محبة مار جرجس بحل المشكلة
كما دونها أبونا بيشوي
من بين القصص ما حدث منذ زمن حين جاءت فتاة صغيرة تبلغ من العمر عشر سنوات،
جاءت إلى أبينا بيشوي وجلست إلى جواره تسأله سؤالا غريبًا،
تقول فيه:
"هل إذا وجدت نقودًا بالكنيسة وأخذتها، هل هذا حرام؟"
فأجابها أبونا بيشوي بحكمته المعهودة وهو يعرف الطفلة
ويعرف والدها ووالدتها وأخوتها حق المعرفة ويعرف عن الطفلة براءتها
وحبها للكنيسة، لأنها تربت فيها هي وإخوتها... أجابها قائًلا: لماذا
تسألينني هذا السؤال؟ ماذا حدث؟
فقصت له الطفلة قصتها الطريفة جدًا...
فمنذ يومين دخل والدها
في ساعة الظهيرة إلى المنزل وبعد دقائق كان هناك نقاش حاد بين والدها ووالدتها،
علا النقاش حتى إلى الصراخ، وكانت الطفلة ينتابها هلع حينما تسمع بداية المناقشات الحادة،
فالأمر ينتهي دائمًا بالعنف من جهة الأب والصراخ من الأم،
وإن كانت الطفلة هي وإخوتها يدركون شيئًا من هذا إلا أن المناظر التي علقت بأذهانهم
من إهانات وضرب وشتائم كان قد أثر في نفوسهم البسيطة أبلغ الأثر.
كان الموضوع الرئيسي للخلافات، هو المال،
كان الرجل يتهم زوجته بالإفراط في الصرف وعدم التصرف الحكيم،
بينما كانت السيدة وهي طيبة القلب لا تتصرف دون إذن زوجها
إلا في أضيق الحدود المعيشية وحسب الإحتياج،
كان أبونا بيشوي يعرف مشاكلهم ويتدخل لحلها،
وكان يعزي هذه السيدة ويمدها بطاقة في الصلاة للإحتمال والشكر
وكان يقودها إلى الحكمة التي بنت بيتها، وعبًثا حاول أبونا بيشوي مع
الرجل فهو دائمًا مشغول يلتمس لنفسه الأعذار في عدم حضوره للكنيسة،
فكان أبونا يثبت الزوجة في الإيمان من أجل الأولاد ومن أجل سلامة بيتها،
فكانت السيدة تطيع نصائح أبونا وكانت كثيرًا من المشكلات تنقشع وتنتهي قبل أن تبدأ،
لأن الزوجة أصبحت حريصة على تفادي الأمور التي تسبب الإثارة،
فكان أنقضوا أيامهم في شبه سلام دائم،
ولكن ما حدث منذ يومين، أنه كان هناك مبلغ من المال قد حفظه الزوج بالمنزل منذ شهرين،
ولما افتقده أول أمس إذ المبلغ ناقص ثلاثة جنيهات، عدّ الرجل المبلغ مرة أخرى لكي يتأكد،
ثم بدأ يحتد وهو ينادي زوجته ليسألها عن ضياع المبلغ،
كانت السيدة على مدى الشهرين قد احتاجت لبعض الضروريات،
فمدت يدها إلى المبلغ دون علم رجلها بذلك،
وكانت تلتمس فرصة مواتية لتخبره عن ذلك ولكنها نسيت الأمر
أو لم تتسن لها هذه الفرصة، أدركت السيدة حين سمعت صراخ زوجها أن زوبعة عاصفة
على وشك أن تصدم حياتها وأن مشكلة كبيرة تلوح بوادرها من نبرات صوتة الغاضب،
رشمت ذاتها بعلامة الصليب، وصلت رافعة قلبها إلى السماء،
يا رب استر، وطلبت في لحظة حكمة من الأعالي، كيف أتصرف؟
فالتفاهم صعب، والكلام في مثل هذا الوقت غير مقبول، يا مار جرجس أعني، اشفع فيّ، ثم اقتربت إلى زوجها قائلة : ماذا بك قال غاضبًا: الفلوس ناقصة ثلاثة جنيهات، أجابت فورًا دون تفكير أيوه ثلاثة جنيه، أنا أعطيتهم لأبونا بيشوي، لأن أبونا كان قد أوصاها أن تقول عن
أي مبلغ ناقص أنه طرف أبونا بيشوي، ثار الرجل بالأكثر، أبونا
بيشوي مين؟ أنت كاذبة، قالت السيدة بهدوء : أنا هاجيب لك الثلاثة جنيهات حاًلا، إهدأ واسكت، ثم نادت طفلتها قائلة : روحي يا بنت كنيسة
مارجرجس، وهاتي الثلاثة جنيهات من أبونا بيشوي، ثم قالت لرجلها
لا تتكلم ولا تغضب، أسرعت الطفلة خطاها وانطلقت نحو الكنيسة، لابد أن تحضر المبلغ لكي تهدأ العاصفة، وببراءة الطفولة التي كان يزعجه الصراخ والإهانات، راحت تصلي كل الوقت الذي كانت تجري فيه نحو الكنيسة، كان بيتهم يبعد عن الكنيسة نحو عشر دقائق سيرًا على الأقدام، قضتها الطفلة مصلية متشفعة بالقديس مارجرجس، وكأنها كانت منطلقة في مهمة
إنقاذ فلم تلتفت يميًنا ولا شماًلا ولا تعوقت في الطريق ولا تلكأت،
فالموقف لا يحتمل الإبطاء، وبعد دقائق وجدت نفسها في الكنيسة، إنه وقت الظهر، لا يوجد
بالكنيسة صلوات ولا قداسات ولا اجتماعات، لا يوجد سوى
الفراشين، سألت لوقتها بلهفة هل أبونا بيشوي موجود؟
قال لها الفراش أنه غير موجود بالكنيسة، أصابها خوف ونوع من خيبة الأمل،
ولكنها دخلت إلى الكنيسة ووقفت أمام أيقونة مارجرجس تصلي في براءة الطفولة وإيمانها،
ثم التفتت إلى أسفل فوجدت شيئًا غريبًا بجوار رجلها، توجد ورقة مالية، إنه جنيه،
إنحنت والتقطته من الأرض، نعم إنه جنيه ملفوف،
فكته بسرعة وإذ هو جنيهان، بل ثلاثة جنيهات، عجيبة،
أشكرك يا مارجرجس جدًا،
لم تلبث ثوان حتى عادت أدراجها تجري وتلهث،
وفي هذه المرة تصرخ بشكر عجيب، وفرح لا ينطق به،
دخلت إلى والدتها، دفعت الجنيهات ليدها وهي تقول:
اتفضلي يا ماما الثلاثة جنيهات، أخدتها السيدة وسلمتها لزوجها وقالت أتفضل،
آمن واهدأ، لم يرد الرجل جوابًا ولا استفسار عن الأمر فكل ما يهمه أن يكون المبلغ موجودًا،
وتفادت السيدة الغضب والخناق، بعدما هدأ الأمر عادت السيدة تسأل طفلتها ماذا قلت
لأبونا بيشوي قالت الطفلة لم أرى أبونا بيشوي،
إذن ماذا حدث؟ قصت الطفلة لأمها تفاصيل ما جرى، قالت الأم وهي تمجد الله:
يا حبيبتي دي فلوس الكنيسة
ولكن روحي اسألي أبونا هل هذا التصرف الذي تصرفته صحيح
ولا حرام، لهذا بادرت الطفلة إلى أبينا بيشوي تسأله هذا السؤال،
فلما استفسر منها عن مغزى السؤال وحكت له تفاصيل الأمر، قال لها أبونا بيشوي:
يا حبيبتي مارجرجس كان عارف أني سأكون غير موجود بالكنيسة في ذلك الوقت لكي أحل هذه المشكلة، فهو قام بسرعة وحلها أسرع وألقى لك الثلاثة جنيهات تحت أيقونته وأوعز إليك أن تذهبي حيث رسمه، فأيقونة القديس تمثله كصورته، وعندما نتشفع بالقديسين يسمعوننا
ويقدموا لنا المعونة لأنهم خدام المسيح الذي نعبده،
فهذا الأمر الذي فعلت هو عين الصواب، ومش حرام أبدًا،
فرحت الطفلة البسيطة لهذا، وأخبر أبونا بيشوي تفاصيل هذه القصة الطريفة،
فلنمجد الله على أعمال حبه وأنه ممجد مع قديسيه في كل مكان وزمان. +
منقول من الاخت هيلدا عبيد