أحــــــد التجـــــربـــــة
" ثم أصعد يسوع إلى البرية من الروح ليجرب من أبليس ... " ( مت 4 : 1 )
" ثم " أى عقب عماد مخلصنا الرب يسوع ، " أصعد يسوع "
هناك عدة عوامل اشتركت فى اصعاد يسوع إلى البرية لم تذكر
وأول هذه العوامل هى مسرة الله الآب فى أن ينزل ابنه إلى العالم
متجسدا ليتألم بكل صنوف الآلام والتجارب ليخلص العالم
إذ ترنمت الملائكة ليلة ميلاد أبنه قائلة :
" وبالناس المسرة "
والعامل الثانى هو مسرة الأبن نفسه كقول الرسول :
" يسوع الذى من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزى "
( عب 12 : 2 ) .
والعامل الثالث هو أن يكون مجربا مثلنا كما يقول الرسول :
" من ثم كان ينبغى أن يشبه أخوته فى كل شىء لكى يكون رحيما
ورئيس كهنة أمينا فى ما لله حتى يكفر عن خطايا الشعب
لأنه فيما هو قد تألم يقدر أن يعين المجربين "
( عب 2 : 17 ، 18 ) .
كل هذه العوامل دفعت الرب يسوع لأن يصعد إلى البرية بقيادة الروح القدس
لمحاربة الشيطان وكسر شوكته وتخليص البشر الذين سباهم يوم كسر آدم وغلبه فى الجنة
أما المقصود بالروح هنا فهو الروح القدس .
" فبعدما صام أربعين نهارا وأربعين ليلة جاع أخيرا "
( مت 4 : 2 ) .
صام مخلصنا كما صام موسى وإيليا
ولكنه لم يكن صوما لكباح شهوة لأنه " أخذ كل ما لنا ما عدا الخطية "
" قدوس بلا شر انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات "
ليس بحاجة إلى شفافية تساعده على الأتصال بالله لأنه هو والآب واحد
وليس فيه ما يفصل بينه وبين أبيه
لأنه فى كل حين يعمل إرادة أبيه .
ولكنه صام لأنه " يجب أن يكمل كل بر "
... صام مخلصنا وبصومه أكمل كل بر لأنه بصومه هذا
فى البرية فى حربه مع الشيطان قد أكمل ما عجز البشر عن صوم نظيره
إذ صام الصوم الذى أختاره الله كما قال قديما بلسان أشعياء النبى :
" أليس هذا صوما أختاره .... " أش 58 : 6
صام المسيح ليجرب من أبليس فكسره فى البرية ودحره دحورا
كمقدمة لكسرته النهائية على الصليب :
" ومحى الصك الذى علينا فى الفرائض الذى كان ضدا لنا وقد رفعه من الوسط
مسمرا إياه بالصليب إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارا ظافرا بهم فيه "
( كو 2 : 15 ) .