+بقدر ما تطلب راحة وتعزية في هذا العالم الوقتي فأنك لن تجدهما.
لأن الرب وحده الذي يستطيع ان يمنح السلام والتعزية للنفس بنعمته.
كما قال:
"سلاماً اترك لكم. سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم"
(يو 27:14) .
فكّر أين وبأية لذة أرضية ستجد السلام والتعزية؟
وأين ستجد الهدوء الداخلي والفرح الدائم؟
ربما في المجد؟
لكنك اليوم تكون مكرّماً وغداً ستكون مهاناً.
" كلّ مجد الإنسان كزهر الحقل. يبس العشب وذبل الزهر" (اش 6:40-7).
أو ربما في الغنى؟
فإنه لا يمنحك السلام والراحة فقط ، بل العكس اهتمامات كثيرة وقلق وعدم الأمان نهاراً وليلاً.
فالبشر يحسدونك ويكرهونك، وأنت أيضا لست راضٍ بما تملك
لأنك تريد أن تملك كل شيء وأكثر مما لديك، ناسياً أنه لن يبقى لك شيئا من غناك.
قال الغني
"قد بلغتُ الرّاحة وسآكل الآن من خيراتي وهو لا يعلم كم يمضي
من الزّمان حتّى يترك ذلك لغيره ويموت" (حكمة سيراخ11: 19)
و " كما خرج من بطن أمه عريانا يرجع ذاهبا كما جاء
ولا يأخذ شيئا من تعبة فيذهب به في يده....
في كل شيء كما جاء هكذا يذهب فأية منفعة له للذي تعب للريح. "
(جا14:5-16).
لا تنس أيضا بأن الغنى يصبح سبباً لخطايا كثيرة وسقطات مميتة، كما يؤكد الرسول
" الذين يريدون أن يكونوا أغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة
غبيّة ومضرة تغرّق الناس في العطب والهلاك."
(ا تمو 9:6).
ولهذا السبب صرخ الرب مرة بألم
" ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله...
مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله "
( مر 23:10،25).
فماذا تُفضل؟ الغنى الوقتي أم ملكوت الله؟.
ألعلك ستجد الهدوء والراحة في اللذات الجسدية؟
كلا ولن تجده هناك أيضاً.
إن الخطيئة الجسدية – تعرفها جيدا أذا جرّبتها – يرافقها مرارة داخلية
وعبئاً نفسياً وعذاباً للضمير.
وعندما لا تبالي النفس أخلاقياً، عندئذ يأتي الهجران الكامل عن الله
والعبودية الكاملة لمحبة اللذة. فلا يوجد هوىً يستعبد الإنسان بقسوة مثل هذا الهوى.
وبعد أن يستعبده يلد داخله كل الشرور التي لا تحصى:
قساوة القلب، عدم الإحساس، الكسل، التجديف، الغضب وأخيراً عدم الإيمان الكامل.
إن كلمة الله لا تؤثر في قلوب محبيّ اللذة
لأن أشواك الهوى تغرق كل زرع جيد يسقط بداخله.
ويفسّر السيد مثل الزارع قائلا :
" والذي سقط بين الشوك هم الذين يسمعون ثم يذهبون فيختنقون
من هموم الحياة وغناها ولذّاتها ولا ينضجون ثمرا " (لو 14:8).
فإن لم تكن الراحة لا في المجد، ولا في الغنى، ولا في اللذّة.
فأين ستجد الراحة؟
لنسمع ما يقوله المزمور
" يعبر الإنسان حقا كالخيال، لا بل إنه باطلا يقلق نفسه....
والآن ما الذي أنتظر؟ أليس الرب"
(مز 6:38-7).
ليكن الرب – الرحوم والرؤوف والطويل الأناة، الكلي الصلاح والمحب البشر
اله السلام، اله التضرعات، عريس نفسك، الذي يناديها بعشق
" ها أنت جميلة يا حبيبتي ها أنت جميلة.... هلمي وانظري إلى رأس أمانة "
(نشيد الإنشاد 8:4-1) –
رجائكَ، املكَ، فرحكَ وراحتكَ الدائمة.
إحفظ يا أخي في قلبك كلمات الرب التي قالها لمرثا كثيرة الاهتمامات
" مرثا مرثا أنت تهتمّين وتضطربين لأجل أمور كثيرة، ولكن الحاجة إلى واحد.
فأختارت مريم النصيب الصالح الذي لا ينزع منها" (لو 40:15-42).
فاترك أنت أيضاً الإهتمامات المعيشيّة.
وإجلس بتواضع (تحت أقدام يسوع) وأرح نفسك بحرارة حضوره الإلهي.
فهذا يكفيك.
فهل يوجد غناً أعظم ومجداً أعظم ولذةً أعظم من هذا؟
من كتاب المبادئ الروحية للقديس ذيمتريوس رستوف
الثلاثاء فبراير 10, 2015 12:12 am
