس!
والنهاية الآتية الموتُ جوعاً، حتّى إلى الطين. حيث تَنفد البَرَكة تَيبَس الأرضُ لا محالةّ!
 الإنسان يموت جوعاً إلى الله وتالياً إلى الأرض الحلال! 
الإنسان يأخذ الأرض بالعنف والأرضُ تنتقم!


الأرشمندريت توما (بيطار)
رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي
دوما - لبنان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنت العذراء
خادم الرب
خادم الرب
بنت العذراء


عدد المساهمات : 3497
نقاط : 3763
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : فلسطين

سرّ البَرَكة! Empty
مُساهمةموضوع: رد: سرّ البَرَكة!   سرّ البَرَكة! I_icon_minitimeالإثنين يناير 19, 2015 12:44 am

سرّ البَرَكة! 11
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رغدة
نائب المدير العام
نائب المدير العام
رغدة


عدد المساهمات : 15155
نقاط : 19773
تاريخ التسجيل : 10/10/2014
الموقع : لبنان

سرّ البَرَكة! Empty
مُساهمةموضوع: رد: سرّ البَرَكة!   سرّ البَرَكة! I_icon_minitimeالإثنين يناير 19, 2015 9:02 am

سرّ البَرَكة! Images?q=tbn:ANd9GcTUf8LjN9FIEHBbLLLE5Y9KdseiSq5hL9hYWrmGbRxFzpLjwp4u
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
joulia
المدير العام
المدير العام
joulia


عدد المساهمات : 11984
نقاط : 15820
تاريخ التسجيل : 11/10/2014
الموقع : لبنان

سرّ البَرَكة! Empty
مُساهمةموضوع: رد: سرّ البَرَكة!   سرّ البَرَكة! I_icon_minitimeالأربعاء يناير 21, 2015 4:21 pm

سرّ البَرَكة! 45780
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سرّ البَرَكة!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات افا كاراس ومارجرجس بالغابات  :: القسم الروحى :: قسم المواضيع المسيحية المتنوعة-
انتقل الى: