العشار والفريسي
لوقا 18: 10-14
يا أحبة ندخل اليوم زمن التريودي نسبة للترنيمات الثلاثة
الي نرتلها في خدمة السحرية بعد المزمور الخمسين .
وهي افتح لي أبواب التوبة ... إلخ وهي فترة ألإستعداد للصوم
واليوم ونحن نتأمل في مثل الفريسي والعشار .
يزكرنا وضع الفريسي بوضع كل منا.
إذ ينبغي علينا الدخول نادمين وتائبين عن خطايانا ،
وطالبين أن يسامحنا ويغفر لنا خطايانا كما غفرنا نحن للمخطئين إلينا ،
إذ بنا ندخل ووجهتنا لقاء الله وعيوننا إليه ولكن عقولنا وأفكارنا تبقى مشدودة للخارج
أو للخلف لمن وراءنا لفلان او فلانة ، أو لمن ينتظرنا من مشاريع
وأهتمامات تشغل بالنا ويأسرنا التفكير بها وحتى ونحن بين يدي الله .
ونتذكر هنا إمرأة لوط حين تحولت لعامود ملح حين شغلت نفسها عن الخلاص
الذي حققه الله لها من دمار سدوم وعمورة. فتترط الحمد والشكر لله المنقذ
لكي تنظر الماضي وما تركته خلفها ، وكأنه الأهم عندها من سماع وصيع الله .
ولهذا تنبهنا الكنيسة لهذاالأمر بالإستعداد للقاء الرب وعندالدورة الكبرى
وزياح القرابين من المذبح الى المائدة، ونقول مرتلين :
( لنطرح عنا كل إهتمامٍِ دنيوي لأننا مزمعون أن نستقبل ملك الكل .)
وهذا يعني المصالحة مع الآخرين ونسيان كل اساءة ،
وعدم انشغال فكرنا واهتماماتنا بأي شيئ لايرضى عنه المسيح .
وان لا يدين بعضنا بعضاً بل ان نحب بعضنا بعضاً.
ان لايكون عندنا اهتمام اكثر من طلب المغفرة من الله .
وان لا نتحول نحن إلى ديانين.
لننتبه لئلا تكون صلواتنا كفرض واجب علينا نمارسته ، لنظن أننا بمجرد الحضور
إلى الكنيسة نكون قد قمنا بالآزم .
هذا ما حصل للفريسي ألذي وقف يتلو أمام الله ما قام به من واجبات دينية
وكله أمل أن ينال لقاء فعلته أجراً من الله . ولكنه لم يفهم أن التوبة التي يطلبها من الله
لا يحصل عليها إن لم يسبقها مغفرة ومحبة الآخر وهذا الآخر اليوم هو هذا العشار الذي لم نحبه .
وكم من عشار في حياتنا لم نحبه حتى الآن .
كيف تقول أنك تصوم وتصلي وتشكر الله وأنت تحتقر غيرك !
كأنما فضائل هذا الإنسان التي يفعلها إنما يفعلها لإشباع غروره ومحبته لنفسه ،
والظهور بمظهر التقي البار .
وضع الفريسي يجعلنا نفكر بوضعنا الحالي !
لنسأل أنفسنا هل نحن نصلي حقاً ؟ أم نمثل دور المصلي أمام الله ؟؟
وهنا المصيبة ، وكأننا نسخر من الله .
نرفع إليه الكلمات وبينما عقولنا مشتته في ملاحظة الآخرين وبإدانتهم
أو نشتمهم بفكرنا ندينهم نحاكمهم ، حتى نثرثر عليهم ونحن نقف أمام الله .
أياكم أن تصدقوا كلام الشيطان حين همس لكم بأنكم صرتم أنقياء
أو أنكم أحسن من هذا أوذاك ، وأن الناس تراكم أنقياء وأتقياء .
إهربوا من كلام المديح ، كما نصلي مع صاحب المزمور
( ليخزوا ويرتدوا إلى الوراء القائلون لي نعماً نعماً ) .
لاتظنوا أن الصلاة والفروض الدينية كالعمل السحري .
لاعدد الصلوات ولا الأصوام ولا الطقوس الكنسية وحدها تصنع مؤمناً تقياً ومباركاً من الله .
تبقى هذه كلها ممارسات فردية وشخصية حتى ولو كنت في وسط الجماعة ،
هذه المشاركات الطقوسية لاتجد كمالها وتمامها ولا تحقق غايتها إن لم نتوجها بالمحبة للآخر
والتواضع والمسامحة والمصالحة مع من نعاديه . فالحياة بالمسيح بدايتها طقوس
ولكن جوهرها ما تحياه مع الآخرين .
لايمكنك ان تحب إن لم تتواضع أمام الآخر .
هناك فرق بين محبة الفقير وبين عمل الخير .
أن تعطي شيئاً وأن تحب شيئاً آخر .
ليس المهم ما تعطيه بيدكَ ، بل الأهم أن تفتح قلبك له وتعطيه بسرور ومحبة
مافائدة الصلاة إن لم تتوج بالخشوع والهدوء ،
ما فائدة الصوم إن لم تزداد محبة نحوالآخر .
قصة هذا الفريسي تعلمنا اليوم أن في حياة كل منا عشاراً صغيراً .
وكم نهدر من الوقت ونحن ندينه ونحاكمه ونثرثر عليه ونحاول أن نلغيه من حياتنا .
ولكن وفي غفلة منا يمكن لهذا الإنسان الذي صنفناه احقر الناس ،
أن يكون هوفي النهاية سبب دينونتنا .
وكم نصرف من ساعات في حياتنا في تصنيف الناس
واصدار الأحكام على الناس وتقديس هذا وادانة ذاك .
بينما ذاك المرذول منا قد يكون سائراً في طريقه مطيعاً لله وعاملاً مشيئته ،
وكهذا العشار يتقدم وينمو بالتوبة الى المسيح ونحن نتخبط واقفين في المكان السيئ نفسه .
يعلمنا إنجيل اليوم أن محبتنا وطاعتنا لله هي بمقدار محبتنا وقربنا من الآخر .
الآخر هو الأخ الضعيف والفقير الذي يحتاج محبتنا وصلاتنا.
هذا ما ختم به الرب كلامه في إنجيل اليوم وقال :
( من رفع نفسه ... أي من تعالى فوق الناس وتكبر عليهم واعطى لنفسه صفة الله الديان
والحق في الحكم على الآخرين ، هذا اتضع في الحقيقة ، بمعني انحدر إلى الأسفل إلى الحضيض ،
ومن اتضع بمعنى تواضع ، هو بالحقيقة إرتفع بالنعمة إلى اللقاء مع الله . )
ازرع يارب فينا محبتك حتى نعرف حدودنا ونتخلى عن غرورنا والأنا المعششة فينا
وندرك ونتعلم أن كل تواضع نقدم عليه ،وكل محبة مهما كانت كبيرة ،
تبقى لاشيئ وتافهة أمام محبتك وتواضعك الرهيب يا الهنا الخالق والمبدع الكل .
نطلب ان تملك على حياتنا وتقودنا بعنايتك لنحيا في رضاك . آمين .
الأب + بطرس الذين
الأحد فبراير 01, 2015 9:31 pm
