نصوم لنلقى وجه السّيّد. (6)
الصّوم دعوة للوقوف أمام الضّمير بشجاعة، فغالباً ما يخاف الإنسان من مواجهة ضميره.
هي دعوة للمصالحة مع الله فنتصالح مع الإنسان، كلّ إنسان.
تتطلّب مواجهة الضّمير شجاعة وصدق مع الذّات، وثقة بأنّ رحمة الرّب لامتناهية وأنه ينتظر منّا خطوة حتّى يفتح ذراعيه لنا ويحتضننا بكلّ رحمة ورأفة.
كثيراً ما نعتقد أنّنا مخلصون بإيماننا وأنّ أعمالنا الجيّدة كافية ليرضى الله عنّا،
وغالباً ما نعثر لأسباب بسيطة كانت أم عسيرة.
وكثيراً ما يشدّنا العالم بقيوده فيقيّدنا ويجرّنا إلى تشويه صورتنا الّتي على مثال الرّبّ،
فنبتعد عن النّور ويتهشّم قلبنا بالظّلمة، ونخاف أن نعود إلى الأحضان الإلهيّة.
" تعالوا إليّ يا مثقلي الأحمال وأنا أريحكم"، يقول السّيّد،
ويعني بذلك كلّ الأحمال الّتي تتعبنا وأهمّها أثقال الضّمير، وأعباء النّفس.
فأعباء الحياة مهما كانت صعبة ومضنية لا تساوي شيئاً أمام ثقل الضّمير.
لذا قبل أن يقول الرّبّ للمخلع: " قم واحمل فراشك وامش"، قال له: " يا ابني مغفورة لك خطاياك".
( مرقس 2/5). إنّ ثقل الضّمير يطرحنا على فراش الموت الرّوحيّ،
فلا نعود قادرين على الانطلاق بحرّيّة أبناء الله. وألم النّفس لأعظم وأشدّ من ألم الجسد لأنّه يعطّل صلتنا بالرّبّ ويبعدنا عنه.
ولكي نقف بصدق وشجاعة أمام ضميرنا، لا بدّ أن يكون المسيح مرآتنا، حتّى نرى جليّاً كلّ ما يضلّلنا وكلّ ما يجنح بنا إلى طريق أخرى غير تلك الّتي يريدها هو.
فلنتشجّع ونلمس طرف ثوب المسيح كما لمسته المرأة النّازفة وسط جموع كثيرة، ونقرّر اليوم أن نعود إليه كما الابن الضّال ونقتات من خبزه الفائض،
ونتحدّى الخطيئة ونهتف كما الأبرص: " إن شئت يا ربّ فأنت قادر أن تطهّرني. فالرّب صالح للّذين يتّقونه، إنّه الأمين.
أيّها المسيح الحبيب، كن ضميرنا الحيّ.
وليفض نورك المبهر في قلوبنا ونفوسنا حتّى لا نعاين إلّاك يا من أنت الطّريق ولا نحيا إلّا كلامك يا من أنت الحياة، ولا تخدعنّ أضاليل العالم يا من أنت الحقّ.
ربّي صغار نحن، فامسك بأيدينا وقدنا إلى حيث تشاء،
ضعفاء نحن فزدنا إيماناً، أنت الذي يليق بك كلّ مجد وإكرام وحبّ مع أبيك وروحك الحيّ القدّوس، من الآن وإلى الأبد. أمين.
منقول : مادونا عسكر