نصوم لنلقى وجه السّيّد. (14)
" مرتا، مرتا، أنت تهتمّين بأمور كثيرة ، والمطلوب واحد ". ( لو 42،41:10)
نعيش في عالم يضجّ بالأصوات المتصاعدة من هنا وهناك.
تصمّ آذاننا وتبعث القلق في قلوبنا والاضطراب في نفوسنا. نحيا قلقين،
حاملين هموم اليوم والغد ومنهمكين في تأمين كلّ ما يلزم لنحيا بكرامة،
لا بل نطمع بالحياة المرفّهة والّتي غالباً ما تشتّتنا ضوضاؤها فيزيد صممنا، وتبهرنا أضواؤها فتعمي بصائرنا عن الحقيقة.
فلا نعود نسمع إلّا صوت رغباتنا ولا نرى إلّا أهدافنا الفانية.
في داخل كلّ منّا مرتا ومريم، وقد تتغلّب مرتا علينا لشدّة انهماكنا بأمور كثيرة.
وقد يعتقد البعض أنّ ما يطلبه الله هو التّخلّي عن الاهتمام بأنفسنا أو بمستقبلنا أو بتحقيق ذواتنا.
مع أنّ الله خلق الإنسان وحثّه على النّمو: " انموا واكثروا ".
وهذا لا يعني نموّ النّسل البشري وحسب، وإنّما يشمل أيضاً التّطوّر الفكري والنّفسي والرّوحي في سبيل تقدّم الإنسانيّة وبلوغ كمالها.
ليس المطلوب أن نهمل أنفسنا أو مهام حياتنا اليوميّة والسّعي الدّؤوب إلى التّقدّم والنّجاح.
وإنّما المطلوب واحد وهو النّصيب الّذي اختارته مريم،
وهو الجلوس عند أقدام الرّب حيث ملء الحياة.
أيّها المسيح الحبيب، نصوم وننقطع عن العالم ونجلس أبداً عند أقدامك لتكون كلمتك أساساَ لحياتنا.
ننطلق من عمقها وقدسيتها فتمسي حياتنا ثابتة لا عثرة فيها.
أيّها السّيّد الحبيب، لنا نصيب واحد في هذه الحياة وهو أنت.
فتجذّر فينا واسكن أعماقنا وزدنا محبّة بك وإيماناً.
أنت الّذي يليق بك كل سبح ومجد وحبّ وإكرام، مع أبيك وروحك الحيّ القدّوس.
الآن وكلّ أوان وإلى دهر الدّاهرين.
أمين.
مادونا عسكر