"عندما تغيب النبوءة في الكنيسة تغيب حياة الله أيضا وتسيطر عليها نزعة الاكليروس المتسلط" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان. استوحى الأب الأقدس عظته من القراءات التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم وقال إن النبي هو الذي يصغي إلى كلمة الله ويعرف كي ينظر إلى اللحظة ونحو المستقبل، هو يحمل في داخله الماضي والحاضر والمستقبل.
في الماضي، تابع البابا فرنسيس يقول، يدرك النبي أهمية وعد الله ويحمله حيًّا في قلبه، يذكره ويكرّره، من ثم ينظر إلى الحاضر، ينظر إلى شعبه ويشعر بقوة الروح القدس ليحمل لشعبه الكلمة التي تساعده على الوقوف ومتابعة المسيرة نحو المستقبل. النبي هو رجل وعد الماضي، تأمل الحاضر والشجاعة للسيرة نحو المستقبل. لقد حافظ الله على شعبه من خلال الأنبياء في الأوقات العصيبة والأوقات التي فقد فيها الشعب شجاعته وبدأ ينهار، عندما دمر الهيكل وسقطت أورشليم بين أيدي الأعداء وبدأ الشعب يتساءل: "لماذا تسمح بهذا يا رب! ماذا سيكون مصيرنا الآن؟"
تابع البابا فرنسيس يقول: لقد راود هذا التساؤل أيضًا قلب العذراء عندما وقفت عند أقدام الصليب. في لحظات كهذه نحن حاجة لتدخل نبيّ، لكن النبي لا يُقبل دائمًا بل يُرفض في غالب الأحيان. وهذا ما يقوله يسوع نفسه للفريسيين بأن آباءهم قتلوا الأنبياء لأنهم لم يتحملوا كلامهم: لقد كانوا يقولون الحقيقة ويذكرونهم بوعد الله. وأضاف البابا يقول: عندما تغيب النبوءة بين شعب الله تغيب أيضًا حياة الرب، عندما تغيب النبوءة تغلب الشريعة، ولذلك نقرأ في الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم بأن الأَحبار وشُيوخ الشَّعبِ دنوا من يسوع وهو يُعَلِّم يسألوه: "بِأَيِّ سُلطانٍ تَعمَلُ هذِه الأَعمال؟ ومَن أَولاكَ هذا السُّلطان؟"، لأنهم لم يفهموا النبوءة ونسوا الوعود! لم يعرفوا كيف يقرؤون علامات الأزمنة، لم يكن لهم عيونًا لترى وآذانًا لتصغي لكلمة الله لأنهم كانوا يبحثون فقط عن السلطة.
تابع البابا فرنسيس يقول عندما تغيب النبوءة تترك مكانًا لتدخل نزعة الإكليروس المتسلط، هذه النزعة عينها التي سأل بها الأَحبار وشُيوخُ الشَّعبِ يسوع: "بِأَيِّ سُلطانٍ تَعمَلُ هذِه الأَعمال؟ ومَن أَولاكَ هذا السُّلطان؟" محوِّلة بذلك الوعود والرجاء إلى حاضر مجرّد من تاريخ الماضي ورجاء المستقبل. فعندما تسود الشريعة، تغيب كلمة الله والشعب الذي يؤمن يبكي في قلبه لأنه لا يجد الرب وتنقصه النبوءة، عندها يبكي الشعب كما بكت حنة أم النبي صموئيل، طالبًا من الله أن يخصبه ويمنحه القوة ليوقظ فيه ذكرى الوعود التي تدفعه برجاء نحو المستقبل. وهذا هو دور النبي! إنه الرجل الذي يفهم الحاضر ويصغي إلى كلمة الله.
وختم الأب الأقدس عظته بالقول لتكن هذه صلاتنا في هذا الزمن الذي نتحضر خلاله لميلاد المسيح: "لا تسمح يا رب بأن ينقص الأنبياء في شعبك، نحن المعمدون جميعنا أنبياء، لا تسمح يا رب بأن ننسى وعودك وبأن نتعب من السير إلى الأمام، وأن ننغلق على شريعة من يغلقون الأبواب، حرّر يا رب شعبك من روح التسلّط وساعده بروح النبوءة ."