ثياب الحملان
----------
قال السيد المسيح وهو يحذر تلاميذه من اليهود في أيامه
"يأتونكم بثياب الحملان، وهم ذئاب خاطفة"
(متى : 7/15)
* أي يأتونكم بمظهر الطيبة والوداعة والمسالمة، وهم عناصر عنيفة فتاكة
تشبه الذئاب التي تخطف...
فما هو المعنى الحقيقي لثياب الحملان هذه
وفي أي المواقف يمكن أن تنطبق؟
* يمكن أن ينطبق هذا الوصف علي العدو الذي يلبس ثياب الأصدقاء...
أو علي الخاطئ الذي يتظاهر بالبر...
ويمكن أن ينطبق علي المرائين الذين قال عنهم السيد المسيح
إنهم يشبهون القبور المبيضة من الخارج وفي داخلها عظام نتنة...
* أن تعبير "ثياب الحملان"
يمكن أن ينطبق أيضا علي الرذائل التي تلبس ثياب الفضائل
وعلي الأخطاء التي تتسمي بغير أسمائها.
* إن الخطيئة التي تغري الأشرار وهي مكشوفة وصريحة
لا تستطيع أن تحارب الأبرار والقديسين هكذا
لأنها لو ظهرت لهم بوجهها الصريح لرفضوها.
* لذلك فإن الشيطان حينما يحاربهم بخطية معينة، قد يلبسها ثوب الفضيلة
أو يعطيها إسما يريح الضمير!
وهكذا يضل غير الحكماء وغير العارفين
ومثل هذا التضليل يمكن أن يكشفه المرشد الروحي إذا ما عُرض عليه...
* وهذه الأسماء المستعارة التي تلبسها الخطية
قد يستخدمها أشخاص يعرفون تماما أنهم مخطئون، ولكنهم يخفون أخطاءهم بثياب الحملان
حتى لا يخجلوا أمام الآخرين، وحتى لا ينكشفوا.
* إن ثياب الحملان قد يقع فيها البعض عن طريق الجهل وعدم الخبرة
وقد يستخدمها البعض بأسلوب الخداع أو الرياء.
* وأمثال هؤلاء المرائين:
إن استطاعوا أن يخدعوا غيرهم ، إلا أنهم مكشوفون أمام الله فاحص القلوب والأفكار والنيات
ومكشوفون أيضا أمام ضمائرهم...
وقد يكشفهم الناس كما يقول الشاعر:
ثوب الرياء يشفّ عما تحته .. فإذا التحفت به فإنك عار
على أن هؤلاء المرائين. قد يسهل بهم الاستهتار أحياناً إلي أن يتهكموا علي البسطاء
لكي ينطوي عليهم الخداع.
* وثياب الحملان يستخدمها العقل أحياناً لتبرير سلوك النفس:
إن العقل لا يكون في كل وقت عقلاً صرفاً، أو مفكراً في الحق تفكيراً سليماً..
وإنما كثير ما يكون العقل خادما مطيعا لرغبات النفس...
يحاول أن يبرر شهوات هذه النفس، وأن يبرر سلوكها
حتى لا تبدو مدانة أمام الضمير..
وهكذا يعطي الخطايا والنقائص أسماء مقبولة غير أسمائها الحقيقية.
* وسنحاول أن نضرب لذلك بعض الأمثلة:
أحيانا المتدينون يظهرون أمام الناس بثياب الحملان بتقواهم وبكثرة صلواتهم
وأنشطتهم الكثيرة ، وهم يخفون داخلهم الذئاب التي لها نيات أخرى كثيرة
كجمع المال والسعي نحو السلطة وحب الظهور....الخ
فتتبدد بتصرفاتهم الرعية.
* كذلك قد تلبس الشهوة الجسدية ثياب الحملان، وتتسمي باسم الحب!
والحب كلمة جميلة في معناها السامي تنال توقير الجميع...
ولكن هل كل ما يسمونه حباً، هو حب في حقيقته؟
* وثياب الحملان قد تدخل أحياناً في بعض مجالات النصب
علي عقول بعض البسطاء أو غير المتعلمين، وبخاصة في الأرياف..
وما أكثر الأسماء المستعارة التي تلبسها أخطاء الناس:
* فالدهاء أو المكر أو الخبث، قد يتسمي بالذكاء أو بحسن التصرف!
والإسراف قد يأخذ اسم الكرم
والتهكم أو المزاح الردئ، قد يسمي باسم خفة الدم !
والشتيمة والانتقاد المرّ والكلام الجارح ضد المسؤلين، يسمونها كلها باسم الإصلاح..
والتعصب الردئ قد يأخذ اسم الغيرة المقدسة والتمسك بالدين.
* وأحياناً يسمي الكذب بالكذب الأبيض لإخفاء حقيقته
* وثياب الحملان قد يلبسها البعض في معاملاتهم للآخرين:
فقد يسلك إنسان بأسلوب من التملق والنفاق، فإن عاتبته علي ذلك
يقول لك إن هذا لون من الحنكة، أو من الحكمة، أو كسب الأصدقاء!
بينما يستطيع أن يصل إلي ذلك بغير تملق.
ومن ناحية أخري. قد يلبس ضعف الشخصية ثوب الطيبة والوداعة:
* وتحت اسم الطيبة قد يتلف أب أولاده.
وقد يتلف رئيس أو مدير كل الهيئة التي تحت إدارته
لكونه يسلك بتساهل معيب يسميه الوداعة!
* والمفروض أن يكون الإنسان لطيفاً في غير ضعف، وحازماً في غير عنف
وقد يعاقب ويكون طيب القلب في معاقبته، كما قد يعفو ويكون حازماً خلال عفوه...
وهكذا تكون الشخصية المتكاملة..
** ليتنا إذن نواجه الحقائق واضحة وصريحة، ولا نسمي الأمور بغير أسمائها
لكي نستطيع أن نعيش الحقيقة
وهذا ما حذرنا منه يسوع لننتبه من دهاء البشر
في نفس الوقت لا نقع نحن ونلبس ثياب الحملان .
** نصحح أنفسنا أولا قبل نصح الآخرين .
لان ثياب الحملان تحاول أن تخفي فينا العيوب دون إصلاحها..!
منقول