مثل أرملة قاضي الظلم كمثل كلام الانجيل
يحمل للوهلة الأولى صورة
أقل و أبسط للسائرين في بداية الطريق ..
لكنه يحمل ما هو أعمق و أعمق بكثير ..
التفسير العميق يرتفع بالصلاة الى مستوى عميق جداً نخوض فيه اليوم ..
" وَكَانَ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ. وَكَانَتْ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَةً: أَنْصِفْنِي مِنْ خَصْمِي!. "
الأمر هنا يفوق بالطبع الحديث عن خصومة على حق ضائع أموال أو أرض ..
فهذه الأرملة لها خصم يجور عليها جوراً فائقاً
"وَكَانَ لاَ يَشَاءُ إِلَى زَمَانٍ.
وَلكِنْ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ فِي نَفْسِهِ:
وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَخَافُ اللهَ وَلاَ أَهَابُ إِنْسَانًا
فَإِنِّي لأَجْلِ أَنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ تُزْعِجُنِي، أُنْصِفُهَا، لِئَلاَّ تَأْتِيَ دَائِمًا فَتَقْمَعَنِي!»."
الوضع هنا يظهر أن المسألة ليست خلافاً على اموال
بل مسألة تهدد حياة الأرملة بالخطر
" قَالَ الرَّبُّ:
«اسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْمِ.
أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ، الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَارًا وَلَيْلاً، "
نحن أخذنا المثل دوماً على أهمية اللجاجة ..
لكن المعني يتضح جداً من كلمة " مختاريه " و "ينصفهم " ..
من هم هؤلاء المختارين و تأملهل لهم أعداء ؟؟
يقول مار اسحق " لاتطلب الحقيرات من العظيم لئلا تهينه "
فهل يطلبون أموراً مادية ؟؟
مستحيل !! فهذا لا يتفق مع كلمة "صارخين "
فهذا المختار الذي يفهم الله يستحيل أن يصرخ لأجل طلب مادي ..
لكن صراخ المختار يكون لأمور تختص بالحياة الأبدية
"وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟ "
هل التمهل هنا بقصد أن يزيدوا الصلاة ؟؟
لا طبعاً فالله متمهل بطبعه لأنه طويل الآناة ...
تمهل الله يختص بأمور هو يعرفها و ليس لأمور خاصة بنا
كأن نتعلم الصلاة أو نزيد اللجاجة ..
أما المختارون فانهم يشتكون ليلاً و نهاراً من عدو وحيد هو الشيطان
الذي يشتكي عليهم ليلاً ونهاراً ...
الله يتهمل و لكنه "ينصفهم سريعاً " كيف هذا ؟؟
تمهل الله يشمل العمر كله حتى توضع في القبر ...
لكن كل مرة تصرخ لله سواء بالليل أو النهار يكون هناك استجابة
بأن يعطيك الرب الروح القدس روح الحياة الأبدية كلها
لكي تطمئن و تفرح و تأخذ تعزية كاملة
ينتهي المثل بآية
" وَلكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟ "
فالمثل يختص بالحياة الأبدية ..
فنحن مطالبون بألا ينقص ايماننا و لا نفتر نهاراً و ليلاً لينقذنا من العدو .....
لا لأن الله يحتاج لجاجتنا كأنه قاض ظالم
بل لأن هذه هي طبيعة الدهر
كما قال الأباء القديسون أننا سائرون كل يوم بين اللصوص الروحيين
ومعرضين للسرقة في كل حين
الله يستجيب لصلاتك ..
فان صليت ليلاً يستجيب نهاراً
و ان صليت نهاراً يستجيب ليلاً ..
هكذا نصرخ ليلاً و نهاراً و هو يستجيب ليلاً و نهاراً
الى ان نبلغ الوطن الآخر ..الوطن السماوي
أبونا متى المسكين