نصوم لنلقى وجه السّيّد. (13)
قد يشعر الجسد بالوهن والتّعب في الصّوم، إلّا أنّ رؤية وجه المسيح الحبيب هي الغاية الفضلى.
لذلك ينبغي أن نتشدّد حتّى ننتصر على الجسد.
والانتصار على الجسد لا يعني إهماله بل الوعي بأنّه لا يمكن الاتّكال عليه كلّيّاً. " الرّوح نشيط وأمّا الجسد فضعيف" يقول الرّبّ في ( متى 41:26).
من خلال الصّوم نروّض حاجات الجسد ونتحرّر تدريجيّاً من القيود الّتي تحول بيننا وبين العالم المعدّين له، عالم الأبد.
كما أنّنا نتغلّب على كبريائنا وتتضّح لنا حاجتنا الأبديّة لحضور المسيح فينا،
ألا وهي الكلمة الّتي خرجت من فم الله، والخبز النّازل من السّماء.
إنّ الخبز يسدّ حاجتنا الجسديّة وحسب،
وأمّا الخبز النّازل من السّماء فهو القوت الّذي يغذّي فينا شوقنا إلى المسيح، وبالتّالي إلى اكتمال إنسانيّتنا الّتي تعكسها لنا صورته البهيّة.
نحن لا نفهم إنسانيّتنا إلّا بالنّظر إلى المسيح،
ولا ندرك بهاءنا وجمالنا إلّا بقدر ما نتّحد بالمسيح، فنفهم دهشة الله يوم نظر إلى ما صنعه وقال: هذا حسن جدّاً. كما أنّ حضور المسيح فينا يجعلنا ندرك درجة التّشويه الّتي تسببه لنا الخطيئة،
الّتي هي رفض الحبّ الإلهيّ ونبذه. " كلّ من هو مولود من الله لا يفعل خطيئة لأنّ زرعه يثبت فيه ولا يستطيع أن يخطئ لأنّه مولود من الله". ( يوحنا الأولى 3/9).
وهذا الزّرع الّذي فينا، زرع الحبّ الإلهيّ، يملأ كياننا بكلّه فلا يعود من مكان للخطيئة.
أيّها المسيح الحبيب، تعال واسكن فينا أبداً،
املأنا منك حتّى الأعماق. خذ منّا كلّنا، واجعل أنفاسنا تعبق بأنفاسك العطرة.
ربّي اجذبنا إليك أبداً واشبع جوعنا إليك بفيض حبّك اللّامتناهي،
أنت وحدك الّذي يليق بك كلّ سبح ومجد وإكرام مع أبيك وروحك الحيّ القدّوس،
من الآن وإلى الأبد.
أمين.
منقول : مادونا عسكر