اليوم التاسع
-----------------
تامل في ذهاب العائلة المقدسة الى المنفى
----------------------------------------------------------
إن الحادث الذي نتأمل به اليوم تتجلى فيه فضائل مار يوسف باجلى مظاهرها . أن يسوع وان لم يكن مدينآ بحياته لمار يوسف لكنه اضحى مدينآ له بصيانتها من خطر الموت ونجاتها من غضب هيرودس الملك . فهو اذن بالحقيقة مخلص العالم، يالنعت فاق سائر النعوت !
كان هيرودس ملكا على اليهودية لما قدم المجوس ليسجدوا لملك اليهود الجديد مولود بيت لحم . فقلق لهذا النبأ وجزم ان يهلك مزاحمه غير المنتظر .فأمر بقتل جميع اطفال بيت لحم. ظانأ بذلك انه يتخلص من ملك لم يكن في الحسبان
لم يكن يوسف ومريم يعلمان هذا الامر المشؤوم لكن السماء كانت ساهرة على حياة يسوع وسرعان ما تداركت امر خلاصه من غضب هيرودس .لعمري كيف ينجو يسوع من السيف المصلت على رأسه؟ هل يرسل الله ملائكته للدفاع عنه؟ كلا !
هل يلهم الملوك المجوس لياخذوه معهم الى بلادهم ؟ كلا ! هل يعهد بأمر نجاته الى مريم امه ؟ كلا ! بل ان يوسف وحده يقوم بهذه المهمة الخطرة والعظيمة الأهمية.
فبينما كان يوسف نائمآ اذا ملاك الرب تراءى له في الحلم قائلآ له : قم فخذ الصبي وامه واهرب الى مصر وكن هناك حتى اقول لك فان هيرودس مزمع ان يطلب الصبي ليهلكه ياللاقوال المحرجة ياللوحي المهول والمحزن ! بل قل ايضا ياللشرف الفريد ليوسف النجار ؟ انها لمهمة في غاية الاهمية ابلغه اياها احد امراء البلاط السماوي اوفده العلي ليكلمه باسمه فماذاقال له : خذ الصبي وامه . ما اسعدك يا ابن داود وما اعظم مقامك بعد ان أوتمنت على كنزين هما اثمن ما في السماء وما على الارض. وذلك احرج زمن من حياتهما واكثره خطرآ ؟ اليك عهد امر خلاصهما من يد المقتال ؟ خذ الصبي والصبي على كونه ابن الله والمساوي له في الجوهر. فهو ابنك بالذخيرة ايضا وامره يخصك دون سائر الخلائق .عليك ان تحاميه حين هو ضعيف . خذ والدته فخر اورشليم الارضيى ةالسماوية. هي البتول المباركة بين النساء . هي ام ابن الله وهي ايضا خطيبتك وامرها منوط بك فعليك ان تعزيها في احزانها رحماك يا يوسف ان الصبي على وشك الهلاك والسيف الذي يضربه يطعن قلب امه. الا خلصهما كليهما من مخاليب النمر المفترس عليك يعتمد الله . وعلى فطنتك وتفانيك يتكل تمام الاتكال . ولكن ماذا يفعل يوسف لئلا يخيب ثقة هذه عظمتها في زمن اهتزت لحراجته اركان السماء خوفا على وحيد العلي ؟ فقل له الملاك
اسرع لا تتماهل ، شد الرحال حالآ الى مصر اهرب اليها .فقام يوسف للحال وقد ارتعدت فرائصه من الخطر المحيق بالطفل وامه. وفي منتصف الليل الدامس. دون تردد ولا اعتراض ولا تشك قام ووجهته طريق مصر ارض المنفى سار وهو عالم بوعورة الطريق واخطاره الجمة وبما سيلاقيه من محن وشدائد ولكن الله امر ويوسف اطاع. تأملي يا نفسي بيوسف وهو يسير تارة في وسط ظلمات حالكة واخرة يصعد جبال اليهودية الصعبة المرتقى واونه يقطع صحراوات رملية وحينآ يصادف طرقا مجهولة وهو وحده مع عذراء ضعيفة وطفل ليس له من العمر سوى بضعة ايام. كم من اتعاب؟ كم من اوصاب ؟ كم من مخاوف اعترضت رئيس هذه القافلة المسكينة؟ من يمكنه ان يصف احزان قلبه عندما كان ينظر الى مريم وهي تضم الى قلبها حبيبها ووحيدها الذي حاول هيرودس ان يثكلها اياه ؟ اجل انه لمنظر يفتت الاكباد الصخرية وانها لحالة تمزق القلوب الجلمودية حزنآ واشفاقى على ام وطفل عاديين فكيف بطفل عجيب وهو موضوع تنهدات الاباء وحسرات الانبياء ورغبات الشعوب بطفل هو خلاص العالم وموضوع مسرات السماء ووحيد الاب الازلي ولا ملجا له انذاك سوى حضن بتولي لم بتول ولا محامي له سوى مرب فقير اعزل اجل أي لسان يمكنه ان يصف حزن يوسف ؟ أي حسرات لم تخرج من صدره وايه عبرات حارة لم يسكبها خفية طيلة المسافات الشاسعة التى قطعها والحزن قد اخذ من قلبه كل ماخذ ؟
ايتها النفوس التقية رافقي بالروح هذه العائلة المهاجرة وتعجبي من طاعة رئيسها وخضوعه ومما بذله من حنان والدي وشفقة نحو الطفل ووالدته ! قدمي له عبارات التعزية والتفجع وتعلمي منه الخضوع التام لاوامر العلي ما بين شدائد ومحن تنتابك من حين واخر ما دمت انت في هذا المنفى
خبر
-------
ان سر هرب العائلة المقدسة الى مصر مازال يشغف النفوس العابدة .فقد تاملته واشبعته درسا واجتنت منه فوائد جليلة . وما من وصف مؤثر لهذا السفر كالذي وصفه القديس الفونس ليغوري بقوله انه ما من احد يستطيع ان يصف احزان يوسف في اثناء هذا السفر لانه كان يلاحظ تعب خطيبته القدوسة غير المتعودة السير ، والم الطفل الذي كان هو ومريم يتراوحان حمله . ما اصعب ما كان ذلك السفر في قر الشتاء ! وما اشد ما كان فزعهما من ملاقاة جنود هيرودس الظالم ! واويلي هل كان قوتهما غير كسرة خبز يابس كانت معهما او كانا يتسولانها في المنازل 1 اين كان يقضيان ليلتهما الا تحت ظل شجرة او في بطن مغارة او هي الارض الجرداء كانت منامهما والسماء لحافهما . يقول مار بونا ونتورا ان اوجاع هذا السفر دامت مدة طويلة لانه كان على العائلة المقدسة ان تجتاز المراحل الطويلة التي اقام فيها بنو اسرائيل مدة اربعين سنة قبل دخولهم ارض الميعاد . ان القافلة المجدة في السير كانت تقطعها في خمسة عشر يومآ ربما قطعتها العائلة المقدسة في اكثر من شهرين .
اكرام
--------
اقصد ان تلتجي الى مار يوسف في جميع شدائدك وان تتخذه قائدك في اسفارك ومحاميا لك في اخطار النفس والجسد التي لايبعد ان تحيق بك وصلي لأجل المسافرين والاولاد البعيدين عن اهلهم
صلاة
--------
ايها القديس الجليل ان الحياة على هذه الارض الفانية ليست سوى سفر تتهدده دائمآ اخطار وعراقيل هيرودس الجهنمي . لذلك فاني اسلمك نفسي وجسدي لتقيهما مخاطر الحياة وتنجيهما من حيل ابليس اللعين الذي يسعى ليل نهار ليهلكني . اسهر علي ايها الاب الحنون والشفيع القدير ولا تتركني حتى تراني قد وصلت الى ميناء الخلاص وهناك اسبح معك مراحم الهي على الدوام