اقوال الاباء عن يونان
++++++++++++
توبة أهل نينوى (3: 5-10):
في توبة أهل نينوى تحذير وضعه القديس غريغوريوس اللاهوتي أمام سامعيه هكذا:
[ فلنزرع بالدموع لنحصد بالابتهاج (مز 5:126). فلنُظهر أنفسنا أننا من أهل نينوى وليس من أهل سدوم (تك 19: 23،17). فلنُضمِّد جراحنا لئلا تفنينا. فلنستمع إلى كرازة يونان لئلا نؤخذ بالنار والكبريت](12).
+ «فقام عن كرسيِّه وخلع رداءه عنه وتغطَّى بمسحٍ وجلس على الرماد» (يونان 6:3):
أليس هذا مثالٌ جيد للقيادة؟ نذكر هنا ما قاله القديس أغسطينوس:
[ إن الحاكم يخدم الله من جهته كإنسان، وكذلك من جهته كملك. فمن جهته كإنسان يخدم الله ويحيا حسب الإيمان. أما من جهته كحاكم فيخدمه كملك بأن يبذل الجهد الضروري لسنِّ القوانين التي تأمر بالصلاح وتُحرِّم الشر. فعلى هذا النحو خدم الملك حزقيَّا الرب، فقطَّع السواري وكسَّر التماثيل وأزال المرتفعات التي أُقيمت ضد وصايا الله (2ملوك 18: 4). ويوشيَّا أيضاً خدمه حين صنع مثل تلك الأعمال (2ملوك 23: 20،4). وهكذا فعل ملك نينوى حين أخضع كل المدينة لكي تُرضي الرب](13).
+ «وليتغطَّ بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا إلى الله بشدة» (يونان 8:3):
يقول القديس يوحنا ذهبي الفم:
[ أهل نينوى استفادوا من دواء الصوم، وفازوا أمام الرب بتأجيل الحُكْم. البهائم مع الناس صاموا، حتى أن كل الكائنات الحية صارت تكفُّ عن الأفعال الرديئة. هذه الاستجابة الجماعية فازت برضا إله الكل](14).
+ «وخرج يونان من المدينة وجلس شرقي المدينة» (يونان 4: 5):
في تفسيره لسفر يونان، يرى القديس كيرلس الكبير أن يونان توقَّع هلاك نينوى، فيقول:
[ مضت الأيام التي قيل إن تلك الأمور ستحدث فيها، بينما غضب الله لم يأخذ مجراه، ففَهِمَ يونان أن الله تحنَّن على نينوى. وحتى هذا الوقت لم يفقد الرجاء (في تحقيق قول الرب إنه سيهلك المدينة)، وظن أن هناك تأجيلاً للحُكْم أعطاه الله لهم حين رأى إرادتهم (الظاهرة في أعمالهم) للتوبة، لكن خاف أن يأتي بعض من هذا الغضب، حيث إن أتعاب توبتهم لا تكفي تعدِّياتهم. وإذ فكَّر هكذا في نفسه، ترك المدينة وانتظر ليرى ما يحدث لهم. ويبدو أنه توقَّع إما أن تسقط بهزَّة أرضية، أو تُحرَق بالنار مثل سدوم](15).
أما القديس أغسطينوس فيقول:
[حين صنع يونان لنفسه مظلة وجلس خارج مدينة نينوى، منتظراً أن يرى ما يحدث لها، فقد اتخذ النبي موقفاً ذا معنىً مختلف. كان رمزاً لشعب إسرائيل الزمني، لأنه كان حزيناً على الحفاظ على أهل نينوى! كان محبطاً من فداء وخلاص الأمم! ولكن جاء المسيح لكي يدعو «ليس أبراراً بل خطاة إلى التوبة» (لو 5: 32).
أما ظِلُّ اليقطينة على رأسه فكان رمزاً لوعد العهد القديم. فإن ناموس العهد القديم قد استُعلن، كما قال الرسول: «ظِل الأمور العتيدة» (كو 2: 17؛ عب 10: 1).
لقد أقام الله ظلاًّ واقياً من حرارة الشرور الوقتية في أرض الموعد. ولكن الدودة جاءت في الصباح، وأكلت اليقطينة وأجهزت عليها كلها. لأن البشارة السارة حين انتشرت بفم المسيح، ذبلت كل تلك الأمور (أي الشرور والطرق الرديئة والظلم) وذويت.
كان الظل يرمز إلى الغِنَى الزمني للإسرائيليين. ولكن الآن فَقَدَ هذا الشعب مملكة أورشليم وكهنوتهم والذبيحة. كل هذا كان ظِلاًّ للمستقبل. لقد تشتتوا بعيداً في أسرٍ وتألموا بسيل من الآلام، تماماً كما تألم يونان بشدة من حرارة الشمس، كما هو مكتوب. ولكن خلاص الشعوب التائبة هو أفضل من ألم يونان ومن الظل الذي أحبه](16). +
(1) يونان هو تصوير رمزي ونبوي للمسيح، فقط في بعض نواحي أعماله؛ مثل مكوثه ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ في بطن الحوت، رمزاً لبقاء المسيح ثلاثة أيام في القبر.