اليوم الرابع
تأمل في الثالوث الاقدس والقديس يوسف
لقد كان مار يوسف موضوع حب وانعطاف الثالوث الاقدس فالاب والابن والروح القدس
قد غمروه بنعمهم وقد راينا بأعجاب العلائق السرية التي كانت بين البار وبين كل اقنوم
من الاقانيم الالهية اما اليوم فلنتأمل بصلته العامة بالثالوث الاقدس .
اله واحد في ثلاث اقانيم هذا هو سر ايماننا العظيم وقبلة احترام وسجود وحب الملائكة والبشر .
الله الاب خالق كل مايرى وما لا يرى . الله الابن مخلص العالم ، الله الروح القدس مقدس العالم .
اقانيم ثلاثة يتميز بعضهم من بعض وهم مع ذلك اله واحد ابدي ثادر على كل شيء .
لا يستطيع عقل مخلوق ان يدرك سر الثالوث الاقدس . فاننا نؤسن بوجوده ولكننا لن نراه ولن
نعرفه الا بنور المجد الابدي . ويعلمنا الايمان ان هذا السر هو كل عجائب الطبيعة والنعمة
وانه لا شئ على الارض يقدر ان يطلعنا على عظمته غير المحدودة .
ومع ذلك فان الحكمة الالهية شاءت ان ترسم لنا صورة من كمالات هذا السر المهيب .
فقد اوجدت ما بيننا ولخلاص الجنس البشري عائلة مؤلفة من اقانيم ثلاثة حاملي الذكر
في اعين الناس لكن سكان السماء كانوا ينظرون اليهم بعين الاحترام والاندهاش .
ثالوث ارضي وهم يسوع ومريم ويوسف . يسوع ابن الله ومخلص العالم . ومريم
ام ابن الله وملكة الملائكة والبشر ، ويوسف ممثل الله على الارض عريس مريم وابو
يسوع بالذخيرة . تلك هي عائلة الناصرة عائلة الله وعائلة يوسف النجار معاً . عائلة
لا ند لها ، موضوع رجاء وتعزية البشر . مثال وخلاص كل عائلات الارض .
وفي وسط هذه العائلة المقدسة قد اكتمل سر اتحاد اللاهوت بالناسوت . مابين هذه
ولد مخلص الجنس البشري ونما تحت ظل ام عذراء مباركة بين النساء وظل رجل
بار محط اسرار السماء . ذاك المخلص المسجود له ، ابن الله الوحيد ، هو ابن مريم
حقا وهو ايضا ابن يوسف . فقد حمله على ذراعيه وضمه الى قلبه ورآه مدة ثلاثين
سنة يشتغل بصحبته اشغالا وضيعة يشاطره محنه يقاسمه خبز اتعابه ويكرمه اكراما
لا نهاية له لم يكن البشر ليعرفوا قيمته .
اجل ان العائلة المقدسة هي الثالوث الارضي هي صورة كاملة للثالوث السماوي المتحدة
اقانيمه اتحادا جوهريا وكما تربط الاقانيم الالهية ربط متبادل لا يوصف في المبدأ والمجد
والقدرة . كذلك بين اقانيم الثالوث الارضي علائق متقابلة في الانتخاب والوظائف والقدرة
والمحبة . في السماء الاقانيم الالهية منجذب بعضها الى بعض والخلائق منجذبة اليها طرا
بعواطف الحب . ليتم اندماجها في الوحدة الالهية . وعلى الارض اعضاء العائلة المقدسة
تسكن سوية ، تتبادل علامات الاكرام والخضوع والحب ، مقدمة لمجد الله كل افكارها واقوالها
واعمالها ، جامعة في تقدماتها لله اكرام جميع البشر المفتدين بالسر الالهي الذي جمعهم . ويوسف
هو راس تلك العائلة الكريمة . فكخطيب مريم وابي يسوع ومربيه له الحق بان يدبر الام وولدها
ويبلغهما اوامره الابوية ! يا للاعجوبة ! الا يا ايها المؤنون كيف لا ياخذكم الاندهاش لدى وقوفكم
على امجاد مار يوسف وسجاياه ؟ واذا اسعدكم الحظ بان تدعوا ابناءه فتهيؤا دلالا واطربوا فرحا
لما حباه الله من نعم لا توصف بلسان ولا تحصى بقلم اكرموه كما اكرمته مريم ، احبوه كما احبه
يسوع لتكن هذه الاسماء الثلاثة <<< يسوع ومريم ويوسف >>>احلى من شهد العسل في
شفاهكم واطبعوها في اعماق قلوبكم .
خبر
في سنة 1863 توجهت راهبات معروفات باخوات الفقراء الى اسبانيا ليفتحن فيها ملجأ للعجائز
والشيوخ . فقبلهن الشعب بمظاهر الفرح والسرور فوضعن مشروعهن تحت حماية مار يوسف .
وفي ابتداء الامر لم تتمكن الراهبات من ادخال الرجال في الملجأ فاكتفين بادئ ذي بدء بالعجائز .
وفي صباح ذات يوم دخل اليهن شيخ له من العمر نحو ثمانين سنة وقال لهن بانه اتى بنية ان
يمكث عندهن . فاجابته الرئيسة بان المحل ضيق وليس في وسعها ان تقبل الرجال . اما الشيخ
فاعلن انه يدعى يوسف وانه لن يخرج من بيتهن . فتعجبت الراهبات وكان ذلك اليوم الاربعاء
المخصص للقديس يوسف . فبعد التداول والاستشارة عزمت الراهبات على قبول ذلك الشيخ
اكراما للقديس يوسف وامرت الرئيسة احدى الراهبات بان تخرج حالا وتستعطي له الثياب
اللازمة بينما هي تهتم بتنظيفه . وبينما هن على تلك الحال اذا بجرس الباب يقرع ودخلت
سيدة مجهولة حاملة ثيابا كاملا للرجال . فحدث عن فرح الشيخ وعن دهشة الراهبات وشكرهن
للقديس يوسف , ومنذ ذلك اليوم اخذ ذلك الملجأ يتوسع وصار يحوي اكثر من مائتي شيخ فقير
يلاقون فيه كل ما يرغبونه من اعتناء حسن وهدوء وسلام وخصوصا الاستعداد اللازم لميتة صالحة
فيا ما احلى اسم يوسف ويا ما اطيبه .
اكرام
كل مسيحي ملتزم بتأدية السجود اللائق للثالوث الاقدس مع عواطف الشكر والحمد والمحبة .
فلا تتركن يوما يعبر ما لم تقدم للثالوث الاقدس الاكرام الواجب سيما عند رسمك اشارة الصليب
الذي يذكرك بهذا السر العظيم . ولا تنسى ان تهنئ مار يوسف على ما حازه من نعم فياضة من
لدن مراحم الثالوث الاقدس وبما ان هذا القديس الجليل هو راس العائلة المقدسة فلا تهمل ان
تضع عائلتك تحت حمايته .
صلاة
ايها الاب الجليل والشفيع القدير انني عندما اتلفظ باسمك الحلو اشعر في قلبي بفرح وعذوبة
لا يوصفان فاسمك يا مار يوسف هو صلاة بفمي اذا لفظته باحترام وثقة بنويين وبه انال كل
ما ارغبه من مراحم العلي . فانعم علي بان اترنم باسمك الكريم طول حياتي حتى يضحي
تقويتي وتسليني عند ساعة موتي ويكون لي بمثابة ورقة مرور للسماء آمين .