نصوم لنلقى وجه السّيّد. (4)
الصّوم هو عيش العدالة على الأرض، والتي لا تتحقّق إلّا مع الفقراء والجياع والمعوزين.
فالإمساك عن الأكل هو الاشتراك مع إخوتنا في جوعهم وعوزهم وضعفهم، اشتراكاً حسّيّاً وملموساً،
جسديّاً وروحيّاً. فحبّذا لو نحيا هذه العدالة بشكل مستمرّ فنشترك مع إخوتنا بكلّ ما لدينا،
كما نشترك جميعاً في جسد الرّبّ دون استثناء.
إنّ المسيح افتقر لأجلنا، أفلا نفتقر من أجل الإخوة؟
نحن لا نحسن إلى إخوتنا عندما نقدّم لهم ممّا عندنا وإنّما نمنحهم حقّهم،
فما نملكه هو عطيّة الله لنا ولا ينبغي أن نحجبها عن الآخر المحتاج.
إنّ المسيحيّين الأوائل كانوا يشتركون معاً في كلّ شيء لأنّهم كانوا مدركين أنّ الحياة في المسيح هي عيش الشّركة في داخل الجسد الواحد. "
وكان المؤمنون كلّهم متّحدين، يجعلون كلّ ما عندهم مشتركاً بينهم، يبيعون أملاكهم وخيراتهم ويتقاسمون ثمنها على قدر حاجة كلّ واحد منهم.
وكانوا يلتقون كلّ يوم في الهيكل بقلب واحد، ويكسرون الخبز في البيوت،
ويتناولون الطّعام بفرح وبساطة قلب، ويسبّحون الله، وينالون رضى النّاس كلّهم.
وكان الرّب كلّ يوم يزيد عدد الّذين أنعم عليهم بالخلاص." ( أعمال الرسل 2/44-47).
لسنا إخوةّ بالرّوح بيسوع المسيح وحسب وإنّما نحن إخوة بالدّم، دم يسوع المسيح.
وعلى الإخوة أن يبذلوا ذواتهم في سبيل بعضهم البعض،
ويتشاركوا مع بعضهم البعض حتّى يزيد الرّبّ عدد المنعم عليهم بالخلاص.
وإذا كنّا لا نملك الكثير فلنمسك عن الطّعام ونشترك معهم في جوعهم.
" إن كنّا لا نستطيع أن نصوم إلى العشاء فلنشارك الضّعفاء ونصوم إلى السّاعة التاسعة أو إلى نصف النّهار على الأقل، وإنما لا نأكل باكراً وهذا لا يحتاج إلى قوّة جسد. (مار إسحق السّريانى ).
أهّلنا أيّها المسيح الحبيب، يا من فدانا بموته فأحيانا،
أن نتخلّى عن كلّ شيء في سبيل أن نربحك.
أعطنا ربّي أن نحيا أخوّتنا كما أردتها بل كما علّمتنا أن نحياها.
فنكون على مثالك تلاميذاً طاهرين لسيّد كامل بالحبّ.
ربّي أزل منّا نزعتنا إلى التّمسّك بمقتنايات العالم،
وثبّت فينا حضورك البهيّ حتّى نغتني من كنوز ملكوت حبّك.
أنت وحدك الّذي يليق بك كلّ مجد وإكرام، مع أبيك وروحك الحيّ القدّوس
من الآن وإلى الأبد. أمين.
منقول :مادونا عسكر