مجموعة من الأطفال يتحدثون عن موضوع تاريخي، فخرج طفل وروى قصة من الخرافة والخيال لدرجة لم يصدقه معها باقي الأطفال، فبدأوا بالسخرية منه والضحك عليه، ولكنه قال لهم "والدي قال لي القصة" وكان الإحراج والخجل واضحاً جداً على وجهه الطفولي البريء.
أذكر أيضاً قصة حصلت معي في المدرسة قبل 20 عاماً تقريباً، عندما خرج أحد الطلاب في الصف وكان مطلوباً منه التحدث عن البتراء، فروى قصصاً غريبة عجية لم يذكرها التاريخ، من كون الشياطين كانت تحرس مدخل السيق إلى ما غير ذلك من استخدام الزئبق الأحمر لشق الصخور في الماضي، المعلم وكأسلوب حوار معتمد في ذلك الزمان ضرب الطالب ثم سأله "من أين هذه المعلومات؟"... فقال له "إن والدته أخبرته بذلك أثناء تحضير الدرس".
حتى هذا اليوم أذكر وجه زميلي المنكسر في المدرسة، ولأن قصة الطفل الأولى جديدة فما زلت أذكر وجهه المحرج جيداً، ولكنهما بريئان من كل السخرية التي تم توجيهها لهما، والأولى أن يتم توجيه النقد والاستهزاء لذلك الأب والأم اللذين لا يستخدمان عقلهما قبل نقل المعلومة إلى ابنهما، فيتوارثان الخرافات ويجعلان أبنائهما محط سخرية الأخرين من دون اهتمام بذلك.
هي رسالة إلى كل أب وأم، توقفا عن التبعية العمياء وتصديق كل قصة تقال لكما، توقفا عن لعب دور المنوم مغناطيسيّاً في هذه الحياة، عن دور المتفرج الذي يروي قصص أفلام الرعب والخيال العلمي بسرعة قبل التفكير... ليس من أجلكما، بل من أجل أبنائكما، فرجاءً فكّرا، ورجاء تدبّرا...باختصار "نظّفا عقليكما".