خطورة الانفصال وإمكانية الرجوع
لقداسة البابا شنودة الثالث
+++++++++++++++
أما أنت يا اخي، فلا تسمح للشيطان أن يفصلك عن الله، ويقتادك خطوة خطوة بعيدًا عنه،
حتى يفصلك تمامًا، ويقطع كل الروابط الروحية التي تربطك بمحبة الرب..
إنما إستيقظ بسرعة إلي نفسك، والتفت إلي خلاصك..
تأكد أنك أنت الخاسر، بإنفصالك عن الله..
إنك بهذا الإنفصال تخسر نقاوة قلبك، وتخسر سمعتك، وتخسر أبديتك.
تخسر الحياة الحقيقية التي هي المتعة مع الله، وتخسر نفسك،
إذ تخسر الأبدية السعيدة وعشرة القديسين. وفي مقابل ذلك لا تحصل علي شيء ههنا.
وكما قال السيد المسيح له المجد:
"ماذا يستفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه" (مت 16: 26).
ماذا تستفيد إن فصلت نفسك عن الله وملائكته وقديسيه،
وأصبح مصيرك هو الظلمة الخارجية في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت (رؤ 20: 15)
ويصدر عليك الحكم الإلهي الذي لا إستناف له..
ولكن الآن ما تزال أمامك فرصة للرجوع إلي الله..
يقينًا إنك لا تستطيع أن تستمر في هذا الإنفصال عن الله.
في قلبك صوت ثائر عليك، يدعوك أنت تصطلح مع الله.
وهو نفسه يريد لك هذا الرجوع. لأن إنفصالك عن الله، ليس هو الوضع الأصيل،
ولا هو القصد الإلهي من خلقك.
أنا أعرف أنك لا بد سترجع..
لن تجد راحتك في هذا العالم المتعب. وحينئذ سترجع إلي الله.
ولعله ستنطبق عليك تلك العبارة الجميلة التي وردت في قصة الفلك إن الحمامة
إذ لم تجد موضعًا لرجليها، رجعت مرة أخري إلي الفلك (تك 8: 9).
والفلك هو سفينة النجاة، التي يدعوك الله إليها..
حيث تكون في أمان من طوفان العالم الحاضر.
لا تنتظر حتى يرسل إليك ضيقة ترجعك، بل أرجع من نفسك حبًا لله،
وحبًا للخير، وحبًا للملكوت الأبدي..
أعرف أن الخطية قد فصلتك عن كل ما هو خير، ولم تقدم لك عوضًا عن ذلك،
فقد خسرت الله بلا مقابل. هوذا بولس الرسول يدعو كل مشتهيات العالم نفاية.
ويقول في معرفته للرب "خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية، لكي أربح المسيح وأوجد فيه"
(في 3: 8) بل يقول أيضًا
"أني أحسب كل شيء أيضًا خسارة، من أجل معرفة المسيح ربي".
جاهد إذن بكل قوتك، لتضع نهاية لهذا الانفصال.
وإن لم تستطع، أصرخ إلي الله، وقل له:
أنا يا رب لا استطيع أن أبعد عنك لحظة واحدة. ولا طرفة عين.
أنت بالنسبة إلي هو الحياة ذاتها. لي الحياة هي المسيح.
أنا إن فصلت عنك أصير ضائعًا بلا هدف، وتصبح حياتي بلا وزن.
وكأني ميت، أولا وجود لي. وجودي الحقيقي هو فيك (في 3: 9).
لا يمكن أبدًا أن أنفصل عنك. وإن انفصلت في وقت ما ثق تمامًا أنه وضع مؤقت،
وغير طبيعي، وأنا لا أريده..
لذلك أرجعني إليك بأية وسيلة.. رد نفسي..
لأنه بدونك لا أعيش. فبك أحيا وأوجد وأتحرك.. (أع 17: 28).
إذا إنفصلت عنك، إنفصل عن القوة والنعمة، وأصبح لا شيء.
أعود ترابًا كما كنت، بل عصافة تذريها الريح (مز 1).
لذلك لا تسمح يا رب أن أنفصل عنك..
رد نفسي، وأهدني إلي سبل البر، لأجل إسمك (مز 23).
لك المجد من الآن، وإلي الأبد اَمين.