كنيسة مريم المجدلية في القدس جبل الزيتون .. تحفة معمارية مقدسة
تعتبر كنيسة القديسة مريم المجدلية من أجمل مواقع العبادة في الأراضي المقدسة، حيث تقع على منحدر جبل الزيتون في قلب حديقة الجثمانية وتطل على بلدة القدس القديمة. لقد تم بناء الكنيسة من قبل قيصر روسيا الإمبراطور الإكسندر الثالث تخليداً لأمه الإمبراطورة ماريا الإكسندروفنا وقد تم تدشينها في العام 1888 في إحتفال حضره الأمير سيرجى الإكسندروفيتش وزوجته الدوقة إليزابيث فيدوروفنا، وينقل عن الحدث أن الدوقة إليزابيث فيدوروفنا ذهلت من جمال المكان ما حداها إلى أن تقول بنوع من النبوءة: "آه، لو كان من الممكن أن أدفن هنا بعد أن أموت!"
وقد حدت الرحلة إلى الأراضي المقدسة الدوقة إلى أن تعتنق المذهب الأورثوذكسي حيث بدأت علاقتها الخالدة مع الكنيسة، فقامت إليزابيث بإحضار إثنين من أشهر فناني روسيا في ذلك الوقت س. إيفانوف وف. فيريشاجيون إلى فلسطين، وتجسد إحدى روائع إيفانوف القديسة مريم المجدلية وهي تروي للإمبراطور الروماني تيبيريوس عن الحكم الظالم بحق المسيح وصلبه، وتحمل القديسة مريم المجدلية في يدها اليمنى بيضة حمراء تمثل إعادة البعث والحياة الخالدة. على يمين اللوحة صندوق خشبي مرصع بمنحوتات خلابة للقديسين والشهداء الذين يحوي الصندوق رفاتهم المقدسة، ويعتقد بأن أحد هذه المنحوتات يعود إلى القديسة مريم المجدلية.
وعلى يسار اللوحة توجد الأيقونة المعجزة للسيدة مريم العذراء والتي أحضرت إلى الكنيسة في العام 1930، حيث كانت موجودة في إحدى كنائس حاضرة مطرانية إلياس في لبنان لعدة قرون، ولكن عندما أتت النيران على الكنيسة دفنت الأيقونة تحت الركام وتحول لونها إلى السواد، إلى أنه وبفعل معجزة، بدأت بالتحول إلى اللون الأبيض خلال رحلتها إلى القدس. في شباط من العام 1905 ترملت الدوقة إليزابيث حيث تم إغتيال زوجها من قبل قاتل محترف، وبعد جريمة القتل أولت إليزابيث جل إهتمامها إلى عملها الديني حيث بنت دير الرحمة في موسكو والذي ضم كنيسة ومستشفى وعيادة للمرضى الزائرين ومدرسة للفتيات اليتيمات، وحيث أمست إليزابيث الأم العظمى للدير والمعلمة للراهبات الـ 17 الذين وهبوا كل وقتهم لزيارة ورعاية المرضى والفقراء والأطفال المساكين. كما أنشأت إليزابيث مستشفى في القدس وشركات تقوم بمساعدة الحجاج الروس على تغطية تكاليف رحلاتهم للحج إلى القدس.
مع نشوب ثورة العام 1917 إنتهت قصة العائلة الملكية في روسيا، ورحلة أليزابيث إلى الإعدام بدأت عندما تم إعتقالها في العام 1918 في اليوم الثالث بعد عيد الفصح حيث تم نقلها إلى خارج موسكو مع راهبة مخلصة إسمها بربارة، وفي عشية الخامس من تموز من العام 1918 تم إلقاء الدوقة إليزابيث فيدوروفنا مع آخرين من أعضاء العائلة المالكة والراهبة بربارة إلى عمق منجم قديم مهجور ليتم قتلهم بالمتفجرات التي ألقيت من بعدهم، وقد روي أن فرقة الإعدام سمعت أصوات ترانبم ملائكية قادمة من عمق المنجم صادرة من حناجر الشهداء.
في العام 1921 تم نقل رفات إليزابيث فيدوروفنا والراهبة بربارة إلى القدس ووضعت في تابوت حجري تحت أقواس كنيسة القديسة مريم المجدلية، وبعد أكثر من خمسين عام على ذلك، في العام 1981 تم تطويبهن كقديسات شهيدات، وتم نقل رفاتهن إلى الجزء الرئيسي من الكنيسة حيث يرقدن اليوم في أضرحة رخامية. هذا المعبد والذي تعتليه خمس قباب ذهبية لايزال إلى يومنا هذا يحتفظ بلقب أحد أجمل معابد القدس.